الكاظمي يتهم «جهات إرهابية» باستهداف أبراج الطاقة

الطائرات المسيرة تدخل على خط «أزمة الكهرباء» في العراق

العراق يستخدم طائرات مسيرة لحماية ابراج الكهرباء من الاستهداف (واع)
العراق يستخدم طائرات مسيرة لحماية ابراج الكهرباء من الاستهداف (واع)
TT

الكاظمي يتهم «جهات إرهابية» باستهداف أبراج الطاقة

العراق يستخدم طائرات مسيرة لحماية ابراج الكهرباء من الاستهداف (واع)
العراق يستخدم طائرات مسيرة لحماية ابراج الكهرباء من الاستهداف (واع)

في تحول مفاجئ على صعيد التعامل مع الطائرات المسيرة التي تتجول في سماء العراق منذ سنتين، أعلنت الحكومة العراقية عن دخول هذه الطائرات على خط أزمة الكهرباء في البلاد لحماية أبراج الطاقة، بعد استهدافها مع بدء ارتفاع درجات الحرارة. الطائرات المسيرة كانت على مدى السنتين الماضيتين يقتصر استخدامها إما باستهداف القوات الأميركية من قبل فصائل مسلحة قريبة من إيران، أو باستهداف ألوية ومقرات وشخصيات تابعة لـ«الحشد الشعبي» من قبل جهات مجهولة يتهم خصوم الولايات المتحدة في العراق إسرائيل بالدرجة الأولى في استخدامها.
لكن الآن ومع الارتفاع الحاد في درجات الحرارة في العراق، وسط تحذيرات من «هيئة الأنواء الجوية» من بلوغها خلال أيام 50 درجة مئوية، بدأت جهات إرهابية على حد وصف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي باستهداف أبراج الطاقة الأمر الذي أدى إلى تراجع حاد أحيانا في مستويات تجهيز الطاقة الكهربائية. وخلال ترؤسه اجتماع المجلس الوزاري للأمن الوطني، أعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عن نجاح حكومته بالوصول إلى «مرحلة جيدة على صعيد تجهيز الطاقة الكهربائية»، مبيناً أن «هناك استهدافاً متكرراً ومقصوداً لأبراج الطاقة في عدد من المحافظات يؤثر في ساعات تزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية وهو ما يؤثر سلباً».
ورغم أن الكاظمي لم يعلن عن تسمية جهة معينة باستهداف أبراج الطاقة، غير أن قوله إن الاستهداف مقصود يعني أنه يلمح إلى جهات تمثل خصومة دائمة معه، بينما تحمل وزارة الكهرباء العراقية تنظيم «داعش» استهداف تلك الأبراج. وفي الوقت الذي لا يستبعد المراقبون السياسيون إمكانية دخول «داعش» على خط أزمة الكهرباء كجزء من عمليات إثبات وجودها، فإن الخلافات السياسية وعمليات التسقيط المتبادل دخلت هي الأخرى على هذا الخط، وبعضها بهدف إحراج الحكومة من قبل خصومها السياسيين لكي لا يحسب ذلك نجاحا لها لا سيما أن موسم الانتخابات على الأبواب.
ومثل عمليات استهداف الطاقة الكهربائية، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة عملية حرق المحاصيل الزراعية للهدف ذاته حيث كانت حكومة الكاظمي أعلنت عن الاكتفاء الذاتي من محصول القمح هذا العام وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة. وفي محاولة للحد من عمليات استهداف أبراج الطاقة، فقد أدخلت الحكومة العراقية الطائرات المسيرة على خط حماية هذه الأبراج ومعرفة الجهات التي تستهدفها. ومما يضاعف من إمكانية أن يكون تنظيم داعش هو أحد المتورطين في استهداف أبراج الطاقة، كون معظم الأبراج التي تم استهدافها هي تلك التي تقع بين محافظتي كركوك وصلاح الدين وهي المناطق التي ينشط فيها هذا التنظيم.
وعلى صعيد متصل أعلنت وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية إلقاء القبض على 9 إرهابيين بينهم امرأة في كركوك. وذكر بيان لخلية الإعلام الأمني أمس (الخميس) أنه «استمراراً للجهود المتواصلة لملاحقة العصابات الإرهابية والخلايا النائمة ضمن قواطع المسؤولية، إذ تمكنت مفارز وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية من إلقاء القبض على 9 إرهابيين من بينهم امرأة».
وأضاف البيان أن «المعتقلين هم من المطلوبين وفق مذكرات توقيف حسب أحكام المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب وذلك لمبايعتهم للعصابات الإرهابية وحملوا السلاح وقاتلوا ضمن صفوف داعش ويقومون بنصب السيطرات الوهمية، فضلا عن تقديم الدعم اللوجيستي من مواد غذائية ووقود».
إلى ذلك، أصدرت محكمة جنايات الكرخ/ الهيئة الثالثة، حكما بالإعدام بحق 13 مداناً بجريمة انتمائهم إلى عصابات داعش الإرهابية. وقال المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى إن «الإرهابيين اعترفوا بعزمهم القيام بعمليات إرهابية في شهر رمضان من عام 2019 كما اطلعت المحكمة على قائمة بأسمائهم في الحاسبة العائدة لعصابات داعش الإرهابية إضافة إلى أسلحة وهويات وأختام مزورة ضبطتها القوات الأمنية بحوزتهم».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.