«حرب الظل» الإسرائيلية على «النووي» الإيراني تزداد تعقيداً

التلفزيون الإيراني يعرض صالة لأجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز بعد تعرضها لانفجار في أبريل الماضي (أ.ب)
التلفزيون الإيراني يعرض صالة لأجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز بعد تعرضها لانفجار في أبريل الماضي (أ.ب)
TT
20

«حرب الظل» الإسرائيلية على «النووي» الإيراني تزداد تعقيداً

التلفزيون الإيراني يعرض صالة لأجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز بعد تعرضها لانفجار في أبريل الماضي (أ.ب)
التلفزيون الإيراني يعرض صالة لأجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز بعد تعرضها لانفجار في أبريل الماضي (أ.ب)

زادت حرب الظل الإسرائيلية على المنشآت النووية في عمق الأراضي الإيرانية تعقيداً، بعد الهجوم الذي أعلنت إحباطه طهران أول من أمس، قبل أن تكشف مصادر إسرائيلية عن إلحاق أضرار كبيرة بالمصنع المنتج أجهزة الطرد المركزي. وتأكدت المعلومات عن استخدام طائرة درون في تنفيذ أحدث عملية على مركز محاط بسرية تامة في ضواحي العاصمة طهران.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أن الهجوم جرى بطائرة صغيرة من دون طيار واستهدف أحد مراكز التصنيع الرئيسية لإنتاج أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في منشأتي فردو نطنز النوويتين، بحسب مصدر إيراني مطلع على الهجوم، ومسؤول استخباراتي كبير.
وقال مصدر مطلع لـ«نيويورك تايمز»، إن الطائرة المسيرة أقلعت على ما يبدو من داخل إيران، من موقع غير بعيد من الموقع المستهدف، وإنها أصابت المبنى. إلا أن المصدر لم يكن لديه علم بما إذا كان الهجوم أسفر عن أضرار، حسب الصحيفة.
قبل ذلك بساعات، ألمحت وسائل الإعلام إلى دور إسرائيلي في ضرب المنشأة الإيرانية، وقالت، إنها تستخدم لصنع مكونات من مادة الألمنيوم التي تستخدم في تركيب أجهزة الطرد المركزي. وأفادت «القناة 13» للتلفزيون الإسرائيلي، بأنه في أعقاب الهجوم على مدينة كرج الإيرانية، لحقت أضرار بالمصنع الذي ينتج شفرات الألومنيوم لأجهزة الطرد المركزي التي تخصّب اليورانيوم. وأفادت القناة بأنه «بذلك، تم إلحاق المزيد من الضرر بالبرنامج النووي الإيراني أيضاً».
ولم تتحدث القناة عن الجهة التي تقف خلف الهجوم على المنشأة الإيرانية، لكنها أشارت إلى تقارير تفيد بأن إسرائيل من تقف وراءه، وقالت «إذا ما صحت هذه التقارير، فإن الحديث يدور عن هجوم هو الأول الذي تنفذه إسرائيل في عهد الحكومة الجديدة برئاسة نفتالي بينيت، ورئيس الموساد ديفيد برنياع». وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن الجهات الإيرانية التي نشرت تقارير عن هذا الهجوم لم تنسبه إلى إسرائيل.
ومن جانبها، ذكرت «جيروزاليم بوست»، أن العملية التخريبية أسفرت عن أضرار جسيمة، على الرغم من النفي الإيراني. وربطت وسائل إعلام بين الموقع الذي حددته إيران، وبين معلومات سابقة كشفت عنها منظمة «مجاهدين خلق»، في 2011، عن موقع يدعى «طابا» لتصنيع أجهزة الطرد المركزي الإيرانية.
بدورها، لفتت «نيويورك تايمز»، إلى أن مصنع أجهزة الطرد المركزي المستهدف، والمعروف باسم «شركة تكنولوجيا الطرد المركزي الإيرانية» أو «تسا»، كان ضمن قائمة الأهداف التي قدمتها إسرائيل إلى إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في أوائل العام الماضي. ولم تعلق الحكومة الإسرائيلية على الهجوم أمس.
وفي قائمة الأهداف التي وضعت على طاولة ترمب، بحسب مسؤول استخباراتي كبير، الهجمات على موقع تخصيب اليورانيوم في نطنز واغتيال نائب وزير الدفاع لشؤون الأبحاث، محسن فخري زاده. واغتالت إسرائيل فخري زاده في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهز انفجار ضخم مصنع نطنز في أبريل (نيسان) التالي؛ مما ألحق أضراراً بعدد كبير من أجهزة الطرد المركزي.
ويأتي الهجوم بينما تقاوم إيران مطالب من أطراف الاتفاق النووي في محادثات فيينا الجارية منذ مطلع أبريل، بتدمير أجهزة الطرد المركزي التي طورتها طهران ودخلت عجلة التخصيب بعدما تخلت عن التزامات الاتفاق النووي في 2019 رداً على العقوبات الأميركية.
وتريد إيران أحياء الاتفاق النووي، دون تدمير الأجهزة وتخزينها بدلاً من ذلك، في محاولة لتحقق مكسب نووي من المباحثات.
في وقت سابق من هذا الشهر، قال الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، إن أضرار الهجوم الأخيرة على منشأة نطنز، بلغت عشرة مليارات دولار، وخلال حملة الانتخابات الرئاسية، انتقد المرشح محسن رضائي عدة مرات ما وصفه بـ«التلوث الأمني»، ودعا إلى عملية «تطهير أمني». وأكد المسؤولان تعرض الأرشيف النووي الإيراني للسرقة من موقعين في طهران، وذهب أحمدي نجاد إلى أبعد من ذلك، وزعم سرقة وثائق مركز الفضاء الإيراني، وأصر في أكثر من مناسبة على وجود اختراق أمني كبير.
وذكرت وكالة «نور نيوز» تابعة للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن أجهزتها الأمنية أحبطت «عملاً تخريبياً» ضد مبنى تابع لمنظمة الطاقة الذرية في ضواحي مدينة كرج، مشيرة إلى عدم إلحاق أضرار دون الكشف عن اسم المنشأة. وأشار تقرير لوكالة «نور نيوز» والتلفزيون الإيراني إلى أن «الإجراءات المتخذة لحماية الأماكن العائدة إلى منظمة الطاقة الذرية» أتاحت «تحييد» العملية «قبل أن تضّر بالمبنى، ولم يتمكن المخربون من متابعة مخططهم.
وفي الساعات الأولى حذف وكالتا «إيلنا» و«دانشجو» خبراً حول تعرض مجموعة «بركت» لإنتاج الأدوية وتنتج لقاحاً لفيروس كورونا بهذا الاسم وهي تابعة لشركة «لجنة الإمام» من شركات مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، قبل أن تتناقل مواقع إيرانية معلومات عن الهجوم على مقر تابعة لمنظمة الطاقة الذرية. وأعلنت رئيسة تحرير وكالة «إيلنا»، فاطمة مهديني، أن الحذف جاء بناءً على طلب جهاز أمني، وبعدما اتضح أن الهجوم بجوار مجمع «بركت».
ومع ذلك. أفادت وكالة «مهر» شبة الرسمية، عن مصدر مطلع «أن درون صغيرة كانت تنوي القيام بهجوم تخريبي على مجموعة منظمة الطاقة الذرية في ضواحي طهران، لكنها لم تكن موفقة في الهجوم وأسقطت في نهاية الأمر».
ونفي مصدر مطلع من قاعدة الدفاع الجوي «خاتم الأنبياء» في تصريح لوكالة «إيسنا» الحكومية أن يكون الهجوم بطائرة درون كبيرة. وتأتي الحادثة بعد أيام من تعطل مفاجئ لمحطة بوشهر للطاقة النووية، أدى إلى فصلها عن شبكة الكهرباء.
قبل أسبوعين من الحادث، كشفت قناة «فوكس نيوز» عن صور التقطها القمر الصناعي «اينتل لاب» في يناير (كانون الثاني)، ويرصد أنشطة «مشبوهة» في موقع سيجريان، شرق طهران.
وكان الموقع السري موضعاً يشتبه في الماضي بأنه يصنع «مولدات موجات الصدمة»، وهي أجهزة تسمح بتصنيع سلاح نووي مصغر. وكشفه جهاز الموساد الإسرائيلي للمرة الأولى، بعد أن حصل على وثائق سرية من أرشيف إيران النووي عام 2018، يفصل برنامج «آماد» الذي كانت تطور فيه إيران سلاحاً نووياً قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إنها تخلت عنه عام 2003.
وقال مسؤول في البعثة الإيرانية للأمم المتحدة لاحقاً، إن الصور تظهر معدات وضعت لتصوير مسلسل تلفزيوني.



تركيا: إلغاء الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام اوغلو خلال مؤتمر جماهيري استعداداً للانتخابات التمهيدية لمرشح الرئاسة لحزب الشعب الجمهوري في أرزينجان شرق تركيا (من حسابه في «إكس»)
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام اوغلو خلال مؤتمر جماهيري استعداداً للانتخابات التمهيدية لمرشح الرئاسة لحزب الشعب الجمهوري في أرزينجان شرق تركيا (من حسابه في «إكس»)
TT
20

تركيا: إلغاء الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام اوغلو خلال مؤتمر جماهيري استعداداً للانتخابات التمهيدية لمرشح الرئاسة لحزب الشعب الجمهوري في أرزينجان شرق تركيا (من حسابه في «إكس»)
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام اوغلو خلال مؤتمر جماهيري استعداداً للانتخابات التمهيدية لمرشح الرئاسة لحزب الشعب الجمهوري في أرزينجان شرق تركيا (من حسابه في «إكس»)

ألغت جامعة إسطنبول الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. وقالت إنها سترسل جميع المعلومات والوثائق المتعلقة بقرارها إلى مكتب المدعي العام في إسطنبول ومجلس التعليم العالي.

وفي أول تصريح له، وصف إمام أوغلو، عبر حسابه في «إكس»، القرار بأنه «غير قانوني»، مضيفاً: «ليس لديهم السلطة لاتخاذ مثل هذا القرار، تقع السلطة حصرياً على عاتق مجلس إدارة كلية إدارة الأعمال». وتابع: «إن يوم محاسبة أولئك الذين اتخذوا هذا القرار أمام التاريخ والعدالة قريب، لا يمكن إيقاف مسيرة أمتنا المتعطشة للعدالة والقانون والديمقراطية... لا خلاص لك إذا سرت وحيداً».

وأعلن القرار بينما كان إمام أوغلو يستعد لتناول الإفطار، مساء الثلاثاء، مع إحدى الأسر في إسطنبول، وتحدث عقب الإفطار، قائلاً إنه لا يهتم بهذا القرار، وسيواصل عمله، لكن المؤشر الخطير لهذا الأمر هو أن هذه الحكومة يمكنها أن تنتزع حق أي إنسان وأن تأكل حقوق العباد وتستولي على ممتلكاتهم بلا تردد أو خجل. ولم تذكر جامعة إسطنبول اسم إمام أوغلو، الذي يعد من أبرز منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان على رئاسة تركيا، في بيان أصدرته، عقب اجتماع لمجلسها الثلاثاء، لكنها ذكرت أنه في عام 1990، وفي انتهاك لقرارات مجلس التعليم العالي والشروط التي يسعى إليها التشريع، تم إلغاء شهادات 28 شخصاً انتقلوا إلى برنامج اللغة الإنجليزية في كلية إدارة الأعمال بشكل غير قانوني على أساس «الغياب» و«الخطأ الواضح».

قرار أولي

كما جاء القرار بينما بدأ إمام أوغلو جولة في الولايات التركية استعداداً للانتخابات التمهيدية التي سيجريها حزب الشعب الجمهوري، الذي ينتمي إليه، لاختيار مرشحه لرئاسة الجمهورية، وكان هو المرشح الوحيد في هذه الانتخابات، التي ستجرى يوم الأحد المقبل.

ولكي يكون الشخص مرشحاً للرئاسة في تركيا، يجب أن يكون حاصلاً على مؤهل عالٍ.

ولدى إمام أوغلو طرق للاستئناف ضد قرار الإلغاء، وسيلجأ محاموه إلى المحكمة الإدارية للطعن على القرار، وإذا أصدرت المحكمة قراراً غير مناسب، يحق له الاستئناف أمام المحكمة الإدارية الأعلى، ومن ثم أمام مجلس الدولة.

وفي تصريح سابق قال محامي إمام أوغلو، محمد بهليوان، إنه في حالة إلغاء الشهادة فسوف يتقدمون بطلب إلى المحكمة الدستورية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إذا لزم الأمر.

دعم كبير وتحقيقات متعددة

وأعلن رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، دعمه لإمام أوغلو، قائلاً: «السيد أكرم ليس الجاني هنا، لكن الإجراء المتخذ سياسي وليس قانونياً، سنقدم أوضح رد سياسي على هذه العملية السياسية، نواصل مسيرتنا بعزم، سنكون جميعاً عند صناديق الاقتراع معاً يوم الأحد، نحن ندعم أكرم إمام أوغلو».

إمام أوغلو مع رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال بمقر الحزب قبل إعلان بدء الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشح الرئاسي الشهر الماضي (موقع الحزب)
إمام أوغلو مع رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال بمقر الحزب قبل إعلان بدء الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشح الرئاسي الشهر الماضي (موقع الحزب)

وعلق رئيس حزب «الجيد»، مساوات درويش أوغلو، على إلغاء شهادة إمام أوغلو، واصفاً الأمر بأنه «ممارسة تتجاوز بكثير القضاء على منافس سياسي، أدعو أولئك الذين يعتقدون أنهم يحكمون تركيا إلى تحمل المسؤولية، وألا يتسببوا في ضرر للبلاد».

كان مكتب المدعي العام في إسطنبول فتح تحقيقاً حول مزاعم تزوير الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، بعد تلقي بلاغات بهذا الخصوص، وذلك بعد يوم واحد فقط من إعلان نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وقال بيان لمكتب المدعي العام، السبت، إنه تم استدعاء إمام أوغلو للإدلاء بإفادته في 26 فبراير (شباط) الماضي، ضمن نطاق الجرائم المنصوص عليها في المادة 204 من القانون الجنائي التركي، والمتعلقة بـ«التزوير في مستند رسمي».

ويعد هذا سادس تحقيق ضد إمام أوغلو منذ انتخابه رئيساً لبلدية إسطنبول للمرة الأولى في مارس (آذار) 2019، والثالث خلال أقل من شهرين.

وأدلى أكرم إمام أوغلو بإفادته في بداية فبراير (شباط) في تحقيقين منفصلين فتحهما ضده كبير مدعي العموم في مدينة إسطنبول، أكين جورليك، باتهامات شملت «إهانة موظف عام في أثناء تأدية عمله» و«التهديد»، و«استهداف أشخاص يقومون بواجبهم في مكافحة الإرهاب»، و«محاولة التأثير على خبير أو شاهد في محاكمة عادلة».

إمام أوغلو ملوحاً لأنصاره في أحد تجمعاته الانتخابية (من حسابه في «إكس»)
إمام أوغلو ملوحاً لأنصاره في أحد تجمعاته الانتخابية (من حسابه في «إكس»)

وسيمثل إمام أوغلو أمام المحكمة مرتين في 11 أبريل (نيسان) المقبل؛ الأولى في إطار قضية التهديد وإهانة موظف عام واستهداف أشخاص يقومون بواجباتهم في مكافحة الإرهاب، والثانية تتعلق بمخالفات وفساد في المناقصات في أثناء فترة رئاسته لبلدية «بيلك دوزو» التابعة لمدينة إسطنبول قبل توليه رئاسة بلدية المدينة. كما تنظر محكمة الاستئناف العليا قضية أخرى بحقه تتعلق بإهانة أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات، صدر حكم أولي فيها بحسبه أكثر من 7 سنوات. وتتضمن جميع هذه القضايا إلى جانب أحكام الحبس العزل من الوظائف التي يشغلها وحظر نشاطه السياسي.

مزاعم قديمة

ويعود الجدل حول مزاعم تزوير شهادة إمام أوغلو الجامعية إلى سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث أثيرت عدة شبهات حول انتقاله من إحدى الجامعات في قبرص إلى جامعة إسطنبول. وحسب المزاعم، التي نفاها إمام أوغلو، قيل إنه درس في جامعة «جيرنا» الأميركية في شمال قبرص، في قسم الهندسة، ثم انتقل إلى كلية إدارة الأعمال في جامعة إسطنبول الحكومية، وإن الجامعة الأميركية لم تكن معتمدة في ذلك الوقت من جانب مجلس التعليم العالي التركي.

ونشرت بلدية إسطنبول شهادة إمام أوغلو من كلية إدارة الأعمال بجامعة إسطنبول، رداً على هذه المزاعم. وقال مستشاره الصحافي، مراد أونغون، إنه شارك أيضاً شهادة الماجستير التي حصل عليها إمام أوغلو مع الرأي العام لدحض الافتراءات بحقه.