إسرائيل تبحث تشديد القيود لاحتواء تفشي «كورونا»

تبحث إسرائيل تشديد بعض قيود «كورونا» (د.ب.أ)
تبحث إسرائيل تشديد بعض قيود «كورونا» (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تبحث تشديد القيود لاحتواء تفشي «كورونا»

تبحث إسرائيل تشديد بعض قيود «كورونا» (د.ب.أ)
تبحث إسرائيل تشديد بعض قيود «كورونا» (د.ب.أ)

على الرغم من أن الأطباء والخبراء الإسرائيليين يطمئنون المواطنين بأن طفرة «دلتا» ليست أشد فتكاً وخطورة من سلالات فيروس «كوفيد - 19»، وأن خطورتها تكمن في سرعة انتشارها، تتجه الهيئة العليا لمكافحة الجائحة للعودة إلى تشديد الإجراءات الوقائية.
وصرحت الدكتورة شارون الرعي فرايس، رئيسة دائرة الطب الجماهيري في وزارة الصحة، بأنها ستوصي الحكومة يوم الأحد، بإعادة إلزام الجمهور بارتداء الكمامات في جميع الأماكن المغلقة.
وقالت فرايس، إن الحكومة حددت سقفاً هو 100 إصابة في اليوم لكي تعيد التقييدات للمواطنين وتفرض إجراءات الوقاية. وقد سُجلت يوم أمس، 138 إصابة في أعلى معدل إصابات يومي تسجله إسرائيل منذ نهاية أبريل (نيسان) الماضي. وتشكل هذه الحصيلة، التي تأتي بعد يومين متتاليين سُجّل فيهما أكثر من 100 إصابة، مؤشراً واضحاً على ضرورة اتخاذ إجراءات جديدة لفرض القيود، ومنها: تأجيل إعادة فتح الحدود، الذي كان مقرراً الأسبوع المقبل أمام السياح المطعمين لمدة شهر إضافي، الإعلان عن بلدة بنيامينا في الشمال «بلدة حمراء»؛ وذلك لأنها سجلت 17 إصابة جديدة؛ ما رفع عدد الإصابات لديها 125 إصابة، غالبيتهم تلاميذ مدارس. كما قررت إسرائيل الإعلان «بلدة حمراء» عن كل بلدة يزيد فيها عدد الإصابات على 20. ويعني ذلك منع التجول من دون كمامة ووقف الأعراس والبرامج الجماهيرية.
وقررت الحكومة توسيع الصلاحيات الممنوحة للسلطات المحلية لقطع سلسلة العدوى، حيث تم الاتفاق في اجتماع مشترك بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بنيت، ووزيرة الداخلية، اييلت شاكيد، ورئيس مجلس الحكم المحلي، حاييم بيبس، على أن تقوم السلطات المحلية بقيادة الجهود لقطع سلسلة العدوى ومواجهة أزمة «كورونا». ووفقاً للمعطيات التي نشرت، أمس (الخميس)، فإن هناك 26 مصاباً توصف حالتهم بالخطيرة، بينهم 18 مريضاً يرتبطون بأجهزة تنفس.
من جانبه، قال الون رففورت، المدير الطبي لشركة الأدوية «فايزر إسرائيل»، بأن لقاح شركته يوفر حماية فعالة أيضاً أمام الطفرة الهندية (دلتا) والتي تنتشر هذه الأيام. وقال «المعطيات لدينا من خلال الأبحاث التي أجريناها في المختبرات، تشير إلى فاعلية عالية للقاح، نحن نتحدث عن 90 في المائة بمنع إصابة مصحوبة بأعراض، و95 في المائة بمنع إصابة خطيرة تؤدي إلى تلقي العلاج في المستشفيات».
من جهة ثانية، أعلن المدير العام لوزارة الصحة، حيزي ليفي، أن إسرائيل بدأت تستخدم اللقاحات نفسها التي رفضتها السلطة الفلسطينية لتطعيم سكانها ضد فيروس كورونا؛ بسبب الاقتراب من انتهاء صلاحيتها.
وكانت السلطة الفلسطينية وافقت يوم الجمعة على صفقة مع إسرائيل تستلم بموجبها نحو مليون جرعة من لقاح «فايزر - بيونتك»، لكنها ألغت الصفقة في وقت لاحق؛ لأن صلاحية أول 100.000 جرعة تم تسليمها كانت على وشك الانتهاء. وقالت وزيرة الصحة في السلطة الفلسطينية، مي الكيلة، في حينه، إن جرعات اللقاح «لا تفي بالمعايير ولذا قررنا إعادتها». وقد ردت وزارة الصحة الإسرائيلية على ذلك، بأن اللقاحات صالحة بكل المقاييس؛ ولذلك وجهتها إلى الجمهور الإسرائيلي. وأبلغت بذلك المؤسسات الدولية الشأن ذاته.
في سياق متصل، أظهر تقرير صادر عن وزارة الصحة الإسرائيلية، أمس، وجود علاقة بين إجراء فحوص «كورونا» ونسب النتائج الموجبة للفيروس، وكذلك نسبة الوفيات المرتفعة من الطبقة الاجتماعية الاقتصادية الدنيا، حيث كانت أعلى بخمسة أضعاف من الطبقات العليا. وسجل المجتمع العربي ومجتمع اليهود المتدينين (الحريديم) أعلى نسبة وفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا. وكانت نسبة الوفيات في المجتمعين العربي والحريدي أعلى بثلاث مرات من النسبة العامة في البلاد.
وأشار التقرير إلى أن سكان المناطق ذات مستوى اجتماعي - اقتصادي منخفض، في الدرجات 1 - 3 في المؤشر الاجتماعي - الاقتصادي، أجروا فحوصاً أقل، لكن نسبة النتائج الموجبة للفيروس أعلى قياساً بباقي السكان. وليس مستبعداً أن يدل هذا المعطى على انتشار أوسع للفيروس، ولكن لم يتم اكتشاف حجمه بالكامل. وتطرق التقرير إلى نسب الوفيات من دون علاقة بفيروس كورونا. وتبين أن نسبة الوفيات المرتفعة تكون في بلدات بمستوى اجتماعي – اقتصادي متدنٍ، وفي المجتمع العربي بشكل خاص. وأضاف التقرير، أن نسبة الوفيات أقل في البلدات العربية المسيحية، مثل قرية معليا.
وعقب وزير الصحة الإسرائيلي، نيتسان هوروفيتس، بالقول، إن «تقليص انعدام المساواة هو مصلحة قومية من الدرجة الأولى. وأثبتت أزمة كورونا مرة أخرى أن الفجوات الصحية ليست إخفاقاً أخلاقياً فقط، وإنما قضية ذات تبعات قاسية تستهدف كل واحدة وواحد من مواطني إسرائيل».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.