تفاقم أزمة المحروقات في لبنان يعزز المخاوف من فلتان أمني

مصادرة صهاريج بنزين ومازوت وشاحنات مواد غذائية للاستيلاء على حمولاتها

تفاقم أزمة المحروقات في لبنان يعزز المخاوف من فلتان أمني
TT

تفاقم أزمة المحروقات في لبنان يعزز المخاوف من فلتان أمني

تفاقم أزمة المحروقات في لبنان يعزز المخاوف من فلتان أمني

أثار اعتراض صهاريج نقل المحروقات وآليات نقل المواد الغذائية في شمال لبنان ومصادرة محتوياتها، قلقاً أمنياً دفع المعنيين إلى التحذير من تدهور الأوضاع.
وتكررت حوادث اعتراض الآليات والصهاريج خلال الأيام الأخيرة في أكثر من منطقة شمالية بحجّة أنها تهرّب المحروقات إلى سوريا بينما المواطن اللبناني يبحث عن هذه المواد ولا يجدها. ويشير مصدر عسكري إلى أنّ القوى الأمنية في لبنان تتوقّع ارتفاع نسبة هذه الحوادث تماما كالسرقات والجرائم، مضيفا في حديث مع «الشرق الأوسط»: «عادة ما يتمركز الجيش في المناطق التي تحصل فيها مشاكل أمنية، حيث يتمّ إرسال عديد أكبر، لكنّ الحال اليوم أنّ الأحداث في كل المناطق والعديد لا يكفي للمهمات الواسعة المنتشرة على جميع الأراضي اللبنانية والتي تعود أسبابها بشكل أساسي إلى الوضع الاقتصادي».
ويشير المصدر إلى أنّ هناك جهودا حثيثة تبذل على صعيد مكافحة التهريب إذ يتم بشكل دائم توقيف مهربين ومصادرة كميات من المحروقات المهربة ولكن ما يبذل هو ضمن الإمكانات المتاحة والتي لا تعتبر كافية.
وكانت مجموعة من الشبان أوقفت أول من أمس شاحنة محملة بالحليب ووزعته على المارة على طريق حلبا - عكار، وقبلها بيوم واحد عمد محتجون على توقيف أحد الصهاريج المحملة بالبنزين على طريق عام المحمرة - العبدة (شمال لبنان) وقاموا بملء الغالونات وتوزيعها مباشرة على الناس.
ويشير مصدر ميداني في الشمال لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ سبب الهجوم على الصهاريج هو الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان بشكل عام ومنطقة الشمال بشكل خاص، «فالمواطن بات مستعدا لفعل أي شيء من أجل الحصول على صفيحة بنزين أو علبة حليب لأبنائه الأمر الذي يتسبب دائما بمشاكل في ظلّ الفوضى الحاصلة وغياب مؤسسات الدولة».
ويصف رئيس اتحاد بلديات الدريب الأوسط (محافظة عكار في شمال لبنان) عبود مرعب هذه الحوادث بالخطرة جدا، مشيرا إلى أنها تتكرّر كلّ يوم وأنّ الوضع قد يتجه إلى الأسوأ لأنّ المواطنين وصلوا إلى مرحلة صعبة وفي ظلّ الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشونه لا يؤمنون بالدولة.
وأشار مرعب في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ بلديات المنطقة ليس لديها القدرة على ضبط الوضع ولا منع التدهور الأمني في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، لذلك لا بدّ من بذل الجهود لمنع الوصول إلى ما هو أسوأ. ويشير إلى أنّ بلديات المنطقة اجتمعت بشكل طارئ حتى لا تؤدي هذه الحوادث وأزمة المحروقات إلى أي شكل من أشكال التقاتل أو المشاكل الأمنيّة يكون فتيلها اجتماعياً معيشياً، واصفاً الوضع بأنه «بات صعبا على الجميع»، موضحا أنّ البلديات أبقت على اجتماعاتها مفتوحة.
وكان رؤساء اتحاد بلديات الدريب الأوسط عقدوا أمس اجتماعا موسعا مع أصحاب المحطات وفاعليات المنطقة عرضوا خلاله تداعيات أزمة المحروقات في المنطقة وسبل تأمينها من خلال الشركات والمؤسسات المعنية بعد تحديد كمية استهلاك الوقود، وخصوصا مادة المازوت.
واتفقت البلديات على تشكيل لجنة للتواصل مع الشركات والمؤسسات المعنية بالمحروقات لتأمين احتياجات المواطنين في المنطقة والإشراف على كميّة المحروقات التي تدخل في نطاق الاتحاد الجغرافي لضمان وصولها إلى أبناء هذه المنطقة التي هي من حقهم، وللحد من التهريب وقمع مصادر السوق السوداء.
واستنكر أمس رئيس نقابة أصحاب الصهاريج ومتعهدي نقل المحروقات إبراهيم سرعيني التعدي على الصهاريج التي تنقل المشتقات النفطية إلى المناطق كافة وأسف لما تعرض له أحد الصهاريج في شمال لبنان، حيث تم الاستيلاء على الصهريج وحمولته من مادة البنزين المنقولة إلى إحدى محطات المنطقة. ووضعت هذه الحادثة بتصرف الجهات الأمنية المختصة.
ويرى عضو لجنة الدفاع الوطني والداخلية النيابية النائب وهبه قاطيشا أنّ ما يحصل حاليا فيما خصّ المواد المدعومة لم يعد يصحّ أن نطلق عليه صفة «التهريب» فهو إلغاء للحدود مع سوريا غير مقبول، معتبرا في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ المواطن الذي بات يعيش تحت وطأة الفقر وفقدان المحروقات والأدوية التي تهرب إلى سوريا أخذ على عاتقه محاربة التهريب بيده في ظلّ غياب الدولة.
ويشير قاطيشا إلى أنّه ليس من السهل أن يرى المواطن صهاريج وشاحنات تهرب مواد مدعومة من ماله ليستفيد منها شعب آخر بينما هو يعيش في كنف دولة تتعامل وكأنها غير مسؤولة عن الحدود أو عن تأمين الأساسيات له، متوقعا أن تزيد هذه الحوادث والإشكالات الأمنية ما دامت الدولة غائبة.
وفي حين يصرّ المواطنون الذين يصادرون هذه المواد على أنها تهرّب إلى سوريا، وأنّه بات من واجبهم منع التهريب بالقوّة بعد تقاعس الدولة، يرى بعض المواطنين في المنطقة نفسها أنّ الصهاريج التي يتمّ السطو عليها ليست صهاريج تهريب محروقات أو مواد غذائية مدعومة، وأنّ ما يحصل هو تلطي المحتجين خلف حجة التهريب من أجل الحصول على بضعة لترات من المازوت أو البنزين أو حتى قد يكون بعضهم مدفوعاً من أحزاب معيّنة في المنطقة بهدف تصوير أزمة المحروقات الحالية على أنها أزمة تهريب وتحويل الغضب ضدّ اللاجئين السوريين في المنطقة.
وفي هذا الإطار يقول أحد المواطنين لـ«الشرق الأوسط» إنّ جميع أبناء المناطق القريبة من الحدود السورية وتحديدا في عكار يعلمون أنّ التهريب يجري عن طريق «الغالونات» وفي مناطق يعرفها الجميع تحوّلت إلى ما يشبه السوق إذ إنّ التاجر من الجانب اللبناني يبيع صفيحة البنزين التي لا يتجاوز سعرها الـ50 ألفا مقابل 240 ألفا لتعاد وتباع في الداخل السوري، مضيفا أنّ بعض الذين يسطون على هذه الصهاريج يعيدون تهريب ما يسطون عليه بالمفرّق.
وتعيش منطقة عكار أزمة بنزين ومازوت حادة جدا بدأت قبل المناطق الأخرى، ويتخوّف المواطنون من أنّ تتخذ بعض الشركات الموزعة حجة الاعتداءات على الصهاريج لعدم إيصال المازوت والبنزين إلى المنطقة وتزيد الأمور تعقيدا.



«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.