اللجان النيابية تقر «البطاقة التمويلية»... والبحث جارٍ عن تغطية تكلفتها

تساعد نصف مليون أسرة لبنانية بـ137 دولاراً شهرياً... وجنبلاط يعتبرها «انتخابية»

TT

اللجان النيابية تقر «البطاقة التمويلية»... والبحث جارٍ عن تغطية تكلفتها

أقرت اللجان المشتركة في البرلمان اللبناني أمس البطاقة التمويلية لمساعدة أكثر من نصف مليون أسرة لبنانية بمبلغ 137 دولاراً شهرياً، وتبلغ كلفتها 556 مليون دولار، وأحالت الملف إلى الحكومة لتأمين مصادر تمويلها وتنفيذها، وسط صعوبات متعلقة بالتمويل، وانتقادات أبرزها من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي اعتبرها «بطاقة انتخابية».
ومن المفترض أن تتم مناقشة القانون في الهيئة العامة لمجلس النواب للموافقة عليها، بعد إقرارها في اللجان المشتركة، وهنا «تنتهي مهمة البرلمان الذي قام بما عليه تشريعياً»، بحسب ما قال مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن المهمة «باتت الآن على عاتق الحكومة التي ستؤلف لجنة وزارية من ثلاث وزارات لوضع الآليات التنفيذية ومن ضمنها ترشيد الدعم والمنصة وغيرها من الإجراءات التي يتطلبها التنفيذ، بينها الآليات والمعايير والفئات التي تستحقها».
وقال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي الذي ترأس الجلسة أمس، بأن «موضوع نقاش مشروع القانون كان مستفيضاً بوجود السادة الوزراء جميعا». وقال إنه «بناء على طلب الحكومة وبناء على إصرار السادة النواب تم تطبيق مسألة البطاقة التمويلية وإقرارها، وأقرت البطاقة التمويلية لتستفيد منها أكثر من 500 ألف عائلة»، لافتاً إلى أن «الحكومة أعطيت صلاحية حد أقصى 137 دولاراً، على أن تقدم الحكومة في الأسبوع المقبل مشروع قانون معجل لمجلس النواب، سيصار إلى إعداده من أجل طرحه على المجلس النيابي ومناقشته، ويتعلق بأسلوب ومصادر الدعم وكيفية الدعم المالي، وأيضاً بقضايا إجرائية أخرى هي من صلاحية الحكومة، وتتعلق بالسلع التي سيشملها رفع الدعم، والتي أصبحت مشمولة اليوم».
وقال المصدر النيابي بأن قيمة المشروع تبلغ 556 مليون دولار، ويحتاج هذا الملف إلى فتح اعتماد لتأمينه، لافتاً إلى أن بعض المقترحات تناولت محاولة تأمين التمويل من الأموال المخصصة من البنك الدولي لبعض المشاريع، بينها مشروع سد بسري الذي تم إلغاؤه في العام الماضي، وتحويل الاعتمادات إلى البطاقة، وهو ما يحتاج إلى قانون أيضاً. وأشار إلى أن بعض المصاعب ترتبط بعدم معرفة وجهة نظر البنك الدولي وما إذا كان سيوافق على تحويل الاعتمادات المرصودة من قروضه للمشاريع إلى البطاقة التمويلية.
وقال المصدر بأن أحد المقترحات تناول فرضية تمويلها من الاحتياط الإلزامي لمصرف لبنان، على قاعدة أنه عندما يتوفر التمويل من البنك الدولي أو مصادر أخرى، تعيد الحكومة اللبنانية الأموال التي استلفتها إلى مصرف لبنان، وهو ما يمثل عقدة إضافية تواجه تمويلها بالنظر إلى أن الحكومة مستقيلة، علماً أن القانون يفرض على المصرف المركزي عدم التصرف بالاحتياطي الإلزامي في حال لم يوقع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
ويمثل عدم التنسيق مع «البنك الدولي» أحد الانتقادات الأساسية للمشروع، فقد أكد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط «أن لا قيمة للبطاقة التمويلية إذا كانت بدون التنسيق مع البنك الدولي وبغياب حكومة تعتمد سياسة الإصلاح». ورأى أن «ما يناقشه النواب هو بطاقة انتخابية دون معرفة مصادر التمويل»، مطالباً بـ«إعادة النظر بلائحة المواد المدعومة التي تشمل السيجار مثلا ورفع الدعم عن البنزين وحصره بسيارات الأجرة».
وظهر توافق خلال الجلسة بين نواب «كتلة المستقبل» و«تكتل لبنان القوي» على مشروع البطاقة، فيما ربطت كتلة «القوات اللبنانية» موافقتها بعدم المساس بالاحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان، أما كتلتا «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» فاشترطا مصادر تأمين ومصادر تمويل شفافة لها، بحسب ما قالت المصادر النيابية.
وقال عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» هادي أبو الحسن «إننا كلقاء ديمقراطي نرفض تخفيض عدد العائلات الأكثر حاجة إلى النصف نتيجة حسابات معينة، ونرفض تخفيض سقف البطاقة تحت سقف من 137 دولاراً إلى 93 دولاراً»، مشدداً على «أننا مع رفع الدعم ومع ترشيده بكل وضوح وصراحة لكي نمنع المهربين والمحتكرين والتجار من أن يستفيدوا من هذا الدعم، وأن نحول هذا الدعم من السلعة إلى الأسرة».
وتابع: «ليس مهما فقط أن نقر البطاقة ونذهب بها إلى الهيئة العامة ونصدرها، المهم أن نحافظ على عدد العائلات التي ستستفيد، وأن نحافظ على سقف البطاقة بالحد الأدنى 137 دولاراً، عدا عن ذلك ستكون لدينا تحفظات على هذا الأمر»، وأشار إلى أن «أي إقرار من دون ضمانات بالتمويل هو كلام وأوهام للشعب اللبناني، ونحن لن نشارك في هذه المسرحية».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.