قلق غربي من «فيتو» روسي على تمديد قرار المساعدات إلى سوريا

TT

قلق غربي من «فيتو» روسي على تمديد قرار المساعدات إلى سوريا

قاومت روسيا التحذيرات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وممثلو الولايات المتحدة والدول الغربية من العواقب الوخيمة المحتملة و«وضع كارثي»، إذا أخفق أعضاء مجلس الأمن في تمديد عمليات إيصال المساعدات الإنسانية الملحَّة عبر الحدود إلى ملايين السوريين المحتاجين في شمال غربي سوريا، في مؤشر قوي على استعداد موسكو لممارسة حق النقض، (الفيتو)، استجابة لمطالبة نظام الرئيس السوري بشار الأسد بإغلاق معبر باب الهوى الحدودي الأخير على الحدود مع تركيا.
وأعدت آيرلندا والنرويج، وهما الدولتان الراعيتان لنصوص مجلس الأمن المتعلقة بالوضع الإنساني في سوريا، مشروع قرار لا تزال المفاوضات حوله تمهيداً للتصويت عليه قبل العاشر من يوليو (تموز) المقبل، موعد انتهاء التفويض الراهن لتمرير المساعدات الإنسانية إلى منطقة إدلب وغيرها من المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات المعارضة لنظام الأسد، من خلال معبر باب الهوى بين سوريا وتركيا.
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) على نحو نصف مساحة محافظة إدلب. وتزايدت خشية الأمم المتحدة والدول الغربية من احتمال ممارسة حق النقض (الفيتو) من روسيا، التي أبدت رغبتها في إغلاق هذا المعبر. وكان مجلس الأمن سمح عام 2014 بعبور المساعدات إلى سوريا عبر أربع نقاط حدودية، لكنه قلّصها، مطلع العام الماضي، بضغوط من الصين وروسيا التي استخدمت مراراً حق النقض، واختصرها بمعبر باب الهوى الذي يربط بين تركيا ومحافظة إدلب في شمال غربي سوريا، وتدخل عبره شهرياً نحو عشرة آلاف شاحنة.
وكان الأمين العام للمنظمة الدولية يتحدث خلال جلسة للمجلس، إذ قال إنه بالنسبة للعديد من السوريين فإن «الوضع اليوم أسوأ من أي وقت مضى منذ بدء النزاع»، موضحاً أن 13.4 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، و12.4 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي، بينما انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 60 في المائة منذ عام 2011.
ولاحظ أن «الوظائف اختفت، وارتفعت الأسعار بشدة، وندرت البضائع»، مضيفاً أن الناس «يتأقلمون عن طريق تقليل حجم الوجبة أو التخلي عنها». وأشار أيضاً إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية بسبب الجفاف، إذ إن «النقص المائي في حوض الفرات هو الأسوأ في الذاكرة»، محذراً من أن بقاء مستويات المياه عند هذا الحد سيؤدي إلى «وقف سدي تشرين والطبقة عن توليد الكهرباء». وكذلك لفت إلى أن النظام الصحي «هش» ويتفاقم مع تفشي فيروس «كوفيد - 19». وقال إنه مع استمرار وقف إطلاق النار إلى حد كبير «هناك انتهاكات مستمرة، بما في ذلك الهجوم المروع على مستشفى الشفاء في وقت سابق من هذا الشهر».
وأفاد غوتيريش بأن عملية الأمم المتحدة الإنسانية في سوريا هي الأكبر في العالم، موضحاً أن «نداءنا الأخير يسعى للحصول على 4.2 مليارات دولار لتخفيف محنة البلاد»، بالإضافة إلى «5.8 مليار دولار لدعم اللاجئين في المنطقة». وأوضح أن الوضع في شمال غربي سوريا «هو الأسوأ»، إذ إن «أكثر من 70 في المائة من سكان المنطقة يحتاجون بصورة ماسة إلى المساعدة الإنسانية الأساسية للبقاء على قيد الحياة»، مضيفاً أن هناك 2.7 مليون نازح. وأكد أن «المزيد مطلوب... وصول المساعدات الإنسانية للوصول إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها»، مشدداً على «أهمية الحفاظ على وتوسيع إيصال المساعدات، بما في ذلك عبر الحدود وعبر الجبهات».
وأشار إلى حوار مع تركيا والجماعات المسيطرة على المنطقة، موضحاً أنه ينبغي إدراك أنه «لا يمكن استبدال المساعدة عبر الحدود». وناشد أعضاء مجلس الأمن أن يتوصلوا إلى توافق في شأن «السماح للعمليات عبر الحدود كقناة حيوية للدعم لمدة عام آخر»، محذراً من أن «الفشل في تمديد تفويض المجلس سيكون له أثر وعواقب مدمرة».
وكذلك قال القائم بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق المعونة الطارئة راميش راجاسينغهام إنه مع اقتراب موعد مناقشة مجلس الأمن حول تمديد التفويض، ستواصل الأمم المتحدة والشركاء تقديم المساعدة للسوريين. ولفت إلى أن الآلية عبر الحدود هي «واحدة من أكثر عمليات المساعدة التي تخضع للتدقيق والمراقبة في العالم»، مؤكداً أن «الفشل في تمديد التفويض سيكون له عواقب وخيمة، لأن المنظمات غير الحكومية لن تكون قادرة على تلبية الحاجات الهائلة». وأوضح أنه فيما يحتاج «90 في المائة من الأشخاص إلى المساعدة من أجل بقائهم على قيد الحياة، فإنهم سيواجهون وضعا كارثياً حقاً. وببساطة لا يوجد بديل للعملية عبر الحدود». وأكد أنه بينما تستخدم الأمم المتحدة وشركاؤها جميع الوسائل الممكنة للوصول إلى الناس في شمال غربي سوريا، فإن العمليات عبر الخطوط الأمامية من داخل البلاد لم تكن ممكنة. ومع ذلك، فإن تلك العمليات من شأنها أن تكمّل، لا أن تحل محل الآلية عبر الحدود.

أميركا والغرب
أما المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس - غرينفيلد، التي زارت الحدود التركية - السورية ومعبر باب الهوى قبل ثلاثة أسابيع، فأفادت بأنها التقت هناك بالعاملين في الخطوط الأمامية للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية واللاجئين الذين أخبروها «قصصاً مروعة» حول ما واجهوه بعد عقد من الصراع. وقالت: «ذهبت لأنني أردت أن أرى - بأم العين - كيف تعمل الآلية العابرة للحدود حتى أتمكن من التحدث مباشرة عنها». وتساءلت: «هل نضمن استمرار مراقبة مساعداتنا الإنسانية من البداية إلى النهاية؟ هل نتابع التزامنا بإنهاء جائحة (كوفيد - 19)؟ هل نساعد السوريين المحتاجين؟»، مضيفة أنه «من دون الوصول عبر الحدود، سيموت المزيد من السوريين. ونحن نعلم ذلك. يعرف موظفو الأمم المتحدة في الخطوط الأمامية ذلك. المنظمات غير الحكومية تعرف ذلك. الأسد يعرف ذلك. اللاجئون السوريون والنازحون داخلياً يعرفون ذلك أيضاً. الجميع يعرفون هذا». ورأت أنه بناء عليه، فإن على هذا المجلس «واجب إعادة تفويض باب الهوى، وكذلك باب السلام واليعربية»، داعية إلى «تمديد تقني لمدة 12 شهراً وثلاثة معابر».
وكررت المندوبة البريطانية بربارة وودوارد ونظيرها الفرنسي نيكولا دو ريفيير هذه التحذيرات.
وعلّق نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا أن الآلية العابرة للحدود «كانت لوقت طويل مفارقة تاريخية»، مضيفاً أنه «يجب علينا تعزيز سيادة سوريا ووحدة أراضيها». ورفض تمديد العمل بهذه الآلية، موضحاً أن هذه المنطقة «ملجأ للإرهابيين والجهاديين المتطرفين». ونعت أقوال نظرائه الغربيين بأنها «سخيفة»، لتركيزهم على أن إرسال المساعدات عبر دمشق طرح غير قابل للتطبيق. وقال إن عملية المساعدات تنتهك سيادة سوريا ووحدة أراضيها، مذكّراً بأن روسيا وافقت فقط على العملية في 2014، لأن سوريا كانت «ممزقة بسبب الإرهابيين». وأضاف أنه بعد «تحرير» معظم أراضي سوريا الآن، فإن عملية المساعدات لم تعد مناسبة للوقت الحاضر.
وكذلك رفض المندوب السوري بسام صباغ عملية المساعدات عبر الحدود، ووصفها بأنها «مسيسة». وقال إنها «كانت إجراء استثنائياً موقتاً لم تعد الأسباب والظروف التي دفعت إلى تبنيها قائمة». وانتقد الولايات المتحدة ودولاً أخرى، معتبراً أن «بيانات بعض الدول خلال جلسة اليوم تظهر أنها لا تزال تمعن في استغلال مجلس الأمن منصة لتسييس العمل الإنساني في سوريا وممارسة النفاق السياسي والترويج لنهج مضلل يحرف المناقشات عن موضوعها الأساسي، بما يخدم هدفها في إطالة أمد الأزمة الإنسانية في البلاد».
وقال ممثل تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو، في كلمته قبل انتهاء تفويض الآلية الحالية لإيصال المساعدات من خلال معبر «باب الهوى» في 10 يوليو، إن هذه الخطوة، حال حدوثها، ستهدد حياة 4 ملايين شخص في شمال غربي سوريا يعيشون على المساعدات الأممية التي تدخل من المعبر.
وناشد غوتيريش، ومسؤولين آخرين، الإصغاء إلى التحذير من أن الفشل في تمديد آلية الأمم المتحدة للمساعدة الإنسانية عبر الحدود في سوريا سيكون ضاراً للغاية. وشدد على ضرورة عدم نسيان الظروف التي دفعت مجلس الأمن الدولي إلى السماح بعمليات المساعدات الإنسانية الأممية العابرة للحدود منذ عام 2014، مضيفاً أن «آلية مجلس الأمن الدولي العابرة للحدود ضد نظام بشار الأسد الذي قتل شعبه بوحشية واستهدف البنى التحتية الإنسانية الحيوية، جاءت لإيصال المساعدات الإنسانية التي أمنت للنازحين في سوريا حياة آمنة».
واتهم سينيرلي أوغلو الأسد وداعميه بارتكاب العديد من جرائم الحرب ضد الإنسانية، قائلاً إن نظام الأسد و(وحدات حماية الشعب الكردية)، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يواصلان ارتكاب انتهاكات ممنهجة ضد المدنيين، محذراً من أن «وقف آلية الأمم المتحدة العابرة للحدود سيسمح للنظام وتلك المنظمات بمضاعفة عمليات القتل».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.