الدنمارك متهمة بـ«خرق» اتفاقات دولية لسحبها حماية لاجئين سوريين

صورة وزعتها حركة «هوية الجيل» اليمينية المتطرفة لحملة في كوبنهاغن تدعو السوريين إلى العودة لبلادهم
صورة وزعتها حركة «هوية الجيل» اليمينية المتطرفة لحملة في كوبنهاغن تدعو السوريين إلى العودة لبلادهم
TT

الدنمارك متهمة بـ«خرق» اتفاقات دولية لسحبها حماية لاجئين سوريين

صورة وزعتها حركة «هوية الجيل» اليمينية المتطرفة لحملة في كوبنهاغن تدعو السوريين إلى العودة لبلادهم
صورة وزعتها حركة «هوية الجيل» اليمينية المتطرفة لحملة في كوبنهاغن تدعو السوريين إلى العودة لبلادهم

اعتبرت «الرابطة السورية لكرامة المواطن» في مراسلات مع حكومة الدنمارك، أن قرار كوبنهاغن سحب الحماية من اللاجئين السوريين القادمين من دمشق وريفها يشكل خرقاً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحماية التي تكفلها المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان للعائدين والموقف الرسمي للمفوضية الأوروبية.
وتحوي الوثائق التي جرى نشرها تفاصيل المراسلات المتبادلة بين «الرابطة السورية لكرامة المواطن» ووزير الهجرة والاندماج الدنماركي، ماتياس تسفايي، والتي تبعتها جهود الرابطة لتقديم أدلة تفيد بأن سوريا، بما في ذلك دمشق وضواحيها، بعيدة عن كونها آمنة للاجئين العائدين، على النقيض من التقييم الذي وضعته خدمة الهجرة الدنماركية.
ونقل بيان رسمي، عن هالة غاوي، عضو مجلس أمناء الرابطة قولها: «ليست هناك على الإطلاق عودة آمنة إلى سوريا في ظل الظروف الراهنة، حيث يواجه العائدون إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد الاضطهاد والقتل غير القانوني والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري. وقدمنا أدلة إلى وزارة الهجرة الدنماركية تكشف كيف أن إعادة أي لاجئين سوريين إلى سوريا في هذا الوقت يرقى لأن يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والتي تنص بوضوح على أنه «لا يحق تعريض أي شخص للتعذيب أو المعاملة أو العقاب غير الإنساني أو المهين».
ويأتي قرار رفع الحماية عن اللاجئين السوريين القادمين من دمشق وريفها في أعقاب قرار الحكومة الدنماركية فرز حالات اللاجئين السوريين القادمين من دمشق وريفها، بسبب التقييم الخاطئ الذي يرى أن «الوضع الأمني في دمشق والمناطق الريفية المحيطة بها تحسن بدرجة كبيرة».
وجرى اتخاذ هذا القرار بناءً على سلسلة من التقارير حول «بلد المنشأ» صادرة عن خدمة الهجرة الدنماركية، إدارة داخل وزارة الهجرة والاندماج الدنماركية، يعود تاريخها إلى عام 2018، وجرى تكرارها في صورتها الأحدث في أكتوبر (تشرين الأول) 2020.
وشكك البيان في التقارير والتقييمات التي اعتمدت عليها والتي استخدمها «مجلس طعون اللاجئين»، في توثيق ونقل الصورة الحقيقية للتهديد الذي يواجه اللاجئين حال عودتهم «كما أخفقت في توضيح حالة غياب الأمن والقمع المستمرة التي يعانيها الأفراد داخل هذه المناطق اليوم. كما تتضمن التقييمات الصادرة عن المجلس تناقضات عميقة بين المعلومات التي تحويها والتقييمات النهائية التي تقرها».
وفي نهاية الأمر، أخفقت هذه التقييمات في أن تأخذ في الاعتبار بجدية معلومات موثوق بها صادرة عن منظمات مثل «منظمة العفو الدولي» و«هيومان رايتس ووتش» و«الرابطة السورية لكرامة المواطن» و«الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، حول الخطر المستمر الذي يواجه العائدين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد، رغم الادعاء أنها تتضمن التقارير الصادرة عنا باعتبارها «مادة للخلفية».
وأضافت غاوي: «تكمن المفارقة في أن الكيان الحاكم لمجلس طعون اللاجئين في الدنمارك، هو من سلط الضوء أربع مرات منذ يونيو (حزيران) 2019 على الحاجة لتطبيق مبدأ الحذر على القرارات المتعلقة برفع الحماية عن سوريين واتخاذ قرارات لصالح المدعي حال وجود شك. وتوحي أعداد قرارات رفع الحماية التي جرى اتخاذها حتى اليوم أن هذا الحذر لم يجر تطبيقه».
وفي رده على «الرابطة السورية لكرامة المواطن»، دافع وزير الهجرة والاندماج الدنماركي، ماتياس تسفايي عن سياسة وزارته بقوله: «رغم أن الحكومة الدنماركية لا تشارك في إجراءات إعادة قسرية للاجئين، فإن هذا لن يغير موقف الحكومة الدنماركية إزاء الحماية المؤقتة. أما الأشخاص الذين لا يحظون بإقامة قانونية، فإنهم ملزمون بمغادرة الدنمارك، والحل الأمثل لجميع الأطراف أن يعود الأشخاص المعنيون طواعية. وستستمر السلطات الدنماركية في تقديم العون للأشخاص القادمين من سوريا داخل الدنمارك مع اتخاذ ترتيبات عودتهم الطوعية وتقديم مساعدات مالية لهم حال إقدامهم على هذه العودة».
وتتشارك «الرابطة السورية لكرامة المواطن» في موقفها مع منظمات دولية رائدة بمجال حقوق الإنسان حول ضرورة أن تراجع الحكومة قرارها في وجه الأدلة القوية التي تكشف بوضوح الأساس المعيب الذي بني عليه القرار. ويتمثل السبيل الوحيد أمام عودة لاجئين إلى سوريا في إقرار حل سياسي شامل، يكفل حقوق المشردين من خلال ضمانات دولية قوية.
وأشارت إلى تصريح لوزير الشؤون الخارجية الدنماركي، جيبي كوفود من «إحلال الاستقرار على المدى الطويل من خلال التفاوض حول نهاية للصراع، يتطلب من النظام السوري تغيير سلوكه. لقد تصاعدت وتيرة الانتهاكات بحق الشعب السوري من جديد. ويجب أن يتوقف ذلك الآن».
وكان سوريون في الدنمارك أعربوا عن القلق من ترحيلهم إلى «بلد ثالث» بعد إقرار قانون يسمح بفتح مراكز يُرسل إليها طالبو اللجوء طوال فترة معالجة ملفاتهم، وحتى بعد ذلك، في دول أخرى مثل رواندا أو إريتريا.
في الوقت الراهن هناك 900 سوري مهددون بالترحيل إلى بلادهم منذ أن أصدرت وزارة الهجرة والاندماج في الدنمارك عام 2019 تقريراً بعنوان: «سوريا: الوضع الأمني في محافظة دمشق وقضايا تتعلق بالعودة إلى سوريا»، حيث يبدو أن الحكومة الدنماركية عازمة على تطبيق سياسة «صفر طلبات لجوء».
وهناك أكثر من 250 حالة سورية تنتظر قرار «مجلس تظلم اللاجئين» في الدنمارك. وأشارت مصادر إلى احتمال توسيع القرار ليشمل حلب والحسكة.
كان وزارة الهجرة اليونانية، أكدت أن «تركيا بلد آمن» لغالبية طالبي اللجوء الموجودين بالجزر اليونانية في بحر إيجة، عادّة أن ذلك يمكن أن يساهم في تسريع إعادتهم؛ الأمر الذي أقلق سوريين في اليونان من تكرار تجربة الدنمارك.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.