محامو رئيس موريتانيا السابق يحتجون على سجنه

حزبه أعلن تنظيم مسيرات واعتصامات لإطلاق سراحه

رئيس موريتانيا السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
رئيس موريتانيا السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
TT

محامو رئيس موريتانيا السابق يحتجون على سجنه

رئيس موريتانيا السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
رئيس موريتانيا السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)

رفضت هيئة الدفاع عن الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، قرار قاضي التحقيق إحالة موكلهم إلى السجن، ووصفه المحامي المتحدث باسم الهيئة خلال مؤتمر صحافي أمس بأنه «غير شرعي وخرق للقانون».
ويواجه ولد عبد العزيز، الذي حكم موريتانيا من 2008 حتى 2019، اتهامات بالفساد والإثراء غير المشروع وغسل الأموال، وهي التهم التي وجهتها إليه النيابة العامة، ويحقق فيها قطب التحقيق المعني بمحاربة الفساد في محكمة نواكشوط الغربية، الذي قرر إحالته إلى السجن، إثر مخالفته إجراءات مراقبة قضائية مشددة يخضع لها منذ مارس (آذار) الماضي.
وبموجب المراقبة القضائية، كان يحضر ولد عبد العزيز ثلاث مرات أسبوعياً للتوقيع أمام الشرطة، ويمنع من مغادرة محل إقامته إلا لدواعٍ صحية أو دينية، لكن ولد عبد العزيز تخلف عن التوقيع الأسبوع الماضي، محتجاً على ما اعتبره «قمع» الشرطة لمواطنين كانوا يرافقونه نحو إدارة الأمن للتوقيع.
وقالت هيئة الدفاع في مؤتمر صحافي، ساعات بعد إحالة موكلها إلى السجن، إن ولد عبد العزيز «لم يخالف بنود المراقبة القضائية»، مشيرة إلى أن الملف الذي يتابع فيه «ملف سياسي محض، وما يتعرض له ظلم وتعسف، وانتهاك للحريات ودوس على القانون».
وأضافت الهيئة، التي تضم عدداً من المحامين الموريتانيين، وتتعاون مع محامين فرنسيين موجودين خارج البلاد، إن سجن الرئيس السابق وحده، دون بقية المتهمين في الملف نفسه، البالغ عددهم 17 شخصاً، يؤكد أن الملف «سياسي محض، ولا علاقة له بالقانون ولا بالقضاء»، وفق تعبير الهيئة.
لكن هيئة الدفاع أكدت، أنها أمام «عدم شرعية أمر الإيداع بالسجن وخرقه للقانون، سنقوم بكل الإجراءات القانونية المتاحة»، مشيرة إلى أن سلطة القضاء تتعرض لما سمته «تغول الأمن والسلطة التنفيذية».
من جانبها، التزمت النيابة العامة الصمت حيال الملف، ولم تدلِ بأي تصريح حول إحالة الرئيس السابق إلى السجن، في حين قال مصدر مقرب من العدالة الموريتانية، إن ولد عبد العزيز سيخضع لفترة حجر صحي في «مكان خاص»، قبل أن يحال للسجن، وفق ما تنص عليه إجراءات منع تفشي فيروس كورونا في السجون الموريتانية.
وأضاف المصدر ذاته، أن قطب التحقيق المعني بمحاربة الفساد، والممسك بملف التحقيق في تهم الفساد التي تلاحق سنوات حكم ولد عبد العزيز، يمكنه أن يحيل أي متهم أمامه إلى أي من السجون الموجودة في موريتانيا، ولم يستبعد إحالة الرئيس السابق إلى سجن خارج العاصمة نواكشوط.
وكشف مصدر أمني خاص، عن أن الرئيس السابق قضى ليلته الأولى، بعد الإحالة إلى السجن، في شقة خاصة تقع في مدرسة الشرطة بالعاصمة نواكشوط، تستخدم عادة للتحفظ على الشخصيات المهمة والحساسة، وهي الشقة نفسها التي اعتقل فيها عبد الله السنوسي، مدير مخابرات الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عام 2012، والذي سلّمه نظام ولد عبد العزيز إلى ليبيا، في إطار صفقة أثارت الكثير من الجدل في موريتانيا آنذاك.
في غضون ذلك، أعلن حزب «الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال»، وهو الحزب السياسي الداعم للرئيس السابق، أنه سينظم خلال الأيام المقبلة أنشطة احتجاجية لرفض هذا السجن.
لكن الحزب، الذي يصف نفسه بالمعارض، تأسس قبل خمس سنوات فقط، ولم يحقق خلال الانتخابات التشريعية والمحلية الأخيرة أي مكاسب انتخابية، قبل أن يتصدر واجهة الأحداث خلال الأشهر الأخيرة، حين أعلن «انخراط» الرئيس السابق في صفوفه.
وقال رئيس الحزب في مؤتمر صحافي، ساعات قبل إحالة ولد عبد العزيز إلى السجن «في الأيام المقبلة ستكون لنا وقفات ومسيرات ونشاطات واعتصامات» من أجل دعم الرئيس السابق، ورفض بقائه في السجن، وإطلاق سراحه.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».