أحزاب مغربية تواصل مشاوراتها حول «الميثاق الوطني للتنمية»

سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية (ماب)
سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية (ماب)
TT

أحزاب مغربية تواصل مشاوراتها حول «الميثاق الوطني للتنمية»

سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية (ماب)
سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية (ماب)

تواصلت مساء أول من أمس المشاورات بين اللجنة الملكية، التي كلفها الملك محمد السادس صياغة نموذج تنموي، وزعماء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، من أجل صياغة وثيقة «الميثاق الوطني للتنمية»، الذي يعد أحد توصيات تقرير اللجنة الملكية، الذي سلمته للعاهل المغربي في 25 من مايو (آيار) الماضي بالقصر الملكي بفاس.
وقال شكيب بنموسى، رئيس اللجنة الملكية، إن اللقاء الذي احتضنه النادي البحري بمدينة سلا المجاورة للعاصمة الرباط، «يأتي من أجل وضع مسودة أولى للميثاق الوطني من أجل التنمية»، مشددا على أن الميثاق «سيؤسس لمرحلة جديدة في مسلسل تنمية البلاد».
وأضاف بنموسى في تصريح للصحافة، عقب انتهاء اللقاء، أن الميثاق سيشكل «أرضية مقبولة بين كل هذه الأطراف»، موضحا أنه ينطلق من التقرير الذي وضعته اللجنة. لكنه شدد على أن هذه الوثيقة لن تكون بديلا عن عمل «المؤسسات، ولا برامج الأحزاب السياسية»، بل تعكس التصور «الذي نريده مستقبلا للمغرب».
من جهة أخرى، أفاد مصدر حزبي بأنه جرى التوصل إلى مسودة أولية للميثاق، لكنها «تحتاج لتدقيق»، مشيرا إلى أن هناك نقاشا حول إمكانية الاقتصار على تضمنيها توجهات عامة، لكن هناك من يطرح إمكانية تحديد بعض البرامج التي يجب السير عليها مستقبلا.
وكانت الأحزاب الثمانية الممثلة في البرلمان، ممثلة في العدالة والتنمية (متزعم الائتلاف الحكومي)، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والتقدم والاشتراكية (معارضة)، والتجمع الوطني للأحرار، إضافة إلى الحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري، (أغلبية) قد أعلنت في بيان قبل أسابيع، خلال لقاء سابق مع اللجنة، أن اللقاء ذو طبيعة تشاورية، ويهدف إلى «مناقشة مسار المرحلة المقبلة»، و«آليات تنزيل النموذج التنموي»، وصياغة «ميثاق وطني من أجل التنمية». مبرزة أن أفقه هو وضع «أرضية سياسية مشتركة ومتوافق حولها»، تتضمن المبادئ والقواعد العامة، التي ينبغي أن تؤطر عملية تنزيل النموذج التنموي الجديد.
ولوحظ غياب الحزب الاشتراكي الموحد، برئاسة نبيلة منيب، عن لقاءات الأحزاب مع اللجنة، رغم أنه ممثل في البرلمان بنائبين.
وأحدثت اللجنة الملكية في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019، وعين شكيب بنموسى رئيسا لها في 19 نوفمبر (تشرين الأول)2019، وهي تضم عددا من الشخصيات والكفاءات التي اشتغلت على مدى حوالي عام ونصف عام لصياغة تصور لبرنامج تنموي جديد للمغرب.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».