واشنطن ماضية نحو فتح قنصليتها في القدس

{الأونروا} تطلق نداء التعافي بـ164 مليون دولار

عائلة من غزة لجأت إلى مدرسة تشرف عليها الأونروا بعد دمار منزلها أثناء الغارات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ف.ب)
عائلة من غزة لجأت إلى مدرسة تشرف عليها الأونروا بعد دمار منزلها أثناء الغارات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

واشنطن ماضية نحو فتح قنصليتها في القدس

عائلة من غزة لجأت إلى مدرسة تشرف عليها الأونروا بعد دمار منزلها أثناء الغارات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ف.ب)
عائلة من غزة لجأت إلى مدرسة تشرف عليها الأونروا بعد دمار منزلها أثناء الغارات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ف.ب)

أكدت الولايات المتحدة أنها تمضي قدماً في عملية إعادة فتح القنصلية العامة الأميركية في القدس، من دون أن تحدد موعداً للقيام بهذه الخطوة فعلياً. فيما أعلنت الأمم المتحدة أن وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (الأونروا) أطلقت نداء للمساعدة الإنسانية والتعافي المبكر بمبلغ 164 مليون دولار.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أكدت عقب وقف العمليات العدائية في مايو (أيار) الماضي، بين القوات الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية في غزة، أنها اتخذت قرارات تشمل إعادة فتح القنصلية العامة بالقدس، واستئناف الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لوكالة (الأونروا).
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، إنه فيما يتعلق بالقنصلية العامة الأميركية في القدس: «نحن نمضي قدماً في عملية إعادة فتح القنصلية العامة في القدس». ولكنه أضاف: «ليس لديّ جدول زمني لأقدمه الآن، ولكنه أمر نعمل عليه، كما ناقشنا مع شركائنا الإسرائيليين والفلسطينيين، سواء عندما كنا في إسرائيل الأسبوع الماضي، ونحن في مناقشة مستمرة منذ ذلك الحين».
ووصف برايس اتفاق اللقاح بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية بأنه «ترتيب ثنائي»، مضيفاً أن الإدارة الأميركية «تشجع» الطرفين على القيام بكل ما في وسعهما لزيادة التطعيم للإسرائيليين والفلسطينيين. وذكّر بمقاربة إدارة الرئيس جو بايدن التي تفيد أنه «طالما لم تجرِ السيطرة على (فيروس كوفيد 19) في كل مكان، فإنه يمثل تهديداً للناس في كل مكان، وبينهم الأميركيون في بلدهم».
وفي نيويورك، أعلن الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن «الأونروا» أطلقت نداء للمساعدة الإنسانية والتعافي المبكر بمبلغ 164 مليون دولار، بدلاً من النداء العاجل الأول البالغ 38 مليون دولار، والذي صدر في 19 مايو (أيار) الماضي، مؤكدة أنها ستستمر في مراقبة الوضع، وتحديث تقييمها للحاجات وفقاً لذلك.
وقال دوجاريك إن النداء المحدّث يتضمن إجراءات الاستجابة الفورية للطوارئ التي نفذتها «الأونروا» في غزة والضفة الغربية بين 10 مايو (أيار) و31 منه، بالإضافة إلى حاجات التعافي المبكر للاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2021. وأضاف: «يحدد هذا النداء حاجات الإصلاح الطارئ للملاجئ، والمساعدات الإنسانية للعائلات النازحة، والإصلاحات الطارئة لمنشآت الأونروا وصيانتها».
وتفيد «الأونروا» أن الضربات الجوية الإسرائيلية سبّبت أضراراً جسيمة بالبنية التحتية المادية، بما في ذلك المنازل ومنشآت الوكالة، وشبكات المياه والصرف الصحي في مخيمات اللاجئين. وتعرضت منشآت «الأونروا»، التي كانت بمثابة ملاجئ مخصصة للطوارئ، لأضرار فيما كان نحو 71 ألف شخص يبحثون عن مأوى في ذروة النزاع. ويقدّر بأن نحو 7500 لاجئ لا يزالون نازحين، بينهم 7150 شخصاً يقيمون مع أقارب وأصدقاء، ونحو 350 فرداً لا يزالون في مدرستين تابعتين للأونروا في جباليا ومخيم الشاطئ. وقال المفوّض العام للأونروا فيليب لازاريني، إن «تأثير هذا النزاع على لاجئي فلسطين، كما هي جولات العنف الثلاث السابقة، كان مدمراً»، مضيفاً أن «الصدمة التي عانى منها سكان غزة، بما في ذلك نحو 1.4 مليون لاجئ من فلسطين، سيستمر صداها في التردد لفترة طويلة». ولفت إلى أن «الأونروا موجودة على الأرض في غزة، وعلى استعداد للمضي قدماً في جهود التعافي الضخمة في الوقت المناسب وبطريقة فعالة وآمنة. لكننا نعتمد على الدعم السخي من شركائنا لتنفيذ جميع مشروعات إعادة الإعمار والمساعدة الإنسانية والحماية الضرورية الموضحة في هذا النداء العاجل».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.