لجان برلمانية تبحث في مصادر تمويل بطاقة مساعدات مالية للبنانيين

تعويضاً عن دعم السلع الحيوية

TT

لجان برلمانية تبحث في مصادر تمويل بطاقة مساعدات مالية للبنانيين

لا تزال عقدة تمويل البطاقة التمويلية تمثل العائق الأكبر أمام إقرارها، وهو ما ناقشته اللجان المشتركة في البرلمان اللبناني أمس، على أن يُستكمل النقاش فيها، اليوم (الخميس)، وسط تباينات بين ممثلي الكتل النيابية حول حجم البطاقة شهرياً ومصادر تمويلها، ومعلومات عن أن الاقتراحات تدور حول تخصيص نحو 100 دولار شهرياً لمدة سنة للأسر الأكثر فقراً. وقال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، الذي ترأس جلسة اللجان المشتركة، إن قانون البطاقة التمويلية بدأ النقاش به، وأدلى النواب بملاحظاتهم، لافتاً إلى إرجاء الجلسة إلى اليوم لاستكمال النقاش عن البطاقة التمويلية وتمويلها.
وأشار الفرزلي إلى أن النقاش «كان حول موضوع مصادر التمويل ومنصة البيانات وحول القانون الذي سيرعى هذا الموضوع». وعن رفع الدعم، قال الفرزلي: «مجلس النواب ليس بصدد النقاش حول رفع الدعم، أو أن يكون رأس حربة رفع الدعم. لكن هناك أزمة حقيقية في البلد تحتاج إلى بطاقة تمويلية، وهذا هو موضوع النقاش، والمجلس يحاول أن يساعد في السبل التي تؤدي إلى إقرار هذه البطاقة التمويلية كمصادر دعم وكمنصة بيانات».
وكانت الحكومة اللبنانية قدمت مشروع قانون يرمي إلى إقرار بطاقة تمويلية، في خطوة تمهيدية لترشيد أو رفع الدعم عن المواد الأساسية. ومن المفترض حسب خطة الحكومة أن تصل هذه البطاقة إلى نحو 750 ألف عائلة لبنانية، وتقدر قيمتها بملايين الدولارات في حال تم تخصيص 93 دولاراً للعائلة الواحدة، على أن يتغيّر بما يتناسب وعدد أفراد الأسرة. ولكن عدد هذه الأسر قد يخفض، إذ طرحت خلال مناقشة القانون فكرة عدم شمول هذه البطاقة المواطنين المستفيدين من برامج أخرى كبرنامج الأسر الأكثر فقراً الذي يضم 150 ألف أسرة، كما طرح البعض فكرة استثناء من يستفيد من تعميم مصرف لبنان المتعلّق بسحب مبلغ من وديعته بالدولار على أساس سعر صرف قريب من سعر السوق السوداء.
وسيعتمد قانون البطاقة التمويلية على أكثر من قاعدة بيانات موجودة لدى أكثر من جهة ووزارة، منها وزارة الشؤون الاجتماعية، ووردت مقترحات بدمج هذه القواعد بشكل يضمن وصول البطاقة إلى المستحقين.
وتواجه البطاقة التمويلية عوائق متصلة بتمويلها وحجمها وآليات تنفيذها، وهو ما أثار التباينات، فقد أشار عضو تكتل «الجمهورية القوية» جورج عقيص إلى أن «تكتلنا لن يسير في أي مشروع مجتزأ يحول البطاقة التمويلية بما تبقى من وقت إلى بطاقة انتخابية»، معتبراً أن «النقاشات التي حصلت اليوم (أمس) تحت قبة البرلمان معيبة حقاً بحق الشعب اللبناني وبحق النواب»، لافتاً إلى «أننا نبحث بين 93 دولاراً و107 دولارات تعطى للأسرة».
ورأى عقيص أن البطاقة التمويلية «يتم تشريعها تحت ضغط الأزمات وأوجاع الناس والشارع»، معتبراً أن «الإصلاح المستعجل والمرتجل ليس بالإصلاح الذي ينشده الشعب اللبناني».
وقال: «نحن اليوم مع الأسف نحاول أن نرقع مشكلاتنا الكبيرة من دون إيجاد الحلول اللازمة كلها.
اليوم هناك في مجلس النواب من يقول نحن مع البطاقة التمويلية، إنما من دون ربطها بمسألة الدعم ورفعه، حتى بترشيد هذا الدعم».
وأكد عقيص: «إننا نريد البطاقة التمويلية، ونريد ترشيد هذا الدعم الذي كان سياسة خاطئة فرضتها السلطة اللبنانية».
وقال إن «السلطة السياسية أوصلتنا إلى دعم سلع معينة وليس أشخاصاً أو فئات، وإلى أن تهرب هذه السلع، ولا تزال حتى اليوم، وكأن ما تريده هو عدم البحث في موضوع الدعم وإسكات الناس بالبطاقة التمويلية، ويستمر التهريب».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.