الجيش الإسرائيلي يعتقل تجار أسلحة في الضفة بعملية سرية

السلطة تتهم تل أبيب بـ {إطلاق يد المستوطنين}

رد فعل فلسطينيين بعد إطلاق قنبلة صوتية خلال مسيرة للمستوطنين في الضفة الاثنين (أ.ف.ب)
رد فعل فلسطينيين بعد إطلاق قنبلة صوتية خلال مسيرة للمستوطنين في الضفة الاثنين (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعتقل تجار أسلحة في الضفة بعملية سرية

رد فعل فلسطينيين بعد إطلاق قنبلة صوتية خلال مسيرة للمستوطنين في الضفة الاثنين (أ.ف.ب)
رد فعل فلسطينيين بعد إطلاق قنبلة صوتية خلال مسيرة للمستوطنين في الضفة الاثنين (أ.ف.ب)

رام الله: «الشرق الأوسط»

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه اعتقل العشرات من تجار الأسلحة الفلسطينيين في الضفة الغربية، وذلك خلال عملية مشتركة مع الوحدات الخاصة للشرطة الإسرائيلية.
وبحسب بيان مشترك، فإن العملية جرت بعد أشهر من المتابعة السرية عبر عميل سري تعامل مع أولئك التجار، الذين كانوا يقومون بتهريب الأسلحة إلى داخل إسرائيل لصالح عصابات إجرامية واشتروا منهم عشرات الأنواع المختلفة من الأسلحة. ووفقاً للبيان؛ فإنه دُوهمت منازل عشرات المشتبه بهم واعتقلوا بتهمة تورطهم في تجارة وتهريب وإنتاج وتوزيع الأسلحة.
وتعتقل إسرائيل بشكل شبه يومي فلسطينيين من الضفة الغربية. وشنت أمس حملة واسعة طالت 34 فلسطينياً من أنحاء متفرقة في الضفة؛ بما فيها القدس. وجاءت الاعتقالات بعد ليلة شهدت تصعيداً من قبل المستوطنين، الذين خرجوا في مسيرات بشوارع في الضفة الغربية متحدّين الفلسطينيين ومطالبين بهدم منازلهم في المنطقة «ج». وقتل ضابط أمن فلسطيني خلال هذا الوقت، ولم يتضح فوراً ما إذا كان على خلفية جنائية أم بنيران مستوطنين.
وفتحت إسرائيل وكذلك أجهزة الأمن الفلسطينية تحقيقاً في مقتل الضابط بالأمن الوطني الفلسطيني علاء محمد زهران، الذي وصل فجراً إلى مستشفى «رفيديا» وقد توفي جرّاء إصابته بالرصاص في رأسه. ونشرت مواقع إخبارية محلية أن زهران قتل جرّاء هجوم لمستوطنين بالرصاص على مركبته بالقرب من نابلس، لكن وسائل إعلام أخرى امتنعت عن النشر وقالت إن الخلفية غير واضحة. وقالت مصادر أمنية فلسطينية إنه فُتح تحقيق في الحادثة، وقالت إسرائيل أيضاً إنها ستحقق في هذا الأمر.
وعقبت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس، على التصعيد الاستيطاني، بقولها إن «حكومة الاحتلال الجديدة، تستغل الدعم الأميركي والاندفاع نحوها للتعبير عن تطرفها وعدائها لشعبنا وحقوقه، وتوظفه لتعميق الاستيطان وإطلاق يد المستوطنين لمواصلة اعتداءاتهم، واستمرار عمليات القضم التدريجي للأرض الفلسطينية».
وأدانت الوزارة «الهجوم الوحشي الذي شنته قوات الاحتلال والمستوطنون ضد المواطنين العزل ومنازلهم في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، وإقدامهم على رش المواطنين بالمياه العادمة، وإطلاق وابل من قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت على السكان المدنيين، وترهيبهم والاعتداء عليهم، ما أدى لإصابة العشرات منهم، واشتعال حريق على سطح منزل عائلة قاسم في الحي».
وندد بيان «الخارجية» بما تسمى «مسيرات الأعلام»؛ «العدوانية الاستفزازية التي قام بها المستوطنون في أكثر من منطقة في الضفة الغربية المحتلة، في تصعيد ممنهج لتوسيع عمليات سرقة المزيد من الأرض الفلسطينية، وتخصيصها لخدمة الاستيطان، كما حصل في منطقة جنوب نابلس، وبالذات في جبل صبيح ببلدة بيتا، بحماية من قوات الاحتلال، التي واصلت قمعها وتنكيلها بالمواطنين العزل الذين هبّوا للدفاع عن أرضهم في وجه مسيرات واعتداءات المستوطنين المسلحة».
وحمّلت الوزارة حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الاعتداءات الاستفزازية، محذرة من مخاطر نتائجها وتداعياتها على الجهود المبذولة لوقف العدوان وتثبيت التهدئة. وعدّت أنها «تصعيد ممنهج لخدمة مصالح الائتلاف الحاكم في إسرائيل، ورئيس وزرائه المتطرف بينت ومشاريعه الاستيطانية التوسعية». وأكدت «الخارجية» أنها تتابع هذا الملف أيضاً مع المحكمة الجنائية الدولية، وتواصل إرسال الرسائل المتطابقة بشأن استمرار العدوان الإسرائيلي، إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئاسة مجلس الأمن، ورئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».