اتهام نتنياهو بـ {تخريب} العلاقات الإسرائيلية مع واشنطن

حاول التشويش على اجتماع برلماني عن الفصل العنصري

نتنياهو في إحدى الجلسات الأخيرة بالكنيست (د.ب.أ)
نتنياهو في إحدى الجلسات الأخيرة بالكنيست (د.ب.أ)
TT

اتهام نتنياهو بـ {تخريب} العلاقات الإسرائيلية مع واشنطن

نتنياهو في إحدى الجلسات الأخيرة بالكنيست (د.ب.أ)
نتنياهو في إحدى الجلسات الأخيرة بالكنيست (د.ب.أ)

شهد الكنيست، أمس (الثلاثاء)، حدثين سياسيين غير عاديين أظهرا كم هي الحياة السياسية في إسرائيل متأزمة، فقد سعى اليمين المتطرف المعارض إلى تفجير اجتماع سياسي بعنوان «مكافحة التمييز والأبرتهايد» (الفصل العنصري)، ما دفع وزير الخارجية رئيس الحكومة البديل، يائير لبيد، إلى اتهام رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، بمحاولة تخريب متعمد للعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة.
وقال أحد المراقبين للعمل البرلماني الإسرائيلي خلال الخمسين سنة الأخيرة إنه لم يشهد في تاريخ الكنيست تدهوراً إلى حضيض كهذا. وأضاف: «شهدنا أحزاباً كثيرة في اليمين واليسار تخسر الحكم وتتألم لذلك، لكنني لم أشهد قادة سياسيين ينحدرون إلى هذا المستوى، فاليمين المعارض يبدو اليوم كمن كان يملك البيت وحده، ومستعد للتضحية بالبيت وأهله من جميع الأطراف في سبيل تمسكه بالكرسي».
وكان النائبان عن «القائمة المشتركة» عايدة توما وعوفر كسيف، ومعهما 14 منظمة حقوقية وحركات سلام، قد بادروا إلى عقد اجتماع في الكنيست تحت عنوان «بعد 55 سنة بين الاحتلال والأبرتهايد»، للتحذير من السياسة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة. وحضر عدد من نواب اليمين المتطرف، مثل إيتمار بن غبير وعميحاي شيكلي، محاولين تخريب الاجتماع، حيث راحوا يشتمون النواب العرب، خصوصاً النائبين المبادرين، متهمين إياهم بـ«الخيانة وخدمة إيران والإرهاب»، وبذلوا كل جهد لتفجير الاجتماع.
وفي هذا الأثناء، كشف لبيد أن رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، يعمد إلى الإضرار بالعلاقات الأميركية - الإسرائيلية عن قصد لاعتبارات سياسية شخصية. وكان لبيد يرد بذلك على ادعاءات نتنياهو بشأن أن رئيس الوزراء البديل وزير الخارجية في الحكومة الجديدة «أبرم اتفاقاً مع الولايات المتحدة من شأنه تقويض الأمن، وإحداث ضرر خطير لجوهر الأمن القومي، عندما أكد لنظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، أن إسرائيل لن تفاجئ الولايات المتحدة فيما يتعلق بإيران».
وبحسب مصادر سياسية، فإن نتنياهو تحدث أيضاً عن أن «واشنطن على معرفة بأن إسرائيل تعمل على إعداد خيارات عسكرية للتعامل مع إيران»، وقال إن لبيد تعهد للولايات المتحدة بإبلاغها مسبقاً بأي عملية ستنفذها إسرائيل ضد إيران، وإنه «تخلى بذلك عن حرية إسرائيل في العمل ضد نظام آية الله في إيران»، وادعى أنه خلال ولايته في رئاسة الحكومة لم يتعهد بذلك أمام الولايات المتحدة.
ورد لبيد بأن نتنياهو يتصرف على نحو غير مسؤول، ويضحي بالمصالح القومية من أجل أغراضه السياسية، مضيفاً أن نتنياهو يدرك جيداً أهمية التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وهو على دراية تامة بالضرر الذي يتسبب فيه، مشيراً إلى أن التغيير في السلطة أمر روتيني في الدول الديمقراطية، مبيناً أن «عدم قدرة نتنياهو على قبول حقيقة أن هناك شخصاً آخر بات يخلفه في منصب رئيس الحكومة يخرجه عن طوره، ويجعله يطلق تصريحات مؤذية لحكومتنا ولأصدقائنا الأميركيين، ويضر بالتالي بمواطني إسرائيل. وهو في هذا يعرض العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة للخطر على مذبح احتياجاته الشخصية». وأكد لبيد أنه يرى في هذا التوجه ضرباً من التنمر، وأن «البيت الأبيض يرى في هذه التصريحات إساءة متعمدة».
وحول الموضوع ذاته، قال مسؤول إسرائيلي آخر، في حديث مع «القناة 11» في التلفزيون الإسرائيلي، إن «محاولات نتنياهو دق أسافين بين حكومة بينت - لبيد وإدارة بايدن بدأت بخطاب نتنياهو يوم تنصيب الحكومة الجديدة، عندما حاول تصوير نفسه على أنه الشخص الوحيد الذي يمكنه الوقوف في مواجهة الأميركيين». وشدد المسؤول على أن تصريحات نتنياهو «ببساطة، هي استخدام يدعو للسخرية حيال المعرفة السياسية التي يمتلكها».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.