الأمم المتحدة تحذّر من «سيناريوهات رهيبة» في أفغانستان

«طالبان» تسيطر على أبرز معبر حدودي مع طاجيكستان

جنود من القوات الخاصة الأفغانية في مدينة قندوز أمس (رويترز)
جنود من القوات الخاصة الأفغانية في مدينة قندوز أمس (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تحذّر من «سيناريوهات رهيبة» في أفغانستان

جنود من القوات الخاصة الأفغانية في مدينة قندوز أمس (رويترز)
جنود من القوات الخاصة الأفغانية في مدينة قندوز أمس (رويترز)

رسمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان (أوناما) ديبورا ليونز، صورة قاتمة عن الأوضاع في هذا البلد مع استمرار انسحاب القوات الأميركية والدولية منه، محذرةً من الانزلاق نحو «سيناريوهات رهيبة» إذا لم تبتعد حكومة الرئيس أشرف غني وحركة «طالبان» عن ساحات القتال لمصلحة العودة إلى طاولة المفاوضات.
وكانت ليونز، وهي أيضاً الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في أفغانستان، قد تقدمت إحاطة، أمس، إلى أعضاء مجلس الأمن حول الأوضاع في هذا البلد، فأفادت بأن «لا مبالغة في التعبير عن القلق حيال الوضع الراهن» في هذا البلد، مشيرة إلى أن «كل الاتجاهات الرئيسية: السياسة والأمن وعملية السلام والاقتصاد وحال الطوارئ الإنسانية و(كوفيد – 19) سلبية أو راكدة»، محذرةً من «الانزلاق نحو سيناريوهات رهيبة». وقالت إن الإعلان في شأن سحب كل القوات الدولية «أدى إلى هزة زلزالية للنظام السياسي الأفغاني»، مضيفة أن الاتفاق بين الولايات المتحدة و«طالبان» بعث بالأمل في مساحة لإحلال السلام بين الأفغان بعد انسحاب القوات الأجنبية. لكن بدلاً من ذلك «كانت الإجراءات في ساحة المعركة أكبر بكثير من التقدم على طاولة المفاوضات». ولفتت إلى أن التطورات الميدانية تشير إلى أن «طالبان تستعد لمحاولة السيطرة على الولايات المختلفة بمجرد انسحاب القوات الأجنبية بالكامل»، مؤكدة أن «الحملة العسكرية المكثفة سيكون لها أثر مأساوي». وذكّرت بعدم استجابة «طالبان» لتحريك المفاوضات وعدم مشاركتها في مؤتمر في إسطنبول في أبريل (نيسان) الماضي. وكذلك قالت إنه «حتى من دون ديناميكيات النزاع المشار إليها، ستكون أفغانستان بلداً يواجه أزمات متعددة»، إذ إن «نحو ثلث الأفغان يواجهون مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي، فيما تفاقم الجفاف هذا العام وزاد النزوح الداخلي»، ناقلة عن البنك الدولي تقديره أنه «نتيجة للنزاع، والموجة الثالثة الشديدة من كوفيد، والجفاف، وضعف النسيج الاجتماعي، وغير ذلك من العوامل، يمكن أن يرتفع معدل الفقر في أفغانستان من 50% إلى أكثر من 70%».
ورغم هذه الصورة القاتمة، قالت ليونز إنه «لا يزال هناك متسع من الوقت، بالكاد (...) لمنع تحقق السيناريو الأسوأ»، مضيفة أن أحد الأهداف الرئيسية لبعثة الأمم المتحدة «مواصلة العمل مع جميع الشركاء لضمان استمرار المؤسسات التي تدعم رفاهية جميع الأفغان». وأكدت أن «أي حكومة مستقبلية لا يمكن أن تبدأ المفاوضات من لا شيء»، آملة في أن «تتفهم طالبان هذا بقدر ما تتفهمه الحكومة في كابل». وأبدت استعداد البعثة الدولية للاضطلاع بدور أكبر في عملية السلام «إذا التزم الطرفان بمفاوضات حقيقية واتفقا معاً على دور الأمم المتحدة». وشددت على أنه «لا يوجد سوى اتجاه واحد مقبول لأفغانستان بعيداً عن ساحة المعركة والعودة إلى طاولة المفاوضات»، داعيةً مجلس الأمن إلى «بذل جهد لتحقيق ذلك بدعم من دول المنطقة».
جاء ذلك في وقت سيطرت حركة «طالبان» أمس (الثلاثاء)، على أبرز معبر حدودي مع طاجيكستان في شمال أفغانستان، وهو محور حيوي في العلاقات الاقتصادية مع آسيا الوسطى في أوج انسحاب القوات الأميركية من البلاد، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وبات المتمردون يسيطرون على أبرز مركز حدودي وطرق المرور الأخرى مع طاجيكستان وكذلك على المناطق المؤدية إلى قندوز، كبرى مدن شمال شرقي البلاد، على بُعد 50 كلم، كما قال مسؤولون محليون للوكالة الفرنسية.
وأكد عضوان في المجلس المحلي عمر الدين والي وخالد الدين حكمي، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه تمت «السيطرة على معبر شير خان» الذي يربط أفغانستان ببقية آسيا الوسطى «وعلى كل المعابر الحدودية الأخرى بعد ساعة من القتال».
وأوضح ضابط في الجيش الأفغاني، رفض الكشف عن اسمه، أن «حركة طالبان بدأت الهجوم الليلة (قبل) الماضية، وفي الصباح كانوا في كل مكان بالمئات». وأضاف: «لقد اضطررنا إلى التخلي عن كل مواقعنا وكذلك على المعبر الحدودي. عبر بعض جنودنا (الحدود) إلى طاجيكستان» لكي يحتموا.
وقال الناطق باسم المتمردين ذبيح الله مجاهد، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنهم «بصدد إعادة وضع إلى طبيعته» على الحدود. وحرص أيضاً على «طمأنة» طاجيكستان قائلاً: «لا نُضمر لها أي شر، وسنحرس الحدود من الجانب الأفغاني».
وفي مواجهة التقدم المباغت لـ«طالبان» في الشمال، أرسلت وزارة الدفاع الليلة قبل الماضية تعزيزات بمئات الرجال إلى قندوز وغالبيتهم من كوماندوس قوات خاصة، كما قال مسؤول. وهذه العاصمة الإقليمية الواقعة على بُعد 50 كلم من الحدود سبق أن سقطت مرتين في 2015 و2016 في أيدي المتمردين وهي الآن مطوقة.
والاثنين، لمح «البنتاغون» إلى أن العمليات التي تتقدم بسرعة كبيرة يمكن أن تُبطأ عمداً لمواجهة هذه الهجمات المتكررة مع احترام استحقاق 11 سبتمبر (أيلول)، لتحقيق انسحاب كامل.
ودعا الرجل القوي في الشمال الحاكم السابق لولاية بلخ محمد عطا نور، أمس، الحكومة إلى إعلان «تعبئة وطنية» للتصدي لهجمات «طالبان».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».