حادث سير يخطف أفراد عائلة بسبب أزمة البنزين في لبنانhttps://aawsat.com/home/article/3041891/%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB-%D8%B3%D9%8A%D8%B1-%D9%8A%D8%AE%D8%B7%D9%81-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%B2%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86
حادث سير يخطف أفراد عائلة بسبب أزمة البنزين في لبنان
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
حادث سير يخطف أفراد عائلة بسبب أزمة البنزين في لبنان
أثار مقتل أفراد عائلة بأكملها بحادث سير غضباً كبيراً عبر عنه لبنانيون على وسائل التواصل الاجتماعي الذين حملوا السلطة مسؤولية الحادث، ولا سيما أن أحد أسبابه البحث عن البنزين على محطات الوقود. وكانت غرفة «التحكم المروري» أعلنت مساء أول أمس الاثنين عن سقوط 5 قتلى وعدد من الجرحى إثر حادث سير وقع على أوتوستراد السعديات جنوب العاصمة بيروت بعد اصطدام 5 سيارات ببعضها، ليتبيّن بعدها أن القتلى هم الأم فاطمة قبيسي (38 عاماً) وبناتها زهراء (17 عاماً) وآية (12 عاماً) والتوأمان تيا وليا (7 سنوات). وذكرت «الوكالة الوطنية» أن العائلة كانت ذهبت برفقة قريب لها (هو في حالة حرجة حالياً) عصر الاثنين للبحث عن مادة البنزين استعداداً للنزول إلى المطار يوم الأربعاء واستقبال الوالد عماد حويلي الذي سافر منذ 4 أشهر إلى ليبيريا بهدف العمل بعدما تدهورت الأحوال الاقتصادية في لبنان. وأضافت الوكالة أن الوالد أصيب بالملاريا فقرر العودة للعلاج في لبنان. وشرح عم الفتيات الضحايا قاسم حويلي تفاصيل الحادث لـ«الوكالة الوطنية» مشيراً إلى أن عائلة شقيقه تفاجأت ومعها العديد من السيارات العابرة على الأوتوستراد بسيارة تسير عكس اتجاه السير للوصول إلى محطة البنزين ما أدى إلى التصادم. ونقلت أمس جثامين الأم وبناتها إلى قريتهن الشرقية (جنوب لبنان) حيث سيتم تشييعهن اليوم بوجود الوالد الذي من المقرر أن يصل فجراً. واعتبر عدد من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي أن هذه العائلة دفعت ثمن فساد السلطة مرتين مرة عندما اضطر الوالد إلى الهجرة بحثاً عن لقمة العيش ومرة حين قتلوا بسبب أزمة البنزين، محملين السلطة مسؤولية الحادث. كما أعاد حادث السير الحديث عن طرقات لبنان التي تفتقر أدنى معايير السلامة إذ تغيب عن معظمها الإنارة وإشارات السير. ويشهد لبنان منذ أشهر أزمة شحّ في مادة البنزين إذ تصطف يومياً مئات السيارات على محطات الوقود ما يتسبب بزحمة سير خانقة والعديد من المشاكل التي لجأ اللبنانيون خلالها أكثر من مرة إلى استخدام الرصاص ما دفع السلطة إلى نشر عناصر من القوى الأمنية على عدد من المحطات.
القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.
ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.
ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.
وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.
وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».
وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.
وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.
أزمات الفلاحين
سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.
على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.
تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».
ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.
وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».
ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.
وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.
يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».
فرصة ثانية
يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.
أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.
ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».
أنواع جديدة
يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.
ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.