بعد خطابه أمام الكونغرس.. هل يعزز نتنياهو فرص نجاحه في الانتخابات؟

منتقدوه يؤكدون أنه استغل الفرصة

بعد خطابه أمام الكونغرس.. هل يعزز نتنياهو فرص نجاحه في الانتخابات؟
TT

بعد خطابه أمام الكونغرس.. هل يعزز نتنياهو فرص نجاحه في الانتخابات؟

بعد خطابه أمام الكونغرس.. هل يعزز نتنياهو فرص نجاحه في الانتخابات؟

جازف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باحتمال إلحاق ضرر بالعلاقات الإسرائيلية - الأميركية، بعد إلقائه خطابا في الكونغرس الأميركي، أول من أمس، ولكنه قد يكون، حسب عدد من المراقبين والمحللين السياسيين، قد عزز فرصه بالنجاح في الانتخابات التشريعية المقررة في 17 من مارس (آذار) الحالي.
وأثارت زيارة نتنياهو، الذي يسعى إلى إعادة انتخابه للمرة الثالثة على التوالي، إلى واشنطن، انتقادات واسعة سواء في أميركا أو إسرائيل، خاصة أنها جاءت بدعوة مباشرة من الجمهوريين في الكونغرس، ومن دون إشراك البيت الأبيض الذي بدا متجاهلا للخطاب، إذ قال أوباما من البيت الأبيض إن «لا جديد» في الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام الكونغرس، موضحا أنه «لم يقدم بديلا قابلا للتطبيق» حول الملف النووي الإيراني.
وفي إسرائيل، انتقدت أحزاب المعارضة، التي تسعى للإطاحة بنتنياهو في الانتخابات المقررة بعد أسبوعين، خطابه أمام الكونغرس، قائلة إنه سيضر بالعلاقات مع الحليف الأميركي. وفي هذا الصدد، اعتبر غابرييل شيفر، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، أن الخطاب كان «غير مناسب». مشيرا إلى أن أسس العلاقات الأميركية - الإسرائيلية لن تصاب بضرر كبير بسبب التوترات بين نتنياهو وأوباما، إلا أن الإدارة الأميركية قد «تضغط» على نتنياهو في قضايا حساسة، مثل «البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، ومحادثات السلام مع الفلسطينيين». وقال إن الولايات المتحدة قد «تقلل من المساعدات المالية التي تمنحها لإسرائيل»، بالإضافة إلى التقليل من تزويدها بالأسلحة.
أما ستيفان ميلر، وهو خبير إسرائيلي - أميركي متخصص في الاستراتيجيات السياسية واستطلاعات الرأي، فأكد أنه ما زال من المبكر جدا رؤية تبعات الخطاب قبل نتائج الانتخابات. ولكنه اعتبر أن كلمة نتنياهو، بمعزل عن محتواها أو نتائجها، ساعدت في صرف النظر عن الخطاب العام في إسرائيل حول عدد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تعد نقطة ضعف نتنياهو الانتخابية. وقال بهذا الخصوص: «لقد قدم الأسبوعان من الحديث عن الخطاب مساعدة لنتنياهو، لأنه تم تخصيص كل مقال وكل دقيقة على التلفزيون للحديث عن خطاب رئيس الوزراء وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل، لكن لم يتحدثوا عن القضايا الاقتصادية». وبحسب ميلر، فإن نتنياهو «غير قادر على الدفاع عن سجله، أو تقديم خطة عن القضايا التي يهتم بها الناخبون أكثر من أي شيء آخر، ولهذا فإنه قام بتطبيق أفضل استراتيجية، وهي محاولة تغيير مجرى الحديث». ومن جهتها، رأت إيميلي لانداو، خبيرة الأسلحة النووية في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، أن الخطاب قد تكون له آثار هامة على الإدارة الأميركية عبر التغيير في الرأي العام الأميركي. وقالت إنه «من المثير جدا للاهتمام رؤية المقالات والتعليقات منذ خطاب نتنياهو. هناك تغيير ملحوظ في الموقف».
وأشارت لانداو إلى أنه على الرغم من صعوبة تحديد كيفية تأثير الخطاب على السياسة الأميركية، أو على المحادثات بين إيران والقوى الكبرى، فإنه «سيكون من الصعب على الإدارة الأميركية بعد الخطاب أن تقوم بتهميش معارضي الاتفاق الوشيك». وتابعت موضحة/ «سيطالب المزيد من الناس إدارة أوباما بالرد على الانتقادات التي وجهها رئيس الوزراء نتنياهو، وهذا قد يدفعهم إلى الإجابة عن الأسئلة أو حتى تغيير أسلوبهم التفاوضي».
وكان نتنياهو قد رفض، أمس، انتقادات أوباما لخطابه أمام الكونغرس الذي ندد فيه بالاتفاق الذي تسعى الولايات المتحدة لإبرامه مع طهران، معتبرا أنه «اتفاق سيء جدا». وأصر نتنياهو بعد وصوله، أمس، إلى إسرائيل عائدا من واشنطن، على أنه قدم «بديلا عمليا سيفرض قيودا أكثر صرامة على البرنامج النووي الإيراني، مما سيمدد لسنوات الفترة التي تحتاجها لتحقيق اختراق» في برنامجها النووي. لكن منتقدي نتنياهو يؤكدون أنه استغل الخطاب من أجل كسب المزيد من الأصوات في حملته الانتخابية، بينما يرى مؤيدوه أنه قام بذلك في إطار منع التوصل إلى اتفاق «سيء» مع إيران. وبالنسبة لإيتان جيلبوع، وهو خبير في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية في جامعة بار إيلان، فإن إلقاءه الخطاب جاء للجمع بين الهدفين. مشيرا إلى أنه كان بإمكان نتنياهو أن يتصرف بشكل مختلف، مثل «تأجيل الخطاب إلى ما بعد الانتخابات».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.