مسلحون ملثمون يثيرون الرعب بين سكان الحوطة ويطالبونهم بمبايعة «داعش»

مصادر تنفي وصول مجاميع منهم إلى جزيرة سقطرى

مسلح من جماعة الحوثي يحقق من هوية ركاب سيارة في نقطة تفتيش بالعاصمة صنعاء (رويترز)
مسلح من جماعة الحوثي يحقق من هوية ركاب سيارة في نقطة تفتيش بالعاصمة صنعاء (رويترز)
TT

مسلحون ملثمون يثيرون الرعب بين سكان الحوطة ويطالبونهم بمبايعة «داعش»

مسلح من جماعة الحوثي يحقق من هوية ركاب سيارة في نقطة تفتيش بالعاصمة صنعاء (رويترز)
مسلح من جماعة الحوثي يحقق من هوية ركاب سيارة في نقطة تفتيش بالعاصمة صنعاء (رويترز)

نفت مصادر محلية في محافظة جزيرة سقطرى اليمنية لـ«الشرق الأوسط» المعلومات التي تحدثت عن وصول عشرات المسلحين الذين ينتمون لتنظيم «داعش»، مؤخرا، إلى الجزيرة من أجل تحويلها إلى منطلق للتنظيم نحو بقية المناطق اليمنية بحكم أنها بعيدة ونائية، ونفى مصدر في مطار سقطرى أنباء وصول مجاميع «داعشية» إلى الجزيرة، وقال: «إننا نعيش في جزيرة، والغرباء يعرفون فيها بسرعة وأي تحركات تكون مكشوفة، لسنا في مدينة كبيرة يمكن للناس التخفي فيها».
في سياق متصل، قال شهود عيان في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج الجنوبية لـ«الشرق الأوسط»: «إن عشرات الأشخاص المدججين بالأسلحة والملثمين، ينتشرون، بين وقت وآخر، وسط المدينة ويقومون بتوزيع منشورات تطالب المواطنين بمبايعة «داعش»، وقالت مصادر محلية في الحوطة إن المسلحين يرفعون أعلام تنظيم «داعش» ويطالبون بمبايعته، وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الانتشار يتم على مقربة من موقع وجود قوات ودبابات الجيش المنتشرة على الشارع الرئيسي للحوطة والذي يربطها بمدينة عدن، قرب مقر المخابرات، وأشارت المصادر إلى أن «المسلحين يبدو أنهم من عناصر تنظيم (أنصار الشريعة) الذين غيروا انتماءاتهم أو أن المسألة ترتبط بعملية خلط الأوراق في الجنوب»، وتطرقت المصادر إلى أن «الجنوب، ولحج جزء منه، يعاني من انتشار الجماعات المسلحة، بعضها تدعي أنها إسلامية والبعض الآخر، يرتبط ببعض فصائل (الحراك الجنوبي) المنادي بالانفصال».
وقال مواطنون، في اتصالات هاتفية مع «الشرق الأوسط» إن «حالة من الرعب والقلق تنتاب سكان مدينة الحوطة بسبب الظهور المفاجئ لهؤلاء المسلحين ثم الاختفاء والعودة وهم مدججون بالأسلحة ويخفون وجوههم»، وتعد الحوطة من المدن الصغيرة والجميلة والتي يمتاز سكانها بالبساطة، وخلال الأيام العشرة الماضية اغتيل أكثر من 8 ضباط وجنود في لحج على يد مسلحين يعتقد أنهم متطرفون، وعادة ما يستخدم المسلحون الدراجات النارية في عمليات الاغتيالات للضباط ومهاجمة دوريات الأمن، وقد قتل مئات الضباط اليمنيون في لحج وعدن وأبين وحضرموت وصنعاء وغيرها من المناطق في عمليات الاغتيالات التي توجه أصابع الاتهام فيها إلى تنظيم «القاعدة»، وقللت مصادر سياسية جنوبية من شأن الحديث عن وجود عناصر تتبع «داعش» في المحافظات اليمنية الجنوبية، واعتبرت هذه المصادر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا كله من عمل الآلة الإعلامية للحوثيين الذين يسعون إلى شرعنة هجماتهم على الجنوب وبعض المناطق في الشمال بحجة محاربة الدواعش والتكفيريين».



توجه حوثي لاتهام مختطفي احتفالات الثورة بالخيانة والعمالة

إنارة قلعة القاهرة في مدينة تعز احتفالاً بذكرى الثورة التي مُنع سكان المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية من الاحتفال بها (إكس)
إنارة قلعة القاهرة في مدينة تعز احتفالاً بذكرى الثورة التي مُنع سكان المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية من الاحتفال بها (إكس)
TT

توجه حوثي لاتهام مختطفي احتفالات الثورة بالخيانة والعمالة

إنارة قلعة القاهرة في مدينة تعز احتفالاً بذكرى الثورة التي مُنع سكان المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية من الاحتفال بها (إكس)
إنارة قلعة القاهرة في مدينة تعز احتفالاً بذكرى الثورة التي مُنع سكان المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية من الاحتفال بها (إكس)

كشفت مصادر حقوقية يمنية عن استعداد الجماعة الحوثية لمحاكمة عدد من اليمنيين المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة 26 سبتمبر (أيلول) بتهمة التآمر والخيانة، بينما ترفض قيادات أخرى هذا التوجه، وتسعى إلى الإفراج عنهم بعد انتهاء فترة الاحتفالات.

وذكرت مصادر حقوقية مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن خلافات شديدة احتدمت بين قيادات وأجنحة الجماعة الحوثية حول مصير المختطفين والتعامل معهم، فبينما كان يفترض أن يجري الإفراج عن جميع المختطفين بمجرد مرور مناسبة ذكرى الثورة بأيام، ظهرت مقترحات من قادة أمنيين في الجماعة باستغلال الفرصة لمعاقبة المختطفين وترهيب المجتمع.

وبحسب ما حصلت عليه المصادر من معلومات، فإن قيادات كبيرة في الأجهزة الأمنية الحوثية طلبت من مختلف القيادات التي تتوسط للإفراج عن المختطفين التوقف عن ذلك، لأنها تدرس ملفات جميع من تم احتجازهم للتعامل مع خطر كبير.

وبيّنت المصادر أن من القيادات التي تصرّ على استمرار احتجاز وإخفاء المختطفين، عبد الحكيم الخيواني رئيس ما يعرف بـ«جهاز الأمن والمخابرات»، وعبد الكريم الحوثي وزير الداخلية في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وعلي حسين الحوثي ابن مؤسس الجماعة، والمسؤول عن جهاز استخبارات الشرطة المستحدث أخيراً، وهؤلاء جميعاً يتبعون زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي مباشرة.

وأوضحت المصادر أن الوسطاء والمحامين الذي بذلوا جهوداً للإفراج عن المختطفين تلقوا في البداية تطمينات بأن الاختطافات ما هي إلا إجراءات احترازية لمنع حدوث أي تطور للاحتفالات إلى أعمال احتجاجات أو مظاهرات مناهضة للجماعة، خصوصاً مع مخاوف القادة الحوثيين من وجود تمويل وتحريض غربيين بسبب أحداث البحر الأحمر والتطورات في المنطقة.

الجماعة الحوثية هدّدت كل من يرفض الاحتفال بذكرى سيطرتها على صنعاء بالعقاب (أ.ب)

ويعدّ القيادي محمد علي الحوثي، عضو ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم)، من أشدّ المعارضين لاستمرار احتجاز المختطفين، وإلى جانبه القادة الذين يتم اللجوء إليهم من طرف الأعيان والشخصيات الاجتماعية للتوسط للإفراج عن المختطفين.

زيادة النقمة

بعد انقضاء عيد الثورة ومرور ذكراها دون أن يتمكن السكان من الاحتفال في تجمعات كبيرة شبيهة بتجمعات العام الماضي كما كان متوقعاً؛ لم يتم الإفراج سوى عن بعض المختطفين، خصوصاً في المناطق النائية قليلة السكان، أو من لم تكن هناك وساطات اجتماعية للإفراج عنهم أو دعوات للتضامن معهم.

ووفقاً للمصادر، فإن عائلات باقي المختطفين فوجئت بإبلاغ الوساطات والمحامين لها بحدوث تغيرات معقدة في التعامل معهم، وأن هناك نوايا مريبة لدى أجهزة أمن الجماعة الحوثية توحي بالتنصل عن الوعود السابقة بالإفراج عنهم.

احتفالات وفعاليات الجماعة الحوثية هي المسموح بها فقط في مناطق سيطرتها ويجري قمع الاحتفال بالمناسبات الوطنية (أ.ف.ب)

وتلقى الوسطاء والمحامون تنبيهات من قادة حوثيين بأن القضية أخطر من مجرد احتفالات بعيد الثورة، وأن هناك مؤامرة كبيرة، وإعداداً لأعمال تخريبية يجري التحقيق والتحري حولها، بحسب مزاعمهم.

وبيّنت المصادر أن أجهزة أمن الجماعة الحوثية تزيد من تحفظها وإصرارها على استمرار اختطاف كل من يتم التضامن معه في أوساط الرأي العام، أو تدخل الوساطات للإفراج عنه، ويجري ابتزاز عائلته وتهديدها بأن إثارة قضية اختطافه ستؤدي إلى الإضرار به.

من جهته، اتهم الناشط السياسي محمد المقالح، العضو السابق فيما يسمى «اللجنة الثورية» التابعة للجماعة الحوثية، السلطات في صنعاء (ويقصد بها الجماعة الحوثية) باستهداف «آلاف من المواطنين على خلفية رفع العلم الجمهوري والمشاركة في احتفالات ذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، مؤكداً أن غالبية تلك الاختطافات تمت في المناطق الريفية، وشملت النساء والأطفال».

وحذّر المقالح، وهو من مؤيدي الحوثيين، قادة الجماعة من مغبة ممارساتهم بقوله: «إلى أين أنتم ذاهبون بأنفسكم، ولا أقول بهؤلاء المظلومين؟».

وتفيد المصادر أن محمد الحوثي يرى أن هذه الممارسات تتسبب في تصاعد النقمة في أوساط المجتمع، وتدفع السكان إلى التذمر والغضب، وهو أمر لا يرى له أي مبرر، خصوصاً وهو المتكفل بتعزيز حضور الجماعة لدى القبائل والمجتمعات المحلية.

انتقادات دولية

انتقد كل من منظمة «هيومن رايتس ووتش» و«مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان» ممارسات الجماعة الحوثية بعد اختطاف الداعين إلى الاحتفال السلمي بثورة سبتمبر، بعد رصد منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

ووصفت المنظمة والمركز ممارسات الجماعة الحوثية بالاحتجاز التعسفي، نظراً لأنها لم توجه تهماً إلى المختطفين، وطالباها بـ«الإفراج فوراً عن كافة المحتجزين لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التجمع والتعبير، وكذلك عن جميع الذين ما زالوا رهن الاحتجاز التعسفي، بمن فيهم عشرات من موظفي (الأمم المتحدة) والمجتمع المدني في اليمن، الذين تم اعتقالهم وإخفاؤهم خلال الأشهر الأربعة الماضية».

وجاء في تقرير، نشرته المنظمة، أنه تم الاستماع إلى شهادات عشرات اليمنيين ممن اختطفتهم ميليشيا الحوثي أو من أقارب المختطفين، وبيّنت الشهادات أن احتفالهم بثورة 26 سبتمبر والكتابة عن ذلك في مواقع التواصل هو ما أزعج الحوثيين ودفعهم لحلمة الاعتقالات.

وفي كثير من الحالات، اختطف الحوثيون أشخاصاً لمجرد توشّحهم بالعلم اليمني أو التلويح به أو تعليقه على سيارتهم طبقاً للتقرير، وقال أحد أقارب المحتجزين إن اثنين من أبناء عمومته اعتُقِلا، وإنهما «لم يحتفلا أو يفعلا أي شيء، كانا يعلقان العلم اليمني على سيارتهما».

وأورد التقرير شهادات عن اتهام الجماعة للمختطفين بالاحتفال بيوم 26 سبتمبر، وهو ذكرى الثورة، وعدم الاحتفال بيوم 21 من ذات الشهر، وهو ذكرى انقلاب الجماعة على التوافق السياسي والدولة اليمنية، كما أن عناصرها هددوا أي شخص يحتفل بالثورة أو يرفع الأعلام اليمنية.

وخلال الشهر الماضي، اختطفت الجماعة الحوثية ناشطين وسكاناً من مختلف الفئات الاجتماعية في غالبية المحافظات الخاضعة لسيطرتها، ورأى «مركز القاهرة» أن هذه الاختطافات كانت «محاولة للحيلولة دون التعبئة الجماعية التي يمكن أن تتحدى سلطة الحوثيين».