انطلاق المرحلة الثانية من التطعيم في مخيمات النازحين شمال غربي سوريا

«الإدارة الذاتية» تتحدث عن حالات تسمم بسبب تلوث المياه شرق الفرات

عنصر من «الدفاع المدني» يساهم في حملة التطعيم في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
عنصر من «الدفاع المدني» يساهم في حملة التطعيم في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق المرحلة الثانية من التطعيم في مخيمات النازحين شمال غربي سوريا

عنصر من «الدفاع المدني» يساهم في حملة التطعيم في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
عنصر من «الدفاع المدني» يساهم في حملة التطعيم في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

انطلقت المرحلة الثانية لحملة تطعيم لقاح «كوفيد - 19»، في مراكز أطمة الطبية ومخيمات كفرعويد وعقربات والتح وملس ومخيمات أخرى، بالإضافة إلى عدد كبير من المراكز الطبية بريف محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، تستهدف كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة، عبر فرق طبية متخصصة تابعة لـ«فريق لقاح سوريا»، المسؤول عن تقديم اللقاحات في مناطق خاضعة لنفوذ وسيطرة فصائل سورية معارضة شمال غربي سوريا.
وشهد مركز كفرعويد الطبي في تجمع أطمة للمخيمات شمال إدلب، إقبالاً كبيراً من المواطنين النازحين من مختلف المناطق السورية، بينهم كبار بالسن وآخرون مصابون بأمراض مزمنة، لتلقي اللقاح من قبل الفريق المخصص للمركز، وسط أجواء من التفاعل والتعاون بين المواطنين وفريق التطعيم، الذي كان على استعداد تام، من حيث «التحضيرات ضمن خيام مجهزة ببرادات لحفظ اللقاحات وملصقات ورقية تشجع المواطنين على تلقي اللقاحات ضد فيروس (كورونا)»، لاستقبال المواطنين، وتم تطعيم أكثر من 400 مواطن. وعملت فرق الدفاع المدني «الخوذ البيضاء»، على تخصيص عدد كبير من سياراتها وآلياتها، لتسريع عملية تقديم اللقاحات لمستحقيها، ونقل عشرات المواطنين المسنين الراغبين بتلقي اللقاح في مناطق حفسرجة إلى مركز ملس بريف إدلب، وعقب تلقيهم اللقاحات تم إعادتهم إلى منازلهم.
وقال مسؤول في «فريق لقاح سوريا»، في القطاع الشمالي لإدلب، إنهم يعملون بشكل لصيق تحت إشراف منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، وسط توصيات من منظمة الصحة بتوزيع عادل للقاح وإعطاء الأولوية للكوادر الطبية والفئات العمرية الأكثر عرضة للخطر. وأضاف، أنه تسلمت مناطق المعارضة قرابة 54 ألف جرعة لقاح نهاية أبريل (نيسان) الماضي وفق برنامج «كوفاكس» التابع لمنظمة الصحة، حيث تتم عمليات التطعيم في مدن وبلدات محافظة إدلب وريف حلب الشمالي والغربي، وهذه المناطق خاضعة لنفوذ وسيطرة فصائل سورية معارضة.
وتابع: «نعمل في 93 نقطة لقاح موزعة على المستشفيات والمراكز الصحية تمنح اللقاحات لجميع المستهدفين في الحملة بغض النظر عن مكان إقامتهم»، وأضاف أن منظمة الصحة أفرزت 123 فريقاً مخصصاً للتطعيم ضد فيروس (كورونا)، «استندت بتوزيعها وعملها إلى الدروس المستفادة من إجراءات الوقاية والاستجابة السابقة للفيروس والدورات التدريبية للكوادر الطبية».
وكانت جائحة (كوفيد - 19) فاقمت من معاناة النازحين في الآونة الأخيرة، وزادت من مخاوفهم من خطر الإصابة بفيروس «كورونا»، ضمن مخيمات عشوائية مكتظة بالنازحين، وافتقارها لأبسط وسائل الوقاية، فضلاً عن اعتماد عدد كبير من النازحين في هذه المخيمات على خزانات مياه شرب مشتركة، والحمامات كذلك، إذ تعمل الفرق الطبية والمنظمات على حملات توعوية متواصلة للنازحين وتعريفهم بطرق الوقاية من خطر انتشار فيروس «كورونا».
وهذه المرحلة الثانية من حملة التطعيم في مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، بعد الانتهاء من حملة تلقيح الكوادر الطبية والعاملين في المنظمات الإنسانية والطبية التي جرت في مطلع شهر مايو (أيار) الماضي، وتأتي حملات التطعيم واللقاح وسط تخوف من موجات جديدة من الإصابات بالوباء مع استنفاد إمدادات الأكسجين، وأصبحت مستشفياتها مهملة بالفعل بعد 10 سنوات من الصراع أدى إلى تدهور نظام الرعاية الصحية وخروج عدد كبير من المشافي والمراكز الطبية عن العمل في مناطق إدلب، بفعل القصف والاستهداف المباشر من قبل قوات النظام والطيران الروسي سابقاً.
في السياق، أعلنت شبكة الإنذار المبكر أمس عن تسجيل 27 إصابة جديدة بفيروس «كورونا» في مناطق المعارضة شمال غربي البلاد، بينها 13 حالة في مدينة إدلب، و14 إصابة بريف حلب ليرتفع عدد الإصابات المسجلة إلى 25119 ألفا، فيما سجلت الشبكة 51 حالة تماثلت للشفاء، ليرتفع عدد حالات الشفاء إلى 21901 حالة، بوقت لم تسجل أي حالة وفاة بالمناطق المذكورة خلال 48 ساعة لتبقى حصيلة الوفيات 704. إلى جانب إجراء مسح ميداني بأخذ 376 تحليلاً بنفس المنطقة.
«فريق لقاح سوريا» ومنظمة الصحة العالمية تطلقان المرحلة الثانية من التطعيم بمخيمات إدلب
إلى ذلك، قال عنتر سينو رئيس الأطباء بمشفى الشعب بمدينة الحسكة التابعة للإدارة الذاتية، إنهم يستقبلون يومياً 100 حالة تسمم وأمراض إسهال وسط ارتفاع درجات الحرارة والتي تجاوزت 40 درجة مئوية وشرب مياه غير نظيفة: «ارتفاع درجات الحرارة والاعتماد على مصادر متنوعة للمياه والتي تكون غالبيتها ملوثة، أدت لزيادة حالات التسمم والإسهال والتهاب الأمعاء بين السكان وسط خشية من ارتفاع حالات الإصابة بفيروس (كورونا)».
وتتهم الإدارة الذاتية شرق الفرات الحكومة التركية بحبس مياه نهر الفرات تجاه الأراضي السورية وسط تحذيرات من كارثة صحية وزراعية في المنطقة، ونقل الدكتور وسيم الصالح وهو طبيب اختصاصي بأمراض الأطفال في مشفى «غرانيج» الواقعة في ريف دير الزور الشرقي، «تستقبل العيادات وقسم الإسعاف يومياً حالات تسمم وأمراض إسهال بعد ازدياد تلوث مياه نهر الفرات نتيجة انخفاض منسوب مياهه»، منوهاً أن خروج بعض محطات المياه عن الخدمة «دفع الأهالي إلى تعبئة مياه الشرب عبر صهاريج دون تنقية أو تصفية ولا تكون صالحة للشرب، مما زاد عدد حالات عدد الإسهال والتسمم والتهاب الأمعاء».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.