حكومة دياب ترفض الدعوات لتفعيلها إثر الأزمتين السياسية والمعيشية

{حزب الله} وبري يردّان على خطاب باسيل بالصمت

دياب مترئساً اجتماعاً لمكافحة الاحتكار الأسبوع الماضي (الوكالة الوطنية)
دياب مترئساً اجتماعاً لمكافحة الاحتكار الأسبوع الماضي (الوكالة الوطنية)
TT

حكومة دياب ترفض الدعوات لتفعيلها إثر الأزمتين السياسية والمعيشية

دياب مترئساً اجتماعاً لمكافحة الاحتكار الأسبوع الماضي (الوكالة الوطنية)
دياب مترئساً اجتماعاً لمكافحة الاحتكار الأسبوع الماضي (الوكالة الوطنية)

تصاعدت الدعوات السياسية لحكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس حسان دياب، إلى تفعيل عملها وقيام وزرائها بمهامهم في ظل الأزمة المعيشية والتأزم السياسي الذي حال دون تشكيل حكومة جديدة، ما دفع رئاسة الحكومة إلى رفض «التعويم» و«التفعيل»، داعية إلى تشكيل حكومة فوراً «تستدرك الانهيار الشامل».
وتراجعت الآمال بتشكيل حكومة جديدة في ظل الاشتباك السياسي والاصطفاف القائم، خصوصاً بعد تصريح رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي طالب أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بأن «يقبل له ما يقبل به لنفسه»، وواجهه الحزب بالصمت المطلق، فيما ردت مصادر رئاسة مجلس النواب على تصريح باسيل بالقول: «من كان الكلام لا يكفيه لعلّ الصمت يشفيه».
وكان موقف «حركة أمل» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري أكثر وضوحاً، إذ قال مكتبها السياسي بعد اجتماعه الأسبوعي أمس (الاثنين)، إنه «أعلن غير مرة تمسكه بالدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وطالب بتطبيقهما دون استنسابية ولا انتقائية، ويعيد ويكرر أن الحلّ هو بالالتزام بهما والابتعاد عن الأنانيات والمصالح الشخصية باتجاه مصلحة الوطن ومستقبله وأمنه واستقراره». وأكد أن «المدخل الأساسي هو الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ وفق مندرجات وعناوين مبادرة الرئيس نبيه بري للبدء بتلمس الحلول لإنهاء الواقع المأزوم بعيداً عن المهاترات، لأن المواطن اللبناني ينوء تحت أعباء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية المتردية إلى درجة الانهيار».
وشددت «أمل» على «ضرورة أن يقوم وزراء حكومة تصريف الأعمال بمهامهم دون تردد بما يؤمن رعاية المواطنين في هذه الأزمة العميقة التي تمس حياتهم ومستقبلهم، كما القيام بالإجراءات اللازمة لضرب عمليات الاحتكار المنظم من قبل الشركات التي تستنزف قدرات المواطن على تأمين مستلزماته».
هذه الدعوة، التقت مع دعوة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال، إلى «اتخاذ قرار سريع وفوري بتوفير الموازنات اللازمة للاستمرار بالدعم، طبعاً من خارج الاحتياطي الإلزامي وبعد ترشيده وحصره فقط بالعائلات المحتاجة، وإما برفع الدعم لكي يعرف اللبنانيون ماذا عليهم أن يفعلوا». وقال جعجع: «إنها لمأساة يتسبب بها رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال بتركهما الناس معلقين بين السماء والأرض، لا يعرفون ماذا يحدث أو ماذا سيكون غدهم».
هذه الدعوات، تعني تفعيل حكومة «تصريف الأعمال» التي يرأسها الرئيس حسان دياب وترفضها. وقالت رئاسة مجلس الوزراء في بيان أمس، إن «السعي، الظاهر والباطن، لمقولات (تعويم) و(تفعيل) الحكومة المستقيلة، لا يستند إلى أي معطى دستوري، وبالتالي فهو محاولة للقفز فوق وقائع دستورية تتمثل باستقالة الحكومة وبحصول استشارات نيابية ملزمة أنتجت رئيساً مكلفاً»، لافتة إلى «أن الدستور واضح في المساواة صراحة، بين صلاحيات الحكومة قبل نيلها الثقة، والحكومة بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة. فما يحق للحكومة أن تقوم به، بعد تشكيلها وقبل نيلها الثقة، هو تحديداً ما يحق للحكومة المستقيلة القيام به».
واعتبرت رئاسة مجلس الوزراء أن «أي تفسير لهذا النص مخالف لما هو متعارف عليه ومعمول به منذ وضع الدستور، وهو ما أكده مجلس النواب سابقاً»، مشيرة إلى أن «تشكل الدعوات لـ(تعويم) و(تفعيل) الحكومة المستقيلة، اعترافاً بالفشل، ومحاولة للالتفاف على الهدف الأساسي المتمثل بتشكيل حكومة جديدة، ما يعني التسليم بالفراغ الذي لا يجب الاستسلام له مطلقاً».
وقالت إن «الأولوية تبقى دائماً وأبداً، لتشكيل حكومة جديدة تنهي الانقسام السياسي الذي يدفع البلد نحو الاصطدام المدمر على كل المستويات»، معتبرة أن «تشكيل الحكومة هو مسؤولية وطنية، ويكتسب في ظل الظروف الراهنة صفة المهمة المقدسة التي يفترض أن يتجند لها جميع المعنيين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».