قتلى بقصف جديد من النظام على شمال غربي سوريا

وسط تحليق طائرات استطلاع روسية

امرأة وسط الدمار في قرية البارة جنوب إدلب بعد قصف سوري أمس (أ.ف.ب)
امرأة وسط الدمار في قرية البارة جنوب إدلب بعد قصف سوري أمس (أ.ف.ب)
TT

قتلى بقصف جديد من النظام على شمال غربي سوريا

امرأة وسط الدمار في قرية البارة جنوب إدلب بعد قصف سوري أمس (أ.ف.ب)
امرأة وسط الدمار في قرية البارة جنوب إدلب بعد قصف سوري أمس (أ.ف.ب)

قتل تسعة أشخاص على الأقل، بينهم أربعة مدنيين، جراء قصف مدفعي لقوات النظام جنوب إدلب وسط تحليق طائرات روسية، رغم سريان وقف لإطلاق النار في المنطقة منذ أكثر من عام، وسط أنباء عن وصول تعزيزات تركية إلى شمال غربي البلاد الخاضعة لتفاهم بين أنقرة وموسكو منذ مارس (آذار) العام الماضي.
وتتعرض مناطق عدة في جنوب إدلب منذ بداية الشهر الحالي لقصف متكرر من قوات النظام، فيما ترد الفصائل المقاتلة باستهداف مواقع سيطرة الأخيرة في مناطق محاذية.
وكشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن خروقات «متزايدة» لاتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب ومحيطها، مشيراً إلى أن قوات النظام استهدفت منذ منتصف الليل بعشرات القذائف مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) التي توجد فيها أيضاً فصائل مقاتلة أقل نفوذاً.
وأسفر القصف المدفعي، وفق «المرصد»، عن مقتل امرأتين في قرية البارة، إضافة إلى سبعة أشخاص آخرين على الأقل، هم مدنيان وشرطي وأربعة عناصر من الفصائل، في قصف طال مخفراً في بلدة إحسم.
وتسبب القصف في المناطق المستهدفة بإصابة 13 شخصاً بجروح. واستهدفت الفصائل بدورها مناطق سيطرة قوات النظام في ريف حماة الشمالي المحاذي، ما أودى بحياة ضابط في الجيش، بحسب المصدر ذاته.
تسيطر هيئة تحرير الشام وفصائل مقاتلة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة محافظة إدلب ومناطق محدودة محاذية لها من محافظات حلب وحماة واللاذقية. ويقطن في تلك المنطقة نحو ثلاثة ملايين شخص نصفهم من النازحين.
ويسري منذ السادس من مارس 2020 وقف لإطلاق النار في إدلب ومحيطها أعلنته موسكو الداعمة لدمشق وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة عقب هجوم واسع شنّته قوات النظام بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر، ودفع بنحو مليون شخص إلى النزوح من منازلهم، وفق الأمم المتحدة.
ولا يزال وقف إطلاق النار صامداً إلى حد كبير، رغم خروقات متكررة يتضمنها قصف جوي روسي. ولم تشهد المحافظة سوى عمليات قصف محدودة أسفرت في العاشر من الشهر الحالي عن مقتل 12 شخصاً على الأقل، بينهم متحدث عسكري باسم هيئة تحرير الشام.
وأشار مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى «تصعيد غير مسبوق منذ بدء الهدنة في جنوب إدلب مع ازدياد الخروقات خصوصاً من قبل قوات النظام، التي تعتمد بشكل أساسي على القصف المدفعي لمناطق قريبة لمناطق سيطرتها».
استهدف القصف مناطق مشون والبارة وإحسم وبينين وفليفل والفطيرة وكنصفرة وسفوهن والموزرة وكفر عويد ومحيط منطقة المسطومة وجبل الأربعين ومناطق أخرى في ريف إدلب الجنوبي، وتركز القصف على بلدتي البارة وإحسم. كما استهدفت قوات النظام الموجودة في معسكر جورين بقذائف صاروخية ومدفعية مناطق قسطون والعنكاوي والزيارة بسهل الغاب شمال غربي حماة، وسط تحليق مكثف لطيران الاستطلاع الروسي في أجواء تلك المناطق.
وأشار «المرصد» مساء أمس، إلى مقتل عنصر وإصابة آخرين من الفصائل، جراء قصف قوات النظام على مواقع الفصائل في قرية فليفل بريف إدلب الجنوبي، في وقت جدد فصيل «أنصار الإسلام»، وفصائل معارضة أخرى قصفها على محاور جورين بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، قتل خلالها ضابط برتبة مقدم وعدد من عناصر قوات النظام.
وقال ناشطون في ريف إدلب، إن القوات التركية عززت خلال الساعات الماضية، نقاطها العسكرية المنتشرة ضمن مناطق المعارضة السورية، على خطوط التماس مع قوات النظام جنوب إدلب بعدد من المدافع الثقيلة، وأعقب ذلك قصف مدفعي وصاروخي من القوات التركية وفصائل المعارضة السورية المسلحة، استهدف مواقع عسكرية تابعة لقوات النظام في مناطق تلمتس ومعرشورين وكفرنبل وحزارين في القطاع الجنوبي لإدلب، وأسفر عن تدمير دبابة لقوات النظام على محاور مدينة كفرنبل، رداً على استهداف الأخيرة، مناطق مدنية خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية جنوب وشرق إدلب.
وعلى صعيد المواجهات الدائرة بين قوات النظام والميليشيات الإيرانية من جهة، وتنظيم الدولة (داعش) من جهة ثانية، في البادية السورية، قال مسؤول «الوحدة 80 للرصد والمتابعة» بريف حماة، إن قوات النظام تكبدت في الساعات الأربع والعشرين الماضية خسائر فادحة في مواجهات ضارية مع مقاتلي «داعش»، على محاور «السخنة» بريف مدينة تدمر شرقي حمص، حيث شن مقاتلو تنظيم الدولة هجوماً مباغتاً على مواقع عسكرية للفرقة (11) التابعة لقوات النظام، بالقرب من الوادي الأبيض في بادية تدمر شرق حمص، ما أسفر عن مقتل 12 عنصراً من قوات النظام وتدمير عدد من الآليات، فيما قتل ضابط و5 عناصر من الأخيرة وتدمير 3 سيارات عسكرية، بكمين لتنظيم الدولة، بالقرب من منطقة «أثريا» في بادية حماة، فيما قتل عدد كبير من العناصر في صفوف الطرفين «قوات النظام وداعش»، ضمن اشتباكات عنيفة جرت ليلة أمس، بالقرب من منطقة الرصافة جنوب غربي الرقة.
ويضيف، إن عجز قوات النظام والميليشيات الإيرانية في تحقيق أي تقدم ميداني ضد تنظيم «داعش»، في البادية، جنوب دير الزور والرقة وصولاً إلى باديتي حماة وحمص، بسبب كثرة الألغام والصواريخ الموجهة التي يستخدمها داعش ضد قوات النظام، بالإضافة إلى العمليات الهجومية الخاطفة. وأطلقت الفرقة 25 التابعة لقوات النظام، بالاشتراك مع قوات خاصة روسية صباح الاثنين، حملة برية جديدة انطلاقاً من منطقة خناصر جنوب شرقي حلب هدفها تطهير المناطق الواقعة شمال الطريق البري الواصل بين أثريا حماة - الرقة بطول 180 كلم من التنظيم (والالتقاء مع قوات النظام القريبة من آبار النفط جنوب مدينة الطبقة غرب الرقة.

فيما يقابله تحرك لقوات النظام ضد داعش انطلاقاً من مناطق أثريا شرقي حماة إلى عمق البادية السورية شرقاً، بالتزامن مع تحركات لقوات النظام والميليشيات الإيرانية من مواقع السخنة شرقي حمص بهدف الالتقاء عند الحدود الإدارية لدير الزور وسط البادية السورية، لافتاً إلى أن الطيران الحربي الروسي يساند بشكل مكثف العمليات البرية لقوات النظام ضد داعش في البادية السورية، حيث بلغ عدد الغارات يوم أمس 60 غارة جوية استهدفت مواقع ودشماً يعتقد أنها لتنظيم داعش بصواريخ شديدة الانفجار.
وتأتي الحملة البرية لقوات النظام بالاشتراك مع القوات الخاصة الروسية وميليشيات إيرانية لتمشيط البادية السورية من مقاتلي تنظيم داعش، عقب تصاعد وتيرة الهجمات وسط البادية.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.