إعلان فتح الطريق الساحلي يثير خلافات بين الدبيبة و«الوطني الليبي»

المشير حفتر اعتبره «مجرد دعاية مدفوعة الأجر»

الدبيبة يقود جرافة لإزالة سواتر ترابية تمهيداً لإعادة فتح الطريق الساحلي أول من أمس (أ.ف.ب)
الدبيبة يقود جرافة لإزالة سواتر ترابية تمهيداً لإعادة فتح الطريق الساحلي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT
20

إعلان فتح الطريق الساحلي يثير خلافات بين الدبيبة و«الوطني الليبي»

الدبيبة يقود جرافة لإزالة سواتر ترابية تمهيداً لإعادة فتح الطريق الساحلي أول من أمس (أ.ف.ب)
الدبيبة يقود جرافة لإزالة سواتر ترابية تمهيداً لإعادة فتح الطريق الساحلي أول من أمس (أ.ف.ب)

رغم التفاؤل المحلي والدولي بإعلان السلطة الانتقالية في ليبيا فتح الطريق الساحلي، الرابط بين شرق وغرب البلاد، فإن الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، قلل من «أهمية هذا الحدث»، واعتبره «مجرد دعاية مدفوعة الأجر من رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة». فيما تجنبت اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، عقب اجتماعها أمس في سرت بحضور طرفي النزاع ووفد بعثة الأمم المتحدة، الإشارة إلى «فتح الطريق الساحلي رسمياً».
وقال أعضاء في اللجنة، التي عاينت الترتيبات والخطوات المنجزة ميدانيا، إنها «ما زالت تنتظر إصلاح الأضرار الموجودة بالطريق، وتوزيع البوابات في إطار وضع الترتيبات الأمنية الأخيرة». فيما نقلت وسائل إعلام محلية عن رئيس وفد «الجيش الوطني» أنه «لا يمكن الإفصاح عن موعد فتح الطريق»، الذي قال إنه «يحتاج لصيانة كبيرة». كما اعتبر «تصرف الدبيبة غير مدروس، وأربك عمل اللجنة».
في سياق ذلك، قال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم حفتر، إن «الساعة مدفوعة الأجر»، في إشارة إلى ظهور إبراهيم بيت المال، قائد القوات الموالية لحكومة الدبيبة، رفقة الأخير لإعلان فتح الطريق أول من أمس، وقال إن ميزانية الدولة «تكلفت نحو 8 ملايين دينار، مقابل أن يظهر الدبيبة في هذا المشهد وكأنه منقذ الوطن»، على حد تعبيره.
وعرض المسماري في مقابلة تلفزيونية، مساء أول من أمس، نص قرار تداولته وسائل إعلام محلية، أصدره الدبيبة بـ«تخصيص المبلغ كمكافأة للميليشيات على فتح الطريق»، وعدّها «عملية مدفوعة الأجر من أموال الليبيين، الذين يعانون من عدم وجود رواتب وسيولة». كما شكك المسماري في صحة توقيع المنفي على بيان المجلس بمنع تحرك الوحدات العسكرية من أماكنها، وقال إن «للجيش الحق في التحرك، وإرسال القوات أينما أراد».
وأكدت مصادر في «الجيش الوطني» أن «الطريق لا يزال مغلقا، ولا صحة لما أشيع عن إعادة فتحه»، موضحة أن قواته «لم تسمح بالمرور على الطريق الحيوي؛ إذ لا تزال السواتر قائمة في المنطقة التي تسيطر عليها، رغم إشراف الدبيبة على إعادة فتحه، وقيادته بنفسه جرافة لإزالة ثلاثة سواتر ترابية على الجانب الغربي من الطريق».
بدوره، قال اللواء أحمد سالم، آمر غرفة سرت التابعة للجيش الوطني، إن «الطريق سيفتح لكن بعد انتهاء الإجراءات الأمنية، وصدور تعليمات لجنة (5+5) بعد اجتماعها في سرت بشأن فتح الطريق، كونها الجهة الشرعية الوحيدة المختصة بالقرار وترتيباته، بما يضمن المرور الآمن للمواطنين»، معتبراً أن ما وصفه بـ«الإعلان الفردي للدبيبة بشأن فتح الطريق، تم من دون التنسيق مع اللجنة»، ومؤكدا «انتظار تعليمات المشير حفتر بالخصوص».
في المقابل، قال بيت المال في خطاب وجهه إلى محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، إنه «سيتم إبعاد القوات الموجودة، امتدادا من مصراتة وحتى بويرات الحسون، وتتبع المنطقة العسكرية الوسطى عن الطريق الساحلي بمسافة 5 كيلومترات في الاتجاهين»، موضحاً أنه «سيتم الفتح لمدة أسبوعين، من الساعة السادسة صباحا وحتى السادسة مساء على الطريق المعبد فقط، بهدف تمكين لجنة (5+5) من تنفيذ بنود الاتفاق وإخراج المرتزقة». وطالبه بتذليل الصعاب، وصرف حقوق منتسبي غرفة عمليات سرت الجفرة، وإصدار تعليمات لقوات الجيش الوطني، وإعادة التمركز خارج الحدود الإدارية للمنطقة.
في غضون ذلك، أعلن المجلس الرئاسي على لسان نجوى وهيبة، المتحدثة باسمه، أن إعادة فتح الطريق المغلق منذ سنوات «جاء بعد أشهر من الجهد والعمل المتواصلين للمجلس، بصفته القائد الأعلى للجيش».
وبعدما أكدت أن «هذه الخطوة سترفع معاناة المواطنين في شرق البلاد وغربها، وتعيد الحركة بشكل طبيعي، تمهيدا لإعادة بناء الدولة ولم الشمل»، قالت إن «المجلس طالب لجنة (5+5) بتولي مسؤولية التنسيق بين الأطراف لضمان التنفيذ الكامل لفتح الطريق الساحلي، ومتابعة الترتيبات الأمنية». فيما اعتبرت وزارة النفط بحكومة «الوحدة» أن فتح الطريق «خطوة مهمة لتمكين مستخدمي القطاع من التنقل، والوصول للمواقع النفطية المختلفة بكل سهولة وأمان».
على صعيد غير متصل، أكد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، خلال لقائه بالمشاركين في ملتقى التكتلات والتيارات السياسية بمدينة بنغازي، على «ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية المباشرة والبرلمانية في موعدها المحدد في 24 ديسمبر (كانون الأول) القادم»، مشيراً إلى أن «لدى المجلس القاعدة الدستورية، والقوانين اللازمة لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد»، ومعتبراً أن «الانتخاب المباشر للرئيس من الشعب الليبي سيساهم في حلحلة الأزمة في ليبيا». فيما كشفت السفارة الأميركية بليبيا النقاب عن اجتماع القائم بأعمال السفير، ليزلي أوردمان، بممثلي كتلة فزان البرلمانية لمناقشة مكافحة الإرهاب في الجنوب، وإخراج «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب، وتوحيد المؤسسات الليبية السياسية والأمنية والعسكرية، وضرورة إجراء الانتخابات في موعدها.
إلى ذلك، أعلن السفير محمد ثروت سليم، رئيس البعثة الدبلوماسية المصرية في العاصمة الليبية طرابلس، أنه تم أمس إطلاق سراح 90 مواطناً مصرياً كانوا محتجزين في مقر الهجرة غير الشرعية بطرابلس منذ الجمعة الماضي.
وقال رئيس البعثة الدبلوماسية في بيان لوزارة الخارجية المصرية إن السفارة المصرية في طرابلس، والتي استأنفت عملها الشهر الماضي، نجحت في إنهاء الأمر بالتنسيق مع السلطات الليبية المعنية.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.