مصر واليونان تؤكدان «ثبات واتساق» مصالحهما في شرق المتوسط

السيسي وميتسوتاكيس للارتقاء بالعلاقات بالتعاون مع قبرص

الرئيس المصري ورئيس الوزراء اليوناني خلال مؤتمرهما الصحافي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ورئيس الوزراء اليوناني خلال مؤتمرهما الصحافي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
TT

مصر واليونان تؤكدان «ثبات واتساق» مصالحهما في شرق المتوسط

الرئيس المصري ورئيس الوزراء اليوناني خلال مؤتمرهما الصحافي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ورئيس الوزراء اليوناني خلال مؤتمرهما الصحافي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)

فيما بدا رسالة للجوار الإقليمي، أكدت مصر واليونان، أمس، «ثبات المواقف المشتركة بين البلدين، واتساق مصالحهما في منطقة شرق المتوسط»، وأظهرتا حرصاً على «الارتقاء بالتعاون القائم في إطار الآلية الثلاثية مع قبرص».
وفي لقاء استضافته القاهرة، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، بحضور مسؤولين بارزين من البلدين، بينهم وزيرا الخارجية سامح شكري والبترول والثروة المعدنية طارق الملا، ورئيس المخابرات العامة الوزير عباس كامل.
وجاء اجتماع الرئيس المصري ورئيس الوزراء اليوناني، في وقت لا تزال القاهرة تواصل مباحثاتها «الاستكشافية» مع تركيا بهدف «تطبيع العلاقات». غير أن وزير الخارجية المصري قال قبل أسبوع تقريباً إن اليونان وقبرص «لا تنزعجان بشأن مساعي التقارب المصري - التركي»، مضيفاً أن «هناك ثقة متبادلة بين مصر وقبرص واليونان، ويتم إطلاعهم على كل التطورات في منطقة شرق المتوسط، ومراعاة المصالح المشتركة، وليس هناك أي وجه للانزعاج».
وأفاد بيان مصري بشأن لقاء أمس، بأن السيسي وميتسوتاكيس «تبادلا الرؤى ووجهات النظر حيال القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، في ضوء ثبات المواقف المشتركة بين البلدين واتساق مصالحهما في منطقة شرق المتوسط، مع التأكيد على أن (منتدى غاز شرق المتوسط) يمثل إحدى أهم الأدوات في هذا الإطار ومن شأنه أن يفتح آفاق التعاون والاستثمار بين دول المنطقة في مجال الطاقة والغاز».
كما شدد على «تعزيز آليات التعاون المشترك على مختلف الأصعدة، خصوصاً على الصعيد السياسي والعسكري والتجاري والطاقة، فضلاً عن الارتقاء بالتعاون القائم في إطار الآلية الثلاثية مع قبرص، وذلك على نحو يحقق المصالح والأهداف المشتركة لهم في منطقة شرق المتوسط، وكذلك مواجهة التحديات المختلفة في المنطقة».
وأعرب رئيس الوزراء اليوناني عن اعتزاز بلاده «بما يربطها بمصر من علاقات تعاون وثيقة، والتي تمثل نموذجاً للتعاون البناء بين دول المتوسط، خصوصاً في ظل ما تتمتع به مصر من مكانة متميزة وثقل إقليمي ودور محوري في المنطقة». وأكد أن «اليونان ستظل أحد الداعمين لمصر داخل الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن الاهتمام اليوناني المتبادل بتعزيز مسيرة التعاون المشترك بين البلدين».
وعقب اللقاء الثنائي ومباحثات مسؤولي البلدين، عقد السيسي وميتسوتاكيس، مؤتمراً صحافياً، قال خلاله الرئيس المصري، إنه «تم الاتفاق على أهمية تحقيق طفرة نوعية في جوانب العلاقات الثنائية كافة، خصوصاً زيادة قيمة التبادل التجاري، وتشجيع تدفق الاستثمارات اليونانية وتفعيل التعاون في قطاع الطاقة سواء فيما يتعلق بمشروعات الربط الكهربائي، أو في مجال الغاز الطبيعي، والعمل على استئناف حركة البواخر السياحية بين موانئنا في أقرب فرصة».
وتابع السيسي: «أكدت لرئيس الوزراء اليوناني الموقف المصري الثابت إزاء الوضع في منطقة شرق المتوسط والقائم على ضرورة التزام الدول كافة باحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، خصوصاً مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام السيادة والمياه الإقليمية للدول»، مشدداً على «تضامن مصر مع اليونان حيال أي ممارسات من شأنها انتهاك سيادتها».
واعتبر ميتسوتاكيس أن «الاتفاق بين مصر واليونان لتحديد المناطق الاقتصادية مثال يحتذى به في التعاون والتفاهم في إطار القانون الدولي، وهي اتفاقية حتمت وجود السلام والتفاهم في البحر المتوسط». وشدد على أن البلدين «لديهما ثوابت غير متغيرة في البحر المتوسط، ويرغبان في أن يكون البحر المتوسط رابطاً بين الشعوب لا يفرق بينها، ولديهما بوصلة القانون الدولي وحسن الجوار».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.