ثلاثة خاسرين ومنتصران في الانتخابات الإقليمية الفرنسية

فشل رهانات ماكرون واليمين المتطرف

مرشحة الحزب الاشتراكي في منطقة أوفيرن-رون ألب نجات بلقاسم (يسار) ومرشحة حزب الخضر فابيان غريبير في مؤتمر صحافي أمس لإعلان لائحة مشتركة في الدورة الثانية من الانتخابات الإقليمية الفرنسية (أ.ف.ب)
مرشحة الحزب الاشتراكي في منطقة أوفيرن-رون ألب نجات بلقاسم (يسار) ومرشحة حزب الخضر فابيان غريبير في مؤتمر صحافي أمس لإعلان لائحة مشتركة في الدورة الثانية من الانتخابات الإقليمية الفرنسية (أ.ف.ب)
TT

ثلاثة خاسرين ومنتصران في الانتخابات الإقليمية الفرنسية

مرشحة الحزب الاشتراكي في منطقة أوفيرن-رون ألب نجات بلقاسم (يسار) ومرشحة حزب الخضر فابيان غريبير في مؤتمر صحافي أمس لإعلان لائحة مشتركة في الدورة الثانية من الانتخابات الإقليمية الفرنسية (أ.ف.ب)
مرشحة الحزب الاشتراكي في منطقة أوفيرن-رون ألب نجات بلقاسم (يسار) ومرشحة حزب الخضر فابيان غريبير في مؤتمر صحافي أمس لإعلان لائحة مشتركة في الدورة الثانية من الانتخابات الإقليمية الفرنسية (أ.ف.ب)

ثلاثة خاسرين ومنتصران: هكذا يمكن تلخيص العبر من الجولة الأولى لانتخابات الأقاليم والمقاطعات يوم الأحد الماضي التي تعد آخر اختبار انتخابي قبل المعركة الكبرى أي الانتخابات الرئاسية الربيع القادم. ومرة أخرى، أخطأت استطلاعات الرأي في توقع النتائج التي جاءت مفاجئة لكل المتنافسين الخاسرين منهم أو الرابحين. وتمتع اللوائح المؤهلة للتنافس في الجولة الثانية يوم الأحد القادم «وهي التي حصلت على عشرة في المائة من أصوات المقترعين» حتى مساء اليوم للإعلان عن تشكيلاتها النهائية. ولذا، فإن المناقشات والمساومات جارية على قدم وساق لدى كل التشكيلات بحثاً عن أفضل الصيغ للفوز بنسبة النصف زائد واحد في 27 الجاري.
وثمة إجماع لدى السياسيين والمحللين في اعتبار أن الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات هو الديمقراطية الفرنسية والسبب في ذلك نسبة التغيب عن الواجب الانتخابي غير الإلزامي في فرنسا بعكس عدد من البلدان الأوروبية. ذلك أن هذه النسبة ضربت كل الأرقام القياسية السابقة وجاورت الـ68 في المائة بحيث إن ناخبين من أصل ثلاثة امتنعا عن التصويت، الأمر الذي دفع جميع ممثلي الأحزاب ورؤساء اللوائح إلى محاولة استنهاض الناخبين. واعتبر أحد قادة حزب الخضر يانيك جادو أن هذه الانتخابات «حصلت دون منتخبين». ومن جانبه، قال جان لوك ميلونشون، رئيس حزب «فرنسا المتمردة» إن «ديمقراطية من غير ناخبين ليست ديمقراطية» وتوافق الجميع على اعتبار أن نسبة المشاركة جاءت «مخيبة للآمال». وذهبت التفسيرات في كل اتجاه: منهم من رأى أن الفرنسيين لا يعون جيداً جدوى هذه الانتخابات ومدى تأثير مجالس الأقاليم والمقاطعات على حياتهم اليومية أكان بالنسبة للنقل العام أو الثانويات أو فرص العمل والمساعدات الاجتماعية. والبعض الآخر رأى فيها تشكيكاً بالطبقة السياسية التي فقدت الكثير من مصداقيتها. أما آخرون فقد أنحوا باللائمة على وباء كوفيد 19، حيث فضل المقترعون وخصوصاً فئة الشباب الاستفادة من يوم أحد مشمس للتوجه إلى الشواطئ والمنتجعات بدل ارتياد مكاتب الانتخاب.
الخاسر الثاني، بلا شك، هو الرئيس إيمانويل ماكرون أو بالأحرى حزبه المسمى «الجمهورية إلى الأمام» الذي حقق نتائج مخيبة رغم أن الرئيس الفرنسي زج بحوالي 14 وزيراً للمشاركة في هذه الانتخابات. وبينت النتائج، مرة أخرى وبشكل ساطع، أن حزب ماكرون الفتي، لم يتوصل بعد إلى الانغراس في النسيج الاجتماعي - السياسي المناطقي. والمفارقة أنه فيما تواصل شعبية ماكرون الارتفاع بحيث تجاوزت الخمسين في المائة، فإن شعبية حزبه شبه غائبة. وتفيد الأرقام بأنه على المستوى الوطني، فإن حزب «الجمهورية إلى الأمام» فشل في تخطي نسبة 10 إلى 11 في المائة من الأصوات بينما رهان قادته الحصول على 15 في المائة من الأصوات على الأقل. ويبين تفحص النتائج إقليما وراء إقليم أن الحزب الرئاسي فشل في الحصول على نسبة العشرة في المائة الضرورية ليكون مؤثراً في الجولة الثانية. ولعل أبرز مظاهر الخيبة أن الوزراء الخمسة الذين دفع بهم للترشح في منطقة الشمال المسماة «أعالي فرنسا» القريبة من الحدود مع بلجيكا عجزت في الوصول إلى سقف العشرة في المائة. وما يميز هذه المنطقة أن رئيسها هو الوزير السابق كزافيه براتراند، أبرز الراغبين بالترشح للانتخابات الرئاسية. وكان طموح الحزب الرئاسي أن يكسر شوكته حتى لا يكون منافساً جدياً لماكرون لأن الأخير ربط ترشحه للرئاسة بالفوز في انتخابات الإقليم. والحال، أن براتراند حصد ما يزيد على 40 في المائة من الأصوات ومن المؤكد أن لائحته ستكون الفائزة الأحد القادم وبالتالي فإن ترشيحه أصبح مؤكداً.
مفارقة هذه الانتخابات أن المتنافسين على قصر الإليزيه في انتخابات 2017 أي ماكرون ورئيسة حزب «التجمع الوطني» «أي اليمين المتطرف» هما الخاسران الرئيسيان يوم الأحد. وليس سراً أن يعتبر أن حظوظه بولاية ثانية ستكون أكبر إذا ما كانت منافسته القادمة لوبن وليس مرشحاً يمينياً. والحال أن «التجمع الوطني» حصل على نسبة أصوات أقل مما حصل عليه في انتخابات عام 2016. وبعد أن كان يعول النفس على الهيمنة على 3 أو 4 أقاليم، فإن طموحه أصبح محصوراً في إقليم واحد هو منطقة بروفانس - كوت دازور المتوسطية التي تضم مدناً رئيسية مثل مرسيليا ونيس وكان وغيرها والمعروفة بـ«الريفييرا الفرنسية». وهذه المنطقة هي الوحيدة التي حل فيها حزب لوبن في المرتبة الأولى تليه لائحة اليمين التي ضمت أسماء مقربة من الحزب الرئاسي ويديرها الوزير السابق برونو موزوليه. وكما في الانتخابات السابقة، فقد قررت لائحة الاشتراكيين والخضر، بعد تردد، الانسحاب من السباق لقطع الطريق على لائحة اليمين المتطرف من خلال تجنب وجود ثلاثة لوائح متنافسة ما كان سيوفر فرصة لليمين المتطرف ليقبض على أولى المناطق الفرنسية. وأنحت لوبن، بعد صدور النتائج، باللائمة على التغيب عن الانتخابات وسعت لدفع ناخبيها إلى المشاركة بكثافة في جولة الإعادة الأحد القادم. والخلاصة الرئيسية المستجدة تطرح علامات استفهام حقيقية بالنسبة للقناعة السابقة من أن ماكرون - لوبن سيتصدران المنافسة الانتخابية العام القادم.
في معسكر الفائزين حزبان تقليديان هما حزب «الجمهوريون» اليميني الكلاسيكي والحزب الاشتراكي والفائز الثالث هو حزب الخضر المتحالف في بعض المناطق مع الاشتراكيين والمتنافس معهم في أقاليم أخرى. الأول، عاد إلى الساحة السياسية بفضل انغراسه القديم والنسب التي حققها تمكنه من الاحتفاظ، الأحد القادم، بالأقاليم السبعة التي كان يهيمن عليها «من أصل 13 إقليما لفرنسا القارية». وليس سراً أن ماكرون يهدف إلى نسف حزب «الجمهوريون» من الداخل لإضعافه كما نجح في نسف الحزب الاشتراكي. والحال أن ما حصل يعيد خلط الأوراق ويبين مجدداً أنه من الصعب القضاء على أحزاب لها تاريخها. ولذا، وبانتظار نتائج الأحد القادم، فإن مبارزة ماكرون - لوبن لم تعد مؤكدة في ربيع 2022.
ما يصح على اليمين يصح أيضاً على الاشتراكيين الذين يرجح تمكنهم من الاحتفاظ بالأقاليم الخمسة التي يسيطرون عليها. لكن أمين عام الحزب أوليفيه فور يريد أن يبقى حذراً ولا يتعجل في استخلاص العبر. ولا شك أن تحالف الاشتراكيين مع الخضر في الدورة الثانية سيعطيهم الفرصة للعودة مجدداً إلى الساحة السياسية بعد أن اعتبر حزبهم على طريق الزوال بسبب المنافسة الحاجة التي يواجهها من حزب الخضر من جهة ومن حزب «فرنسا المتمردة» اليساري المتشدد من جهة أخرى. الأول حافظ على مواقعه وإن كان قادته يأملون بنتائج أفضل حيث إنهم يتواجهون مع الاشتراكيين في ترؤس معسكر اليسار المعتدل.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».