القضاء العراقي يصدر خمسة أحكام بحق «مفتي داعش»

أربعة منها شنقاً حتى الموت والخامس بالمؤبد

TT
20

القضاء العراقي يصدر خمسة أحكام بحق «مفتي داعش»

أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق عن صدور أحكام إعدام وسجن مؤبد جديدة بحق القاضي الشرعي لتنظيم داعش، دون الإشارة إلى اسمه. وقال إعلام القضاء، في بيان له أمس، إن «محكمة جنايات صلاح الدين - الهيئة الثانية نظرت بدعاوى لمجرم إرهابي عمل بما يسمى (قاضي شرعي) لعصابات (داعش) الإرهابية، وأصدرت أحكامها بالإعدام أربع مرات شنقاً حتى الموت بحقه، فيما كان الحكم الخامس بالسجن المؤبد».
وأضاف البيان أن «المجرم الإرهابي اشترك بعدة عمليات إرهابية، منها تفجير عبوة ناسفة على دورية للجيش العراقي أدى إلى مقتل 5 منتسبين، واشتراكه مع مدانين آخرين بخطف أحد المواطنين، فضلاً عن الاشتراك بالهجوم على ناحية أمرلي بمختلف الأسلحة مع أفراد عصابة «داعش» الإرهابية، إضافة إلى جرائم أخرى». وأوضح أن «هذه الأحكام بحق المجرم الإرهابي تأتي استناداً إلى أحكام المادة الرابعة - 1 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005». ووفق القانون العراقي، تعد الأحكام الصادرة بحق «القاضي الشرعي» لتنظيم داعش قابلة للتمييز، وهو ما يعني مرورها بمراحل مختلفة من إجراءات التقاضي، بما في ذلك إمكانية إعادة المحاكمة، من منطلق أخذ الاعترافات أحياناً بالإكراه.
وعلى صعيد متصل، أعلنت خلية الإعلام الأمني اعتقال المسؤول الإداري لـ«ولاية الأنبار» لتنظيم داعش. وقالت الخلية، في بيان لها، إنه «استناداً إلى معلومات دقيقة لأحد مفاصل مديرية الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع - شعبة المصادر في المديرية، تأكد وجود أحد الإرهابيين الخطرين في قضاء أبو غريب (غرب بغداد) الذي ورد اسمه ضمن اعترافات لأحد الإرهابيين الملقى القبض عليهم سابقاً، وكان يشغل منصب ما يسمى المسؤول الإداري - ولاية الأنبار». وأضافت: «على أثر ذلك، توجهت مفارز شعبة المصادر ومفارز خلية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في المديرية، بإسناد قوة لواء المشاة 24 الفرقة السادسة، نحو الهدف، وألقت القبض عليه».
وحول إجراءات القضاء العراقي بشأن المنتمين لتنظيم داعش، لا سيما أن مجلس القضاء لم يفصح عن اسم المدان ولا جنسيته أو الدولة التي ينتمي إليها، يقول الخبير القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط» إنه «في الوقت الذي لا ولاية للقانون العراقي على من لم يرتكب جريمة داخل العراق، فإن القانون استثنى عناصر تنظيم داعش»، مبيناً أن «قانون العقوبات العراقي حدد آليات التعامل مع الجريمة ومرتكبيها، سواء في العراق أم خارجه».
وأضاف العبادي أن «المنتمين لتنظيم داعش يمكن محاكمتهم وفقاً للقانون العراقي، سواء أكانت جرائمهم داخل العراق أم خارجه، بصفتها تمس الأمن الوطني العراقي». وأوضح أن «الأجانب، في حال كانوا مجرمين عاديين، لا ولاية للقضاء العراقي عليهم، ما لم يرتكبوا جريمة داخل العراق، بينما الداعشي، بمن في ذلك الأجنبي، يحاكم داخل العراق لأن جرائم الإرهابيين تمس أمن الدولة، ولو لم تقع داخل العراق».
ورغم صدور مئات أحكام الإعدام بحق المنتمين لتنظيم داعش، فضلاً عن وجود آلاف السجناء ممن يتوقع انتماؤهم لـ«داعش»، فإن التنظيم لا يزال يتحرك في مناطق مختلفة من العراق منذ إعلان رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي النصر العسكري عليه خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017.
وفي سياق متصل، شن تنظيم داعش، فجر أمس (الاثنين)، هجوماً على الحشد العشائري في منطقة العظيم التابعة لمحافظة ديالى هو الأعنف من نوعه منذ أكثر من عام، كانت حصيلته مقتل وجرح 7 مقاتلين. وقال آمر اللواء 23 من الحشد العشائري، بشير مزاحم العنبكي، إن «عناصر (داعش) شنت هجوماً عنيفاً على 6 نقاط مرابطة تابعة للفوج الأول من اللواء في منطقة (الميتة) شمال غربي العظيم الحدودية مع صلاح الدين، واشتبكت مع قوات اللواء التي أجبرتها على الفرار والهروب نحو نهر العظيم الفاصل بين ديالى وصلاح الدين».
وأكد العنبكي أن «قوات من اللواء 23 طاردت عناصر (داعش) لمسافات طويلة قرب حدود صلاح الدين». وبين أن «كاميرات المراقبة الحرارية رصدت قيام عناصر (داعش) بإجلاء جثتين من مقاتليهم عند حافة نهر العظيم»، منوهاً بأن «قوات الحشد العشائري نفذت حملة تمشيط للمناطق القريبة من التعرض، وعززت نقاطها الأمنية تحسباً لأي هجمات محتملة».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.