أبو الغيط: إثيوبيا تسعى للصدام تغطية على مشاكلها الداخلية

TT
20

أبو الغيط: إثيوبيا تسعى للصدام تغطية على مشاكلها الداخلية

بعد أقل من أسبوع على إعلان إثيوبيا عن «الاستياء» من قرار مجلس جامعة الدول العربية بدعم الحقوق المائية للقاهرة والخرطوم، ورفضها جعل أزمة «سد النهضة» قضية عربية، اعتبر الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط أن أديس أبابا «تحاول الادعاء بأن هناك صداماً عربياً - أفريقياً» في هذا الملف. ورأى أنها «تسعى للصدام مع الخارج للتغطية على مشاكلها الداخلية».
وقال أبو الغيط في لقاء تلفزيوني على قناة محلية مصرية، مساء أول من أمس، إن «الدولتين اللتين طلبتا طرح هذا الأمر (الدعم العربي لموقف مصر والسودان في قضية سد النهضة) هما دولتان أفريقيتان (مصر والسودان)، إضافة إلى أن ثلثي العالم العربي يسكن القارة».
ورأى أن تلك المحاولات «تستهدف الحصول على دعم أفريقي، رغم أن التعاون بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي واضح». وتابع أن «إثيوبيا لديها الحق في رفض ما تراه، ولكن يحق للجامعة العربية كذلك أن تدعم حقوق دولها».
وكانت الخارجية الإثيوبية، أعلنت، الأربعاء الماضي، عن رفضها «القرارات برمتها» الصادرة عن مجلس وزراء الخارجية العرب الذي قرر دعوة مجلس الأمن للنظر في القضية، واستخدمت كذلك تعبيرات لاذعة وجهتها للجامعة العربية.
وقال أبو الغيط في تصريحات إن «الأمن المائي لكل من مصر والسودان هو إحدى قضايا الأمن القومي العربي»، مضيفاً أن «مجلس الأمن لن يعقد اجتماعاً بناء على طلب الجامعة العربية، وبالتالي فهناك انتظار لتحرك تالٍ على غرار طلب تتقدم به إحدى الدول لعقد جلسة حول قضية سد النهضة». وأعرب عن اعتقاده بأن «تقدم مصر أو السودان أو كلاهما طلباً لرئاسة مجلس الأمن بعقد جلسة لبحث هذا الموضوع».
وذكّر بأن التدخل العربي في قضية «سد النهضة» ليس جديداً، إذ «سبق للجماعة العربية وأن شكلت لجنة مكونة من دول عدة، إضافة إلى مبعوث الجامعة في الأمم المتحدة، لمتابعة هذه القضية، وهناك حاجة ملحة كي تتبنى دولة عضو في مجلس الأمن على غرار تونس مطلب عقد جلسة حول القضية».
وقال إن «مجلس الأمن الدولي معني بمسؤولية الأمن والسلم الدوليين، وبالتالي فإنه لا يستطيع أن يتخلى عن الأمن والسلم الذي يتهدد نتيجة خلاف قد يتطور إلى مواجهة تؤدي إلى عدم استقرار في إقليم ما في أنحاء العالم».
ورد أبو الغيط على التصريحات الإثيوبية التي طالبت الجامعة بـ«الصمت»ـ قائلاً إن «الجامعة العربية لن تصمت على انتهاك القانون الدولي، ودعم أعضاء الجامعة أمر طبيعي». وقدّر أن «إثيوبيا تعاني حالياً من مشاكل داخلية وهشاشة ونزاعات عرقية كثيرة، وحكومتها الحالية تسعى للصدام مع الخارج والمجتمع الدولي للتغطية على مشاكلها الداخلية».
ولفت إلى أن «هناك التزاماً قانونياً يواجه الحكومة الإثيوبية، وهو احترام حقوق كل الدول المتشاطئة، وعدم إحداث أي ضرر بدول المصب»، موضحاً أن «مسألة حدوث ضرر من عدمه في حالة نهر النيل، تخضع في الأساس لتقدير دولتي المصب».
وشدد على «ضرورة الضغط في اتجاه التفاوض وإشراك أطراف إضافية من أجل الوصول إلى اتفاق ملزم للأطراف الثلاثة»، محذراً من أن «البديل سيكون خطراً للغاية على الاستقرار والأمن والسلم الدوليين في هذه المنطقة من العالم». وقال إن «المجتمع الدولي لديه القدرة على إعلان رأيه حول أزمة السد، وللمرة الأولى تدخل المؤسسة العسكرية الأميركية على خط أزمة سد النهضة».
وكان، قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي قال في تصريحات تلفزيونية، الجمعة الماضي، إن «سلوك إثيوبيا الآن نحو المشكلة (سد النهضة) يقلقنا، فنحن ندرك الأهمية الفريدة للنيل بالنسبة لمصر، ليس فقط من الناحية الثقافية بل كمورد مائي واقتصادي عموماً».
واعتبر أبو الغيط أن تصريحات ماكينزي «تلقي الضوء على الموقف، خاصة أن العسكريين الأميركيين نادراً ما يتحدثون، وهذه رسالة بأن أميركا ستتحرك في لحظة ما عندما يحتاج الأمر إلى ذلك». واختتم بأن «استمرار التعنت الإثيوبي ومواصلة اتخاذ قرارات أحادية سيكون خطيراً وله عواقبه»، معرباً عن أمله في «ألا يستمر الجانب الإثيوبي في التعنت، والوصول إلى اتفاق يرضي الأطراف الثلاثة».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.