مستويات الـ100 دولار لبرميل النفط تداعب المتعاملين بعد زخم توقعات الصعود

«موديز» تتوقع 10 سنوات لدول الخليج لإنهاء اعتمادها على الذهب الأسود

تتزايد التوقعات بشأن استمرار ارتفاع أسعار النفط بدعم من أساسيات السوق (رويترز)
تتزايد التوقعات بشأن استمرار ارتفاع أسعار النفط بدعم من أساسيات السوق (رويترز)
TT

مستويات الـ100 دولار لبرميل النفط تداعب المتعاملين بعد زخم توقعات الصعود

تتزايد التوقعات بشأن استمرار ارتفاع أسعار النفط بدعم من أساسيات السوق (رويترز)
تتزايد التوقعات بشأن استمرار ارتفاع أسعار النفط بدعم من أساسيات السوق (رويترز)

رفع بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش التوقعات لسعر خام برنت للعامين الحالي والمقبل قائلا إن زيادة التوازن بين العرض والطلب في 2022 قد ترفع سعر النفط إلى 100 دولار للبرميل لفترة وجيزة.
وبدأ المتعاملون يحلمون بالوصول لتلك المستويات سريعا، بعد خسائر جمة في ذروة «كورونا»، بيد أن هذه المستويات ستساعد الدول المصدرة للنفط وتضر الدول المستوردة بشدة.
يأتي هذا بعد أن توقعت شركة ترافيغورا لتداول وتجارة النفط، الأسبوع الماضي ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات الـ100 دولار، وفقا لمعطيات السوق.
وقال بنك أوف أميركا في مذكرة: «نعتقد أن وتيرة التعافي القوي للطلب العالمي ستفوق نمو الإمدادات خلال الثمانية عشر شهرا المقبلة، ليزيد السحب من المخزونات ويمهد لزيادة أسعار النفط».
ورفع البنك التوقعات لسعر خام برنت إلى 68 دولارا من 63 في وقت سابق. وتوقع أن يصل متوسط سعر الخام إلى 75 دولارا العام المقبل مقارنة مع توقعات سابقة عند 60 دولارا.
وأشار إلى أن العجز في سوق النفط سيستمر في المستقبل القريب ويبلغ في المتوسط 900 ألف برميل يوميا في الفصول الستة المقبلة.
وتوقع زيادة كبيرة في استهلاك النفط تصل إلى 5.6 مليون برميل يوميا هذا العام و3.6 مليون في العام المقبل، وهي أسرع وتيرة منذ السبعينات على الأقل.
ومن المنتظر أن يزداد الطلب بوتيرة سريعة في الأشهر المقبلة، لكن البنك حذر من أن وفرة الطاقة الفائضة في أوبك+ واحتمال عودة النفط الإيراني سيحدان من الأسعار العام الجاري.
ارتفعت أسعار النفط اليوم الاثنين، مدعومة بطلب صيفي قوي وتوقف في محادثات إحياء الاتفاق النووي مع إيران الذي قد يفضي إلى استئناف إمدادات الخام من الدولة العضو في أوبك.
واستقرت أسعار النفط دون تغير يذكر خلال تعاملات أمس الاثنين، بفعل تنامي الطلب خلال موسم الرحلات الصيفية بنصف الكرة الشمالي، لكن المتعاملين يتأهبون أيضا لعودة إمدادات الخام الإيرانية رغم توقف في محادثات تستهدف رفع العقوبات.
وبحلول الساعة 12:55 بتوقيت غرينيتش، كان خام برنت تسليم أغسطس (آب) منخفضا 24 سنتا بما يعادل 0.3 في المائة إلى 73.27 دولار للبرميل. ونزل الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط تسليم يوليو (تموز) 17 سنتا أو 0.2 في المائة ليسجل 71.47 دولار.
ارتفع كلا خامي القياس على مدار الأسابيع الأربعة الأخيرة وسط تفاؤل حيال وتيرة تطعيمات (كوفيد - 19) عالميا وتحسن متوقع في حركة الرحلات الصيفية. ورفع الانتعاش علاوات التسليم الفوري للخام في آسيا وأوروبا إلى أعلى مستوياتها في عدة أشهر.
وقال جيفري هالي المحلل لدى أواندا: «جوهر صورة الطلب الحاضر على النفط ما زال إيجابيا... رغم الضوضاء في أسواق المال، فإن العالم الحقيقي على المسار الصحيح وسيحتاج إلى كميات متزايدة من الطاقة مع إعادة الفتح». وتوقفت مفاوضات إحياء اتفاق إيران النووي أول من أمس الأحد بعد فوز القاضي المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية هناك.
في غضون ذلك، قالت موديز إن دول الخليج المصدرة للنفط ستظل شديدة الاعتماد على إنتاج النفط والغاز للسنوات العشر المقبلة على الأقل مع تحقيق جهود تنويع موارد اقتصاداتها نجاحا محدودا فحسب منذ صدمة أسعار الخام في 2014 و2015.
وقالت وكالة التصنيفات الائتمانية في تقرير أمس الاثنين، إن الاعتماد على قطاع النفط سيكون «القيد الرئيسي على الائتمان» لدول مجلس التعاون الخليجي الست.
وأضافت «إذا كان متوسط أسعار النفط 55 دولارا للبرميل... فإننا نتوقع أن يظل إنتاج النفط والغاز أكبر مساهم منفرد في الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون والمصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية، وبالتالي المحرك الرئيسي للقوة المالية على مدى العقد المقبل على الأقل».
يسهم النفط والغاز بأكثر من 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وما لا يقل عن 50 في المائة من الإيرادات الحكومية لمعظم دول الخليج العربية. لكن كثيرا ما تتداخل خطط تدشين قطاعات اقتصادية جديدة، مما يوجد منافسة بين دول مجلس التعاون ويحد من هامش النمو.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.