موانع تصدّ السوريين عن العودة وأوضاع النزوح والوباء تؤثر على التعليم

أطفال مخيم الزعتر للنازحين السوريين في مخيم الزعتري... وأسماء رشيد التي تروي لهم القصص (رويترز)
أطفال مخيم الزعتر للنازحين السوريين في مخيم الزعتري... وأسماء رشيد التي تروي لهم القصص (رويترز)
TT

موانع تصدّ السوريين عن العودة وأوضاع النزوح والوباء تؤثر على التعليم

أطفال مخيم الزعتر للنازحين السوريين في مخيم الزعتري... وأسماء رشيد التي تروي لهم القصص (رويترز)
أطفال مخيم الزعتر للنازحين السوريين في مخيم الزعتري... وأسماء رشيد التي تروي لهم القصص (رويترز)

احتفل العالم أمس باليوم العالمي للاجئين، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ابتداء من عام 2001 الذي صادف الذكرى الخمسين لإعلان اتفاقية جنيف المتعلقة باللاجئين. ولهذا اليوم وقع أليم على الشعب السوري منذ نحو 10 سنوات حتى الآن، عندما بدأ ملايين من السوريين بالفرار من النزاع المسلح الداخلي، الذي طال أمده لسنوات؛ ما شجع مزيداً من السوريين على طلب اللجوء، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وكانت الانتهاكات الفظيعة التي مارسها النظام السوري، والتي بلغ بعضها مستوى الجرائم ضدّ الإنسانية، الدافع الأبرز وراء سعي السوريين نحو اللجوء، كما أن بقية أطراف النزاع قد مارست أصنافاً من الانتهاكات، بعضها ضدّ بعض، وضمن مناطق سيطرتها، وأدت هذه العوامل الرئيسة إلى تشريد قسري متواصل على مدى 10 سنوات، إذ تشير تقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى نحو 13 مليون سوري ما بين نازح ولاجئ، يتوزعون على النحو التالي؛ نحو 6 ملايين نازح داخلياً، بعضهم نزح أكثر من مرة، ونحو 7 ملايين لاجئ، تتحمل دول الطوق الغالبية العظمى منهم.
ويرى تقرير عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن جميع هذه الممارسات العنيفة، التي لا تزال مستمرة حتى الآن، تمنع المشردين (النازحين واللاجئين) من العودة إلى مناطقهم الأصلية، مع الإشارة إلى أن الظروف القاسية في بلدان اللجوء تجبر بعضهم على العودة إلى مناطق النظام السوري غير الآمنة. وعلى الرغم من ذلك تقدَّر النسبة الإجمالية للعائدين من اللاجئين من دول العالم كافة بما لا يتجاوز 7 في المائة، غالبيتهم من لبنان ثم الأردن.
ويلحظ التقرير أن الغالبية العظمى من المشردين هم من المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، وأن شروط العودة الآمنة الطوعية التي وضعتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لم تتحقق بعد فيما يتعلق باللاجئين السوريين، وأنها لن تتحقق «طالما أن نظام بشار الأسد والأجهزة الأمنية المتورطة في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، ما زالت تحكم مناطق واسعة من سوريا».
في شأن متصل، تحدثت ميريسا خورما، مديرة برنامج الشرق الأوسط بمركز ويلسون الأميركي، عن تجربتها عام 2013 في مجال خدمة اللاجئين، أنها كانت ضمن المجلس الاستشاري لمنظمة غير حكومية في الأردن، تدعم مجموعة من البرامج التعليمية والرياضية (كرة القدم) لأطفال اللاجئين في الأردن وغيرها من الدول في منطقة الشرق الأوسط. وكانت البرامج تركز على البلدات والقرى في شمال الأردن، التي كانت تستضيف غالبية اللاجئين السوريين.
ولم تكن رياضة كرة القدم مجرد أداة لتسلية الأطفال، لكن هدفها كان الجمع بين الأطفال من مختلف الخلفيات، وإشراكهم في النشاط الاجتماعي واللعب المعرفي وغرس قيم الرياضة فيهم؛ المتمثلة في الاحترام والتعاون والعدالة. وبالنسبة لكثير من هؤلاء الأطفال، السوريين، والأردنيين، لم تكن مثل هذه الفرص متوفرة في أحيائهم، فلم تكن هناك بنية تحتية للتجمع، أو رياضة، أو مدربون، وفي بعض الحالات لم تكن هناك أي مستلزمات، حتى كرة قدم. وتقول خورما إنه بالنسبة للأطفال السوريين بوجه خاص، كان ركوب الحافلة إلى ملعب كرة القدم للمشاركة في تلك البرامج، يذكرهم بنزوحهم المضني من ديارهم في سوريا إلى الأردن المجاور. وتتذكر قول طفل سوري لمدربه في اليوم الأول من البرنامج، الذي صادف يوم 20 يونيو (حزيران)، يوم اللاجئين العالمي، إن هذه هي المرة الأولى التي يستقل فيها حافلة للذهاب إلى ملعب وليس إلى مكان لجوء أو مخيم تحيط به أسوار.
وتضيف خورما، التي تحدثت لوكالة الأنباء الألمانية، أن التعليق البريء الذي صدر عن الطفل السوري هو صرخة مدوية عما أسفر عنه النزوح الذي سلب الأطفال براءتهم وحقوقهم الأساسية، وأنها تتذكر كم كانت البرامج في ذلك الوقت غير كافية لتوفير فرص من حين لآخر للأطفال السوريين ليتذوقوا طعم الطفولة. وذكرت أنه مع مرور الوقت قام مزيد ومزيد من المنظمات الحكومية غير الدولية، برعاية برامجها التعليمية والرياضية والفنية داخل المخيمات وخارجها (حيث يعيش أكثر من 80 في المائة من السوريين خارج المخيمات في الأردن).
ومع ذلك، فإن قصة الطفل السوري ما زالت اليوم تجسد تجربة كثير من الأطفال اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان، وتركيا، وكذلك الأطفال النازحون داخلياً في سوريا والأطفال اللاجئون الآخرون من العراق، وليبيا، واليمن. ووفقاً لتقرير للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لعام 2019، على سبيل المثال، فإنه من بين أكثر من 7 ملايين من الأطفال اللاجئين الذين بلغوا سن الالتحاق بالمدارس في أنحاء العالم، هناك 7.‏3 مليون (أكثر من النصف) خارج المدارس. كما حذر ذلك التقرير من أن الالتحاق بالتعليم أصبح يزداد صعوبة بالنسبة للاجئين، مع تقدم عمرهم. وتبلغ النسبة العالمية لإتمام التعليم الثانوي في العالم 80 في المائة، بينما تبلغ 24 في المائة بالنسبة للاجئين.
وقالت خورما إن هذا التحدي يزداد صعوبة في أعقاب تفشي جائحة «كوفيد 19»، التي لم تضف فقط ضغوطاً اقتصادية واجتماعية على الأسر السورية بل فاقمت صعوبة الالتحاق بالتعليم. حتى في الدول المضيفة، التي نجحت على الأقل في توفير التعليم عبر الإنترنت، ظهرت الفجوة الرقمية بين اللاجئين السوريين، كعامل تذكير صارخ بأن مزيداً من الأطفال السوريين فقدوا فرصة أخرى للتعلم. ووفقاً للمفوضية العليا لللاجئين، هناك 23 في المائة من اللاجئين السوريين في الأردن ليس لديهم إنترنت في منازلهم، و46 في المائة ممن تم سؤالهم قالوا إن أطفالهم لا يستطيعون المشاركة في منصة التعليم الحكومية عبر الإنترنت، التي تم إعدادها أثناء جائحة «كوفيد 19».
وفي الحقيقة، كان لأزمة التعليم التي فاقمتها الجائحة العالمية بالنسبة للأطفال اللاجئين تأثير أيضاً على المجتمعات المحلية المضيفة لهم. ففي لبنان، أدت مجموعة الأزمات، ابتداء من الأزمات المالية إلى الأزمات السياسية وجائحة «كوفيد 19» وانفجار مرفأ بيروت إلى دفع «آلاف السوريين» وكذلك اللبنانيون «إلى مزيد من الفقر، ما زاد من مخاطر التسرب من المدارس، وعمالة الأطفال، وزواج الأطفال».
وسوف يواجه اللاجئون السوريون، خاصة الأطفال، دائماً مزيداً من العقبات للتعلم في الدول المضيفة في المنطقة. وتثير البيانات المتاحة عنهم واقعاً آخر مصيرياً ومريراً بالنسبة لقضية اللاجئين في «الشرق الأوسط»، فالسوريون الفارون وهم يحملون ملابسهم فقط فوق ظهورهم قبل 10 سنوات لم يعبروا إلى السويد أو ألمانيا أو الولايات المتحدة، لقد فروا لينقذوا عائلاتهم وأطفالهم إلى الدول المجاورة التي تواجه تحدياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كما أن اللاجئين السوريين، وخاصة الأطفال، سوف يواجهون دوماً مزيداً من العقبات، ولديهم فرص محدودة للتعلم في الدول المضيفة في المنطقة. ومع ذلك، فإن حاضرهم ومستقبلهم يرتبطان تماماً بمجتمعاتهم المحلية المضيفة، خاصة بالنسبة للتحديات التي يواجهونها.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.