مطالبة بـ«تحقيق دولي» في استهداف مستشفى عفرين

دمار في مستشفى الشفاء بمدينة عفرين في 13 يونيو الجاري (د.ب.أ)
دمار في مستشفى الشفاء بمدينة عفرين في 13 يونيو الجاري (د.ب.أ)
TT

مطالبة بـ«تحقيق دولي» في استهداف مستشفى عفرين

دمار في مستشفى الشفاء بمدينة عفرين في 13 يونيو الجاري (د.ب.أ)
دمار في مستشفى الشفاء بمدينة عفرين في 13 يونيو الجاري (د.ب.أ)

دعا «مجلس سوريا الديمقراطية»، الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى تشكيل لجنة دولية خاصة ومحايدة للتحقيق في قصف استهدف مستشفى مدنياً في منطقة خاضعة لسيطرة فصائل سورية موالية لتركيا بمدينة عفرين الكردية (شمال سوريا)، وهو الحادث الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 16 شخصاً. وصدرت هذه الدعوة في وقت حذرت فيه القيادية الكردية إلهام أحمد من مساعي أنقرة لـ«خلق الفتنة وإعادة التوتر»، من خلال تنفيذ تهديدها باحتلال مناطق جديدة في شمال شرقي سوريا.
وتعرضت مدينة عفرين الكردية الواقعة شمال محافظة حلب في 12 من الشهر الحالي لهجوم عنيف بسلاح المدفعية أصاب مستشفى الشفاء. وأظهرت لقطات فيديو وصور نشرت على منصات التواصل الاجتماعي، أشلاء القتلى وأنقاض المستشفى، فيما أكدت مصادر طبية وجهات حقوقية سورية أن من بين الضحايا طبيباً وثلاثة موظفين بالمستشفى وثلاث نساء وطفلاً.
وقال «مجلس سوريا الديمقراطية»، في بيان نُشر على موقعه الرسمي، أول من أمس: «نرفض بشدة أن تمر جريمة مشفى عفرين دون محاسبة وتحول دماء الأبرياء من الشعب السوري إلى مجرد أوراق ضغط تستخدم لتعزيز مواقع المحتلين في مفاوضاتهم مع الدول الكبرى»، مطالباً بتشكيل لجنة دولية خاصة ومحايدة للتحقيق في الجريمة وكشف الجهات المسؤولة وتقديم مرتكبيها إلى العدالة، مضيفاً أن المجلس «يعمل لتفعيل قنوات الحوار مع مختلف السوريين الوطنيين ويضع كل طاقاته لإخراج المحتلين».
ويُعد «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن لمناهضة تنظيم «داعش» الإرهابي.
واستنكر المجلس، في بيانه، تحميل المسؤولية لـ«قوات قسد» في قصف عفرين، ملقياً باللوم على تركيا في «عرقلة مهمة (قوات قسد) المتمثلة بمحاربة التنظيمات الإرهابية وخلاياها المتجددة».
من جانبها، اتهمت إلهام أحمد، الرئيسية التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، تركيا بالتخطيط لاحتلال المزيد من الأراضي السورية عبر قصف مشفى عفرين واتهام قوات «قسد» بذلك. وشددت أحمد، لـ«الشرق الأوسط»، على أن المدنيين وحدهم من يدفع الثمن «جراء سياسات الاحتلال التركي واتفاقات تركيا مع الأطراف المتصارعة على الأرض السورية». وتابعت: «الاحتلال التركي استغل قصف مشفى عفرين والأحداث التي شهدتها مدينة منبج (بريف حلب) لخلق الفتنة وإعادة التوتر لتنفيذ التهديد باحتلال مناطق جديدة شمال شرقي البلاد، وتحقيق أطماع تركيا التوسعية على حساب شعوب المنطقة».
وعن الاتهامات الموجهة إلى قوات «قسد»، أوضحت قائلة: «الدولة التركية تصر على اتهام (قسد) لتقول إن مناطق شمال شرقي سوريا التي تحميها قوات (قسد) غير آمنة، ويتم استهداف المدنيين، وعليه يجب تسليم هذه المناطق إلى الجيش التركي». وطالبت بحماية المدنيين وضرورة إعادة النازحين المهجرين من أهالي غوطة دمشق في مدينة عفرين إلى مناطقهم الأصلية «لضمان عودة أهالي عفرين إلى ديارهم وممتلكاتهم». ومعلوم أن مهجرين فارين من غوطة دمشق يقطنون حالياً في بيوت الأكراد الذين هُجروا بدورهم من عفرين بعد سيطرة تركيا عليها قبل أعوام.



الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أول هجوم مميت ضد إسرائيل بطائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين، بالتزامن مع إبلاغ سفينة شحن في خليج عدن عن تعرّضها لهجوم دون إصابات، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عنه.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما تزعم أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلحة.

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

بدا الأمر هذه المرة مختلفاً مع إفاقة السكان في تل أبيب على دوي انفجار المسيّرة التي يرجّح الجيش الإسرائيلي أنها مطوّرة من طائرة «صماد 3» ذات المكونات الإيرانية.

وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، في بيان متلفز، إن جماعته استهدفت أحد الأهداف المهمة في منطقة يافا المحتلة (تل أبيب) بواسطة طائرة مسيّرة جديدة اسمها «يافا»، زاعماً أنها قادرة على تجاوز المنظومات الاعتراضية، وأنها حققت أهدافها بنجاح.

وهدّد المتحدث الحوثي بأن تل أبيب ستكون منطقة غير آمنة وستكون هدفاً أساسياً في مرمى جماعته التي ستركز على الوصول إلى العمق الإسرائيلي، مدعياً وجود بنك أهداف عسكرية وأمنية حساسة.

وكانت الجماعة في الأسابيع الماضية تبنّت منفردة ومشتركة مع فصائل عراقية مدعومة من إيران هجمات سابقة ضد سفن في ميناء حيفا وأخرى في البحر المتوسط، دون أن يكون لها أي أثر، وذلك ضمن ما تسميه الجماعة المرحلة الرابعة من التصعيد.

صورة وزّعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

ومع هذه التطورات يشكك مراقبون يمنيون في قدرة الجماعة الحوثية على تنفيذ هجمات مؤثرة في إسرائيل، ولا يستبعدون أن يكون الهجوم الأخير تم تنفيذه من مناطق أخرى غير يمنية، بتخطيط إيراني، في حين قامت الجماعة بتبنيه لدرء خطر الرد الإسرائيلي على طهران.

ومنذ أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وجدت الجماعة الحوثية فرصة لتبييض جرائمها ضد اليمنيين ومحاولة التحول لاعباً إقليمياً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين، مع الهروب من استحقاقات السلام واستغلال التطورات لتجنيد مئات الآلاف بذريعة الاستعداد لمحاربة إسرائيل بينما أعين قادة الجماعة مصوّبة على بقية المناطق اليمنية المحررة.

حصاد الهجمات والضربات

مع استمرار الهجمات الحوثية ضد السفن، أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية وشركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، الجمعة، بأن سفينة أُصيبت بمقذوفات مجهولة على بُعد 83 ميلاً بحرياً، جنوب شرقي مدينة عدن اليمنية دون إصابات.

وفي بيان متلفز، تبنى المتحدث العسكري الحوثي، يحيى سريع، الهجوم الذي قال إنه استهدف السفينة «لوبيفيا» لعدم التزام الشركة المشغلة لها بالحظر الذي فرضته جماعته على الموانئ الإسرائيلية؛ وهو ما يرفع عدد السفن التي تعرّضت للهجمات إلى 171 سفينة.

وكان الجيش الأميركي أفاد، الخميس، بأن قواته نجحت في تدمير صاروخين أرض - جو وأربع طائرات حوثية من دون طيار في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، أن هذه الأسلحة تقرّر أنها تمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وقد تم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وتبنى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطبته الأسبوعية، الخميس، مهاجمة 170 سفينة في البحر الأحمر وخليج عدن منذ بدء التصعيد في نوفمبر الماضي، كما أقرّ بتلقي أكثر من 570 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، معترفاً بسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً، جراء الضربات.

حاملة الطائرات الأميركية «روزفلت» حلّت محل الحاملة «أيزنهاور» للتصدي لهجمات الحوثيين (أ.ب)

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

وأثّرت الهجمات على مصالح أكثر من 55 دولة، وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

صورة جوية لسفينة شحن أصابها صاروخ حوثي في خليج عدن وأدى إلى مقتل 3 من بحارتها (الجيش الأميركي)

وتسبّب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني، التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشّة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

وتقول الحكومة اليمنية إن الحل ليس في الضربات الغربية الدفاعية ضد الحوثيين وإن الوسيلة الأنجع هي دعم قواتها المسلحة لاستعادة الحديدة وموانئها وجميع مؤسسات الدولة المختطفة وإنهاء الانقلاب المدعوم إيرانياً.

وفي أحدث تصريحات لمجلس القيادة الرئاسي اليمني، الخميس، دعا الجماعة الحوثية إلى «تحكيم العقل والتعاطي الإيجابي مع المساعي الحميدة لإحلال السلام، (...) والتوقف عن المتاجرة المكشوفة بأوجاع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة».