تنسيق مصري ـ ليبي لوضع «إخراج الأجانب» في أولوية «برلين 2»

وزير الخارجية المصري مستقبلاً نظيرته الليبية نجلاء المنقوش في القاهرة أمس (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري مستقبلاً نظيرته الليبية نجلاء المنقوش في القاهرة أمس (الخارجية المصرية)
TT

تنسيق مصري ـ ليبي لوضع «إخراج الأجانب» في أولوية «برلين 2»

وزير الخارجية المصري مستقبلاً نظيرته الليبية نجلاء المنقوش في القاهرة أمس (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري مستقبلاً نظيرته الليبية نجلاء المنقوش في القاهرة أمس (الخارجية المصرية)

عززت القاهرة وطرابلس من تنسيقهما استعداداً لانعقاد مؤتمر «برلين 2»، المقرر الأربعاء المقبل. وأكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ونظيرته الليبية، نجلاء المنقوش في مباحثات استضافتها القاهرة، أمس، على ضرورة وضع قضية «إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة»، وكذلك وقف التدخلات في ليبيا، كأولوية بأجندة عمل المؤتمر.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك، مع نظيرها المصري، اعتبرت المنقوش أن «الحل الوحيد لدعم الاستقرار والسلام في ليبيا يتمثل في إنهاء التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة».
وأوضحت المنقوش أن «حكومة الوحدة»، بقيادة عبد الحميد الدبيبة «تواجه «تحديات أمنية واقتصادية، وكذلك تركة الانقسام لسنوات».
ومع إشارتها إلى أن «العملية السياسية تتطور ببطء» فإنها تحدثت عما وصفته بـ«بوادر أمل يمثلها عقد اجتماع دولي خلال أيام في برلين».
وخاطبت المنقوش مواطنيها بالقول إنه «يجب على الشعب الليبي أن يكون في مستوى المسؤولية، ولا بد من إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا».
بدوره، قال شكري إن «مصر تدعم جهود الأشقاء الليبيين لاستعادة الأمن والاستقرار»، مضيفاً أن مباحثاته مع المنقوش تناولت «سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، والتشاور بشأن سبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود المستمرة للوصول إلى آفاق أوسع؛ بما يلبي طموحات الشعبين، إلى جانب مساندة جهود الأشقاء الليبيين الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية».
كما أكد شكري على ضرورة تعزيز «سيادة ليبيا وأهمية إجراء الانتخابات نهاية العام الجاري، وإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب»، موضحاً أنه «تم تناول التحضيرات الجارية لمؤتمر برلين وأهمية إنجاحه».
كما اعتبر الوزير المصري أن «مؤتمر (برلين 2)، المقرر خلال أيام «فرصة لاستعادة الأمن والاستقرار» في ليبيا، كما سيتيح الفرصة كذلك للمجتمع الدولي للتعبير عن دعمه ليبيا». مشدداً على أن «ملف القوات الأجنبية والميليشيات المسلحة سيكون حاضراً على جدول أعمال المؤتمر بهدف العمل على إعادة الاستقرار والأمن إلى ليبيا، ومنع انزلاقها إلى الصراع مجدداً».
وعلى الصعيد الثنائي، أكدت المنقوش أن «العلاقات بين الشعبين المصري والليبي أكبر من المصالح المشتركة»، مشيدة بتميز العلاقات على الأصعدة كافة، ومتطلعة لدعم مصر للاستقرار في ليبيا وخريطة الطريق.
في سياق ذلك، أبدى شكري استعداد مصر «لمساعدة الليبيين في تحقيق بنود (مبادرة استقرار ليبيا)، حتى تستعيد ليبيا استقرارها ووحدة أراضيها».
وقبل أيام دعت وزيرة الخارجية الليبية إلى إطلاق «مبادرة استقرار ليبيا»، وعرضتها على وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم الأسبوع الماضي في قطر، وتتضمن أهدافها «وقف إطلاق النار، وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة وتوحيد المؤسسة العسكرية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.