إبراهيم رئيسي وإعدامات 1988 (تحليل)

إبراهيم رئيسي يدلي بتصريحات خلال مؤتمر صحافي عقب تصويته في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ف.ب)
إبراهيم رئيسي يدلي بتصريحات خلال مؤتمر صحافي عقب تصويته في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ف.ب)
TT

إبراهيم رئيسي وإعدامات 1988 (تحليل)

إبراهيم رئيسي يدلي بتصريحات خلال مؤتمر صحافي عقب تصويته في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ف.ب)
إبراهيم رئيسي يدلي بتصريحات خلال مؤتمر صحافي عقب تصويته في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ف.ب)

يقترن اسم إبراهيم رئيسي، الفائز في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة، بحملة الإعدامات الكبيرة التي نفذتها السلطات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) من عام 1988. وتُجمع إفادات الشهود ومذكرات الخليفة المعين السابق للإمام الخميني، حسين منتظري، على الدور المحوري الذي أداه رئيسي في الأحداث التي ستحدد شكل النظام الإيراني وتوجهاته الداخلية في العقود المقبلة.
إعدامات 1988 كانت الموجة الثانية من التصفيات التي نفذها مؤيدو الثورة الإيرانية ضد خصومهم المحليين. وإذا كانت الموجة الأولى التي برز أثناءها اسم القاضي صادق خلخالي، قد شملت رموز ومسؤولي عهد الشاه محمد رضا بهلوي، ولقي خلالها الآلاف مصرعهم في محاكمات سريعة تعرضت لانتقادات المنظمات الحقوقية الدولية، فإن الموجة الثانية رمت إلى التخلص نهائياً من كل معارضي النظام، خصوصاً أعضاء حركة «مجاهدي خلق»، إضافة إلى من تبقى من شيوعيي حزب «توده» وجماعة «فدائيي خلق»، الأقرب إلى الماوية والمنادية بالكفاح المسلح. كما شهدت السجون في المناطق الكردية والبلوشية إعدامات مشابهة.
تقرير منظمة العفو الدولية «أسرار مخضبة بالدماء - لماذا تعتبر إعدامات 1988 في إيران جرائم مستمرة ضد الإنسانية» الصادر في 2018، يضع رئيسي ضمن من يسميهم «قضاة الموت» الأربعة الذين أشرفوا على الإعدامات التي يتراوح عدد ضحاياها بين الثلاثة آلاف والثلاثين ألفاً، حسب تقديرات مختلفة. وينسب التقرير إلى رئيسي قوله في محاضرة ألقاها في الأول من مايو (أيار) 2018 نفيه أن يكون رئيس المحكمة التي نظمت الإعدامات، والتي قال إنها كانت تمثل الشعب. لكنه وصف عمليات القتل تلك بأنها «واحدة من إنجازات النظام المشرفة» (رابط تقرير منظمة العفو: https://www.amnesty.org/en/documents/mde13/9421/2018/en/)
ولم يكن عُمْر إبراهيم رئيسي في ذلك الحين يزيد عن 28 عاماً، لكنه كان يتولى منصب نائب المدعي العام في طهران، وشارك في اجتماع عقده منتظري مع القضاة الآخرين، وهم محمد حسين أحمدي ومصطفى بور محمدي وحسين علي نايئري، حيث اعترض منتظري على الإعدامات، وحذر من تداعياتها على النظام. وكان موقف منتظري من الأسباب التي حملت أي الله الخميني على إبعاده عن الخلافة، بالإضافة إلى انتقاده لإعدام مهدي هاشمي على خلفية قضية «إيران - كونترا»، ومسائل تتعلق ببنية النظام وطبيعته الاستبدادية التي كان منتظري يرفضها رفضاً شديداً.
أما السبب المباشر للإعدامات فمختلف عليه. وفي عام 2000 كشف النقاب عن أمر أصدره الخميني قبل أسابيع من بدء الإعدامات يطلب فيه إنشاء هيئة للتخلص ممن يحاربون الله «المحاربة»، والمقصود بهم «مجاهدي خلق» و«المرتدين» وهم اليساريون الآخرون. وثمة اتفاق على أن الهجوم الواسع الذي شنته حركة «مجاهدي خلق» وسمته «النور الأبدي» لإسقاط النظام في الأيام الأخيرة للحرب العراقية - الإيرانية قد سرع التصفيات. وقد ردت السلطة على الهجوم الذي تقدم من شمال العراق بهجوم مضاد أطلقت عليه اسم «مرصاد» انتهى بتدمير القوات المهاجمة وفرار من بقي منها على قيد الحياة عائداً إلى العراق. تزامن عملية «مجاهدي خلق» مع الإعدامات لا يلغي ما يقوله عدد من الناجين لمنظمة العفو من أن التحضير لقتل آلاف السجناء السياسيين تطلب إعداداً طويلاً ولم يكن ردة فعل آنية. يُرجح ذلك المقولة التي ترجع تصفيات السجون إلى أسباب داخلية، منها حرص النظام على التخلص من أكبر عدد ممكن من المعارضين الذين قد يشكلون أرضية خصبة للنشاطات المناوئة له. تعطي أعمار ومهن من جرى إعدامهم سنداً لهذا القول، إذ تبين الأسماء أن الأكثرية الساحقة من القتلى هم من تلامذة الصفوف الثانوية وطلاب الجامعات والخريجين الجدد. بكلمات ثانية، كان النظام يعمل بوعي على تغيير الساحة الاجتماعية وإبعاد الفئات الشابة عنها.
ومن هؤلاء الشباب فؤاد، شقيق زوج الحائزة على جائزة نوبل للسلام المحامية شيرين عبادي؛ الذي اتصل مسؤولو سجن إيفين بأهله، وطلبوا منهم الحضور لتسلم أغراضه الشخصية بعد إعدامه على إثر سجنٍ استمر سنوات بتهمة بيع صحف وتوزيع منشورات مؤيدة لـ«مجاهدي خلق». وتقول عبادي في كتابها: «إيران تستيقظ - مذكرات الثورة والأمل» (الذي صدرت ترجمته إلى العربية سنة 2010 وقام بها كاتب هذه السطور) إن السلطات اشترطت على أهل الشاب عدم إبداء أي من مظاهر والحداد لمدة عام مقابل الكشف عن قبره. تضيف عبادي أن المحاكمة - إذا جاز وصفها بهذه الصفة - تستغرق بضع دقائق وتُطرح فيها أسئلة من نوع «هل أنت مسلم؟ هل القرآن الكريم هو كلام الله؟ هل تشجب علناً المادية التاريخية؟»، وكانت أي إجابة خاطئة تعني صدور حكم فوري بالإعدام.
أما من يقدم الإجابات المطلوبة، فيُرغم على المشاركة في إعدام السجناء الآخرين كبرهان على تحوله. «وقيل إن السجينات وكن كثيرات، تعرضن للاغتصاب قبل إعدامهن للتأكد من أنهن قد أُدن، حيث يُعتقد أن العذراوات ينتقلن مباشرة إلى الجنة» (عبادي - «إيران تستيقظ» - ص109 و110).
مع هذه الشخصية، إبراهيم رئيسي، تبدأ إيران عهداً جديداً يحتل فيه ترتيب الوضع الداخلي وضبط عملية وراثة المرشد والحفاظ على النظام، الأولوية. رفع العقوبات ينبغي أن يخدم هذا الهدف.



قائد «الحرس الثوري» يلمح لوقوف إسرائيل وراء الهجمات في سوريا

أفراد من الفصائل المسلحة وسط حلب (أ.ف.ب)
أفراد من الفصائل المسلحة وسط حلب (أ.ف.ب)
TT

قائد «الحرس الثوري» يلمح لوقوف إسرائيل وراء الهجمات في سوريا

أفراد من الفصائل المسلحة وسط حلب (أ.ف.ب)
أفراد من الفصائل المسلحة وسط حلب (أ.ف.ب)

في إشارة إلى إسرائيل على ما يبدو، قال قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، إن «الخاسرين من حربَي غزة ولبنان» وراء الهجمات المناهضة للحكومة في سوريا، وفق ما نقله التلفزيون الإيراني اليوم (السبت).

وكانت فصائل سورية مسلحة بدأت يوم الأربعاء الماضي هجوماً على محافظتَي إدلب وحلب وسيطرت على قرى وبلدات. وفي وقت سابق اليوم، أفادت إدارة العمليات العسكرية التابعة لفصائل المعارضة المسلحة في سوريا بأن عناصر الفصائل السورية المسلحة بدأت دخول معرة النعمان، ثاني أكبر مدينة في محافظة إدلب.

وكان تلفزيون «العالم» الإيراني نقل اليوم (السبت)، عن مستشار قائد «الحرس الثوري» حسين دقيقي، قوله إنه «سيتم قطع أيادي الأعداء» في سوريا.

وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» اليوم (السبت)، سيطرة فصائل سورية مسلحة على «غالبية مدينة حلب»، بالتزامن مع شن طائرات حربية روسية غارات على أحياء المدينة للمرة الأولى منذ عام 2016.

وقال مصدران عسكريان سوريان لـ«رويترز»: «استهدف قصف بطائرات روسية وسورية مقاتلي الفصائل السورية في حي بمدينة حلب».