دمشق «تستملك» عقارات طالتها قرارات «الحجز الاحتياطي» في الغوطة الشرقية

وزير «بناء المدن» الإيراني يبحث مع رئيس الحكومة السورية مشروعات «الإنشاء والبنى التحتية»

نسوة يغسلن فاكهة المشمش تحضيراً لصنع مادة «قمر الدين» التقليدية في سوريا بمزرعة بالغوطة الشرقية يوم 16 يونيو الحالي (إ.ب.أ)
نسوة يغسلن فاكهة المشمش تحضيراً لصنع مادة «قمر الدين» التقليدية في سوريا بمزرعة بالغوطة الشرقية يوم 16 يونيو الحالي (إ.ب.أ)
TT

دمشق «تستملك» عقارات طالتها قرارات «الحجز الاحتياطي» في الغوطة الشرقية

نسوة يغسلن فاكهة المشمش تحضيراً لصنع مادة «قمر الدين» التقليدية في سوريا بمزرعة بالغوطة الشرقية يوم 16 يونيو الحالي (إ.ب.أ)
نسوة يغسلن فاكهة المشمش تحضيراً لصنع مادة «قمر الدين» التقليدية في سوريا بمزرعة بالغوطة الشرقية يوم 16 يونيو الحالي (إ.ب.أ)

نقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، عن ناشطين في الغوطة الشرقية، أن الأجهزة الأمنية السورية قامت، على مدار الأسبوع المنصرم، باستملاك عدد من العقارات العائدة ملكيتها لأشخاص صدر بحقهم قرار «الحجز الاحتياطي»، مشيراً إلى أن منهم من هو موجود خارج سوريا، ومنهم من لا يزال موجوداً في مناطق سيطرة النظام، ومنهم من يوجد ضمن مناطق الفصائل في الشمال السوري. وتحدث عن «استملاك» نحو 48 منزلاً ومحلاً تجارياً، بالإضافة إلى أرضٍ زراعية في مناطق عين ترما وزملكا وحزة وعربين. وجاءت هذه الخطوة بعد توجيه الأجهزة الأمنية إنذارات بالإخلاء لقاطني الممتلكات التي جرت مصادرتها، والتي يقطنها أقرباء للأشخاص الذين صدر بحقهم قرار الحجز والاستملاك.
كان «المرصد» أشار في 12 يونيو (حزيران) الحالي إلى أن النظام السوري ما زال يتبع أساليب «معاقبة المعارضين والرافضين لحكمه وقبضته الأمنية»، وذلك من خلال «مصادرة ممتلكات المدنيين المقيمين خارج مناطق سيطرته ومنهم من يقيم (حتى) ضمن مناطق سيطرته، في محاولة لشرعنة السرقة بطريقة قانونية من خلال قرار الرقم 10 المعروف بـ(الحجز الاحتياطي)»، مضيفاً أن الفترة الأخيرة شهدت «تصاعد حالات الحجز على أملاك المعارضين في أحياء حلب الشرقية وفي محافظات حماة وحمص ودمشق ومناطق من ريفها، فضلاً عن قيام أجهزة النظام الأمنية بمناطق عدة بمصادرة الممتلكات التي صدر بحق أصحابها القرار رقم 10 وقيامهم بطرد العوائل أو أصحابها منها ومن ثم إغلاقها أو توطين موالين لهم داخلها».
كان النظام السوري قد أصدر بتاريخ 2 أبريل (نيسان) من عام 2018 القرار الرقم 10، الذي تمت بموجبه مصادرة الكثير من الممتلكات التي تعود ملكيتها لمدنيين معارضين للنظام في عدد من المحافظات والمدن السورية.
وجاء تقرير «المرصد» في وقت ذكرت وكالة «سانا» السورية الرسمية أن رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس، بحث الخميس مع وزير الطرق وبناء المدن الإيراني محمد إسلامي، وهو رئيس الجانب الإيراني في اللجنة الاقتصادية السورية - الإيرانية المشتركة، «سبل تعزيز علاقات التعاون في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتجارة والنقل والإنشاء والبنى التحتية والزراعة وتسريع تنفيذ المشروعات المشتركة».
وأضافت «سانا»: «تناولت المباحثات الخطوات التي تم اتخاذها على صعيد تنفيذ الاتفاقيات ومشاريع التعاون المشتركة بين البلدين والمراحل التي وصلت إليها وسبل دفعها قدماً إلى الأمام».
وجدد عرنوس، حسب «سانا»، التأكيد على «استعداد الحكومة السورية ورغبتها في تعزيز وتطوير التجارة البينية والسعي المشترك للوصول إلى حالة متقدمة من تكامل اقتصادي البلدين وزيادة مشاريع التعاون الثنائية على الصعد كافة».
أما الوزير الإيراني فأشار إلى «استمرار بلاده في تقديم الدعم لسوريا في مرحلة إعادة إعمار وبناء ما دمره الإرهاب»، حسب وصفه، معرباً عن «الرغبة في تنفيذ مشاريع مشتركة تشمل إعادة تأهيل البنى التحتية في عدد من المناطق وتنفيذ مشروعات في قطاعات عدة وفق الأولويات والاحتياجات التي تحددها الحكومة السورية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم