مفاجأة «الفيدرالي» تفرز «أسواقاً حمراء»

سحقت الذهب... وأجهضت أطول موجة صعود أوروبية في عامين

أدى تراجع أسهم قطاع التكنولوجيا إلى هبوط «وول ستريت» عند الفتح أمس (أ.ب)
أدى تراجع أسهم قطاع التكنولوجيا إلى هبوط «وول ستريت» عند الفتح أمس (أ.ب)
TT

مفاجأة «الفيدرالي» تفرز «أسواقاً حمراء»

أدى تراجع أسهم قطاع التكنولوجيا إلى هبوط «وول ستريت» عند الفتح أمس (أ.ب)
أدى تراجع أسهم قطاع التكنولوجيا إلى هبوط «وول ستريت» عند الفتح أمس (أ.ب)

فيما أدت تلميحات «الفيدرالي الأميركي» إلى خسائر فادحة للذهب أمس، أدى تراجع لأسهم قطاع التكنولوجيا إلى هبوط «وول ستريت» عند الفتح أمس (الخميس)، بعدما فاجأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) المستثمرين بالإشارة إلى أنه قد يبدأ تقليص التحفيز الكبير الذي يقدمه في موعد مبكر عمّا كان متوقعاً، مما أدى لتزايد الضغوط على قطاع يُعد هشاً أمام أسعار الفائدة المرتفعة.
ونزل المؤشر «داو جونز الصناعي» 19.3 نقطة، أو ما يعادل 0.06% إلى 34014.38 نقطة. وفتح المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» منخفضاً 3.3 نقطة أو ما يعادل 0.08% إلى 4220.37 نقطة، بينما تراجع المؤشر «ناسداك» المجمع 40.6 نقطة أو ما يعادل 0.29% إلى 13999.126 نقطة.
وبدورها هبطت الأسهم الأوروبية عن مستويات قياسية مرتفعة، لتقتفي أثر انخفاضات «وول ستريت». وتراجع المؤشر «ستوكس 600» للأسهم الأوروبية 0.4% بحلول الساعة 07:05 بتوقيت غرينتش ليُنهي سلسلة مكاسب استمرت على مدى تسعة أيام، فيما قادت قطاعات التعدين والمرافق والتكنولوجيا الانخفاض.
وقبل التداولات أمس، نزلت العقود الآجلة لـ«ستاندرد أند بورز 500» نحو 0.3% بعد يوم من خسارة المؤشر القياسي الأميركي نصفاً% عقب تصريحات من المركزي الأميركي ذكر فيها أنه قد يبدأ رفع أسعار الفائدة في 2023، وهو موعد مبكر بواقع عام عمّا كان متوقعاً.
وتختلف لهجة مجلس الاحتياطي بشأن تشديد سياسته في عصر الجائحة بشكل لافت عن موقف البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي، حين ذكر أنه من المبكر للغاية النقاش حول إغلاق صنابير الأموال على الرغم من ارتفاع التضخم في الآونة الأخيرة.
وفي آسيا، أغلقت الأسهم اليابانية منخفضة أمس (الخميس)، إذ باع المستثمرون أسهم شركات التكنولوجيا وصناعة العقاقير عقب إغلاق ضعيف لـ«وول ستريت»، بينما تألق القطاع المالي مع صعود عوائد الخزانة الأميركية. وأغلق المؤشر «نيكي» منخفضاً 0.93% إلى 29018.33 نقطة، بينما تراجع المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 0.62% إلى 1963.57 نقطة.
وتفاقمت خسائر الذهب أمس، وتخطت 4.31% الساعة 14:02 بتوقيت غرينتش، حين فقد 80.20 دولار ليصل سعر الأوقية (الأونصة) إلى 1779.30 دولار.
وقال جيفري هالي، كبير محللي السوق لدى «أواندا»: «تعرض الذهب للسحق خلال الليل بفعل ميلٍ أزيد من مجلس الاحتياطي الاتحادي صوب تشديد السياسة النقدية». وشهدت الأسعار تعافياً متواضعاً في آسيا، لكن موجة صعوده كانت تبدو على نحو أكبر عمليات شراء للمضاربة بسبب الانخفاض وأموال سريعة لتغطية مراكز مدينة، أكثر من كونها تصويتاً بالثقة في المعدن الأصفر. وسرعان ما انهارت الأسعار لاحقاً خلال التعاملات.
وأَضاف هالي: «يجب التعامل مع التعافي في الذهب بحذر، إذ إننا لم نرَ بعد الكيفية التي سيتطور بها التغيير في لهجة مجلس الاحتياطي بالكامل في الأسواق. الإغلاق اليومي للذهب دون 1797.50 دولار سيشير إلى تصحيح أعمق محتمل».
ونزلت أسعار الذهب أكثر من 2.5% أول من أمس (الأربعاء)، وبلغت أدنى مستوياتها منذ السادس من مايو (أيار)، بعد تعليقات تميل إلى التشديد النقدي من جانب مسؤولي المركزي الأميركي، مما رفع الدولار لأعلى مستوى في شهرين، بينما قفزت عوائد سندات الخزانة الأميركية.
وبدأ مجلس الاحتياطي أمس، إغلاق الباب أمام سياسة نقدية مدفوعة بالجائحة، إذ توقع 11 من بين 18 مسؤولاً في البنك ما لا يقل عن زيادتين لأسعار الفائدة بواقع ربع نقطة في 2023.
ويُعد الذهب تحوطاً في مواجهة التضخم، لكن زيادة «المركزي الأميركي» لأسعار الفائدة ستزيد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الأصفر الذي لا يدرّ عائداً وتقل جاذبيته. وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، ربحت الفضة 0.4% إلى 27.08 دولار للأوقية، بينما تراجع البلاديوم 1% إلى 2769.98 دولار، ونزل البلاتين 0.2% إلى 1120.77 دولار.


مقالات ذات صلة

صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

الاقتصاد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)

صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

توقع صندوق النقد الدولي أن يظل النمو العالمي ثابتاً عند 3.3 في المائة خلال العامَيْن الحالي والمقبل، وهو ما يتماشى بشكل عام مع الاتجاهات العالمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية (رويترز)

«غولدمان ساكس»: عمليات إعادة شراء الأسهم الأميركية قد تتجاوز تريليون دولار

تكتسب سوق الأسهم الأميركية زخماً متزايداً في ظل الترقب العالمي لعودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وهو حدث يتوقع المستثمرون أن يكون له تأثير ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

«حراس السندات»... القوة الخفية التي تهدد خطط ترمب الاقتصادية

مع مساهمة الأسواق في توجيه قرارات السياسة، أصبح «حرَّاس السندات» بمثابة القوة الخفية التي تحدد مصير الرؤساء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)

ترمب يعيد الدولار إلى الواجهة وسط توقعات اقتصادية داعمة

دفعت عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض والتوقعات الباهتة بشأن خفض أسعار الفائدة بشكل حاد، الدولار إلى أعلى مستوياته في عدة سنوات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث إلى الصحافيين بعد اجتماع مع القيادة الجمهورية في الكابيتول (أ.ب)

البنك الدولي يحذر من تأثيرات الرسوم الجمركية الأميركية على النمو العالمي

حذَّر البنك الدولي من أن الرسوم الجمركية الأميركية الشاملة المتوقع أن تبلغ 10 في المائة قد تقلِّص النمو الاقتصادي العالمي الضعيف بالفعل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«المركزي التركي» يعدل من توقعاته للتضخم في ظل تفاؤل باستمرار التراجع

أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)
أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)
TT

«المركزي التركي» يعدل من توقعاته للتضخم في ظل تفاؤل باستمرار التراجع

أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)
أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)

عدل البنك المركزي التركي من توقعاته للتضخم وأسعار الفائدة والصرف ومعدل النمو بنهاية العام الحالي، وسط تحذيرات من تداعيات السياسات الاقتصادية «الخاطئة» وأزمة التضخم وزيادة الضرائب التي دفعت الأفراد إلى سلوكيات استهلاكية مفرطة.

وحسب «استطلاع يناير (كانون الثاني) 2025 للمشاركين في السوق»، الذي تم إجراؤه بمشاركة 68 ممثلاً من القطاعات المختلفة، ونشره البنك المركزي، بلغ متوسط توقعات التضخم السنوي، حتى نهاية العام، 27.05 في المائة.

وتراجعت توقعات التضخم للأشهر الـ12 المقبلة، بدءاً من يناير الحالي، إلى 25.38 في المائة من 27.07 في المائة في الاستطلاع السابق، ما اعتبر إشارة إلى تحسن نسبي في التوقعات قصيرة الأجل مقارنة بالعام بأكمله.

متسوقة تعاين الأسعار في سوبر ماركت بإسطنبول (إعلام تركي)

كما تراجعت توقعات سعر الفائدة لشهر يناير الحالي إلى 45 في المائة، مقابل 48.59 في المائة في الاستطلاع السابق، ما يعكس تفاؤلاً بالاستمرار في الانخفاض التدريجي في أسعار الفائدة.

وبالنسبة لسعر الصرف توقع المشاركون في الاستطلاع أن يرتفع سعر صرف الدولار إلى 43.03 ليرة تركية في نهاية العام الحالي، وأن يرتفع خلال الأشهر الـ12 المقبلة إلى 43.81 ليرة من 43.23 ليرة في الاستطلاع السابق، ما يعزز القلق بشأن استمرار ضعف العملة التركي.

وبالنسبة لتوقعات النمو، ظلت ثابتة دون تغيير عند معدل 3.1 في المائة كما في الاستطلاع السابق، بينما ارتفعت التوقعات لعام 2026 إلى 3.9 في المائة.

وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك (إكس)

وفي تقييمه لنتائج استطلاع المشاركين في السوق لشهر يناير، قال وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، إنه من المتوقع أن يشهد التضخم السنوي تراجعاً كبيراً خلال العامين المقبلين؛ إذ يتوقع أن ينخفض بمقدار 17 نقطة ليصل إلى 27.1 في المائة بنهاية العام الحالي.

وأضاف شيمشك أن التوقعات الخاصة بالتضخم السنوي تتحسن مع تقدم جهود مكافحة التضخم، وقد انخفضت على مدار 15 شهراً متتالياً، وفي عام 2024، شهدنا انخفاضاً بمقدار 20 نقطة في التضخم السنوي.

وأكد شيمشك أن الحكومة ستتخذ خطوات جديدة في مجالات الغذاء والإسكان والطاقة بهدف دعم جهود مكافحة التضخم، لافتاً إلى أهمية استمرار تحسن التوقعات.

وأضاف: «نخطط لتنفيذ سياسات عرضية لدعم هذه المجالات الحيوية إلى جانب السياسات التي تركز على الطلب».

في السياق ذاته حذر الخبير الاقتصادي الأكاديمي التركي، مهفي إيغيلماز، من «تداعيات السياسات الاقتصادية الخاطئة»، موضحاً أن أزمة التضخم وزيادة الضرائب دفعت الأفراد إلى سلوكيات استهلاكية مفرطة، وصفها بمصطلح «المنفق الهالك».

ولفت، عبر حسابه في «إكس» إلى أن السياسات الحالية المرتبطة بخفض أسعار الفائدة تسببت في تعقيد الوضع الاقتصادي، موضحاً أن المقصود بمصطلح «المنفق الهالك» هو الشخص الذي يفتقر إلى الأمل في المستقبل ويختار الإنفاق الفوري بدلاً من الادخار، وهو ما يعكس تأثيرات السياسات الاقتصادية غير المدروسة في السنوات الأخيرة.

وذكر إيغيلماز أن خفض الفائدة في عام 2021 أدى إلى قفزات كبيرة في معدلات التضخم، مؤكداً أن خفض الفائدة لمحاربة التضخم كان خطأ فادحاً، ما حول التضخم المرتفع إلى تضخم مفرط».

وأضاف أن رفع الفائدة كان هو الحل الأنسب للخروج من هذه الأزمة، وأن السياسات المالية خلال عام 2022 شجعت على زيادة الاستهلاك بشكل كبير، حيث دفعت الفائدة السلبية الحقيقية المواطنين إلى الاقتراض والإنفاق بدلاً من الادخار، ما أدى إلى اعتماد الكثيرين على القروض لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

وأصر الرئيس التركي على مدى سنوات على خفض الفائدة معتبراً أن الفائدة المرتفعة هي السبب في زيادة التضخم، مخالفاً في ذلك النظريات الاقتصادية الراسخة.

وعزل إردوغان 5 رؤساء للبنك المركزي التركي في 3 سنوات، لإصراره على المضي في خفض الفائدة، إلى أن عاد وتقبل السياسة العقلانية التي أعادها وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، عقب تعيينه في منصبه، في يونيو (حزيران) 2023، عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أجريت في مايو (أيار) من ذلك العام.

وأكد إردوغان، مراراً خلال الأسابيع الأخيرة، أن الحكومة ستواصل عملها على خفض التضخم، مطالباً المواطنين بالمزيد من الصبر.

وحذر إيغيلماز من أن استمرار السياسات الخاطئة سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. ودعا إلى مراجعة عاجلة للسياسات النقدية لتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد.