الفلسطينيون يستعدون لمحادثات مباشرة مع الإسرائيليين «من دون اختراقات»

إدارة بايدن لن تطرح مبادرات فورية وتضغط لتعزيز السلطة

الأمن الإسرائيلي يهدم منزل عائلة داخل «المنطقة ج» من الضفة الغربية شمال الخليل أمس (أ.ف.ب)
الأمن الإسرائيلي يهدم منزل عائلة داخل «المنطقة ج» من الضفة الغربية شمال الخليل أمس (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يستعدون لمحادثات مباشرة مع الإسرائيليين «من دون اختراقات»

الأمن الإسرائيلي يهدم منزل عائلة داخل «المنطقة ج» من الضفة الغربية شمال الخليل أمس (أ.ف.ب)
الأمن الإسرائيلي يهدم منزل عائلة داخل «المنطقة ج» من الضفة الغربية شمال الخليل أمس (أ.ف.ب)

تستعد السلطة الفلسطينية لاحتمال استئناف مباحثات مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة، لكنها لا تعول على حدوث اختراق في مثل هذه المباحثات، باعتبار الحكومة الإسرائيلية الحالية هشة وغير قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية، على ما قال مصدر سياسي فلسطيني لـ«الشرق الأوسط».
وأكد المصدر أن ثمة تفاهمات مع الولايات المتحدة حول ضرورة استئناف وتوسيع المحادثات مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة، مضيفاً أن «المباحثات مع الأميركيين لم تنقطع منذ فترة، وهم بدورهم تواصلوا مع أعضاء الحكومة الإسرائيلية الجديدة. اتفقنا على الاستعداد من أجل دفع المفاوضات قدماً. لكننا لا نتوقع ضغطاً أميركياً كافياً على الحكومة الجديدة، ولا نتوقع اختراقاً، بسبب تركيبة الحكومة الإسرائيلية والظرف الذي أحاط تشكيلها وطبيعة المعارضة هناك».
وقاد مسؤولون فلسطينيون هذه المحادثات مع الأميركيين، فيما يجري الرئيس الفلسطيني محمود عباس ترتيبات داخلية، استعداداً للمرحلة الجديدة، ويشمل ذلك تعيين خلف للراحل صائب عريقات في رئاسة دائرة شؤون المفاوضات، سيقوم بدوره بتشكيل فرق تفاوض.
ولا يعني ذلك أن السلطة ذاهبة بسرعة إلى مفاوضات سياسية مع إسرائيل، لكن ينتظر الفلسطينيون بحسب المباحثات مع الإدارة الأميركية، نقاشاً حول تعزيز الثقة بين الطرفين عبر إجراءات محددة. وقال تقرير للقناة 12 الإسرائيلية، إن الفلسطينيين سيطلبون توسيع صلاحيات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، كجزء من المحادثات التي ستكون بوساطة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وورد في التقرير أن المطالب ستشمل منع جنود الجيش الإسرائيلي من دخول المنطقة «أ» في الضفة الغربية، الخاضعة للسيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية، وتوسيع صلاحيات السلطة، بما في ذلك في القضايا الأمنية، في المنطقتين «ب» و«ج». وبحسب اتفاقيات أوسلو فإن للسلطة الفلسطينية سيطرة مدنية فقط في المنطقة «ب»، فيما تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية، كما تحتفظ بالسيطرة الأمنية والمدنية على «ج». وجاء في التقرير أيضاً أن السلطة الفلسطينية طالبت «بإجراءات بناء ثقة» أخرى غير محددة، تهدف إلى الحفاظ على قابلية حل الدولتين للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وذكر التقرير أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل العمل على هذه المبادرة قبل الإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من منصبه يوم الأحد، عندما أدت الحكومة برئاسة نفتالي بنيت، في إطار اتفاق لتقاسم السلطة مع يائير لابيد، اليمين الدستورية. وبحسب ما ورد، قام الفلسطينيون بتسريع جهودهم للاستعداد لمحادثات سلام محتملة بعد أن أصبح من الواضح لهم أنه يمكن تشكيل حكومة لا يقودها نتنياهو.
وبحسب الشبكة التلفزيونية، تأمل السلطة الفلسطينية في أن يقود المحادثات وزير الخارجية يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس، وكلاهما من الوسط، وليس نفتالي بنيت اليميني المعارض لحل الدولتين، الذي دعا إسرائيل في الماضي إلى ضم المنطقة «ج». والطلبات الفلسطينية هذه أكدتها مصادر «الشرق الأوسط»، لكنها ليست طلبات جديدة، وإنما موجودة على الطاولة منذ سنوات طويلة. بل كانت شرطاً فلسطينياً في وقت من الأوقات لمنع وقف التنسيق الأمني، لكن إسرائيل لم تستجب. تعزيز السلطة الفلسطينية أمر تعهد به غانتس أثناء حديث سابق مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن. وقال مكتب غانتس إنه أبلغ أوستن أنه سيعمل على تعزيز السلطة الفلسطينية، مردداً التصريحات التي أدلى بها منذ المواجهة التي استمرت 11 يوماً مع «حركة حماس» في غزة. وتحدث غانتس أيضاً مع أوستن يوم الأحد بعد أن أدت الحكومة الجديدة اليمين الدستورية.
وفي مكالمة هاتفية لتهنئة بنيت، يوم الأحد، أبلغ بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد «أن إدارته تنوي العمل عن كثب مع الحكومة الإسرائيلية في الجهود المبذولة لتعزيز السلام والأمن والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين». ولا يعني ذلك أن إدارة بايدن ستطرح مبادرة كبيرة على الفور. وقال موقع «واللا» العبري إن إدارة الرئيس بايدن ليست في عجلة من أمرها لطرح مبادرة جديدة للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
ووفقاً للموقع، فإن الإدارة الأميركية الحالية لا تنوي إطلاق مبادرة جديدة في الملف الفلسطيني قريباً. ونقل الموقع عن مسؤول أميركي قوله إن إدارة بايدن تنوي التقدم ببطء لإعطاء المجال للحكومة الإسرائيلية الجديدة لتثبيت نفسها أولاً، وستمتنع في هذه المرحلة عن أي مبادرات يمكن أن تزعزع هذه الحكومة أو تُحدث خلافات.
وتأخذ الولايات المتحدة، وكذلك السلطة، بالحسبان، أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة يترأسها شخص يعارض إقامة الدولة الفلسطينية، وتبنى في السابق آراء متشددة ضد الفلسطينيين، وضغط من أجل تنفيذ مخطط الضم الإسرائيلي، وفرض السيادة على أجزاء من الضفة الغربية. وعلى الرغم من أن التغيير في واشنطن، وكذلك التنوع في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، سيمنعان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت من تطبيق أفكاره على الأرض، يعتقد الفلسطينيون أن حمله على اتخاذ قرارات مصيرية سيكون صعباً.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، يتوقع أن يدعم بينت سلاماً اقتصادياً. ونقلت عن بينت قوله إنه مؤمن بأن الهدوء الأمني والانشغال بالشأن المدني، سيؤديان إلى تحركات في المجال الاقتصادي وخفض حدة التوتر.
وقال المصدر إنه معروف لدى قيادة السلطة أن بينت يفضل السلام الاقتصادي، لكن موقفنا معروف، وهو رفض مثل هذا السلام، وإدارة بايدن التي تحدثت أيضاً عن الحرية والازدهار الاقتصادي، تعلم ذلك جيداً.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).