هل يستطيع «الرئاسي» وحكومة «الوحدة» مواجهة «أمراء الحرب} في ليبيا؟

تساؤلات يطرحها الشارع في ظل افتقارهما لقوة عسكرية نظامية... وغياب التوافق

عناصر إحدى الميليشيات المسلحة وسط العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
عناصر إحدى الميليشيات المسلحة وسط العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
TT

هل يستطيع «الرئاسي» وحكومة «الوحدة» مواجهة «أمراء الحرب} في ليبيا؟

عناصر إحدى الميليشيات المسلحة وسط العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
عناصر إحدى الميليشيات المسلحة وسط العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)

أثار تلويح المجلس الرئاسي الليبي بمحاسبة ميليشيات مسلحة تسببت اشتباكاتها الدامية في مدينة «العجيلات» (غربي العاصمة طرابلس) في مقتل عدة أبرياء، تساؤلات عدة بالشارع الليبي حول عناصر القوة التي يمتلكها «المجلس»، وشريكته في السلطة حكومة «الوحدة» الوطنية، من آليات تمكنهما من كبج جماح هذه الميلشيات المتناحرة في الغرب، وقياداتها من أمراء الحرب، الذين شقوا طريقهم إلى المشهد الليبي عبر المشاركة بالمقاومة المسلحة، التي أسقطت نظام معمر القذافي 2011.
ويصف الباحث الليبي المختص في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، فرج زيدان، التلويح باستخدام القوة، سواء من قبل الرئاسي أو حكومة الوحدة، بأنه «غير واقعي، وتم اللجوء إليه كمحاولة لإخلاء المسؤولية أمام الرأي العام الداخلي، والجهات الدولية». موضحا العوامل التي استند عليها في هذا الطرح، ومنها «تعمد الرئاسي والحكومة الراهنة منذ البداية، كسابقيهم، عدم التصادم مع الميلشيات لإدراكهما أنه لا توجد تحت سيطرتهما أي قوة عسكرية نظامية، والأمر الثاني، وهو الأهم، افتقادهما للتوافق فيما بينهما حول تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار كإخراج المرتزقة، وتفكيك الميلشيات... كما أن هناك مواقف وتصريحات متضاربة».
وقلل زيدان من اعتماد ومراهنة البعض على دور مرتقب لوزارة الداخلية في مواجهة هذه الميلشيات، موضحا أن «الوزارة شهدت في عهد الحكومة السابقة إدماج بعض هذه الميلشيات المسلحة ذاتها في هياكلها المختلفة، ولا ننسى أن الصراع الجهوي والقبلي المتصاعد منذ سنوات طويلة في مدن الغرب الليبي جعل من دخول أي ميلشيا لمدينة غير مدينتهم أمرا مرفوضا، ومهددا لإشعال حرب قبلية، حتى لو جاء في إطار تنفيذ أوامر رسمية».
ومع الاختفاء التدريجي للأخبار الواردة عن العجيلات، توقع زيدان أن تكون عملية الاحتواء قد تمت بذات أساليب المعالجة السابقة، أي بعيدا عن طريق إنفاذ القانون وضبط الجناة، وقال بهذا الخصوص: «لقد اعتمدوا على تدخل الوسطاء، من شيوخ قبائل وأعيان، واللجوء لترضية وإغراء قيادات هذه الميلشيات»، مبرزا أن «القيادات الميلشياوية قد تقبل بالتسوية سريعا، رغم ضخامة أعداد منتسبي كياناتهم وترسانتهم التسليحية، كونهم يتخوفون من أن يؤدي توسع المواجهات بينهم لاستنزافهم، وهو ما سيصب في صالح الجيش الوطني، الذي يعد عدوهم الرئيسي».
واعتبر الباحث أن معالجة الأوضاع بهذا الشكل في العجيلات «تعطي انطباعا مسبقا عن استحالة قدرة الحكومة والرئاسي في الضغط على الميلشيات بالغرب لفتح الطريق الساحلي»، موضحا أن ميلشيات مصراتة تحديدا «ترفض فتح الطريق كونه يمهد لإيجاد حركة ومصالحة حقيقة بين الليبيين بعموم البلاد، وهذا يغضب المشغل التركي الذي يأتمرون بأمره، ذلك أن الأتراك يعتبرون هذه المصالحة نهاية لنفوذهم، ونهاية لحلمهم وحلم من معهم بالعودة لاقتحام سرت والهلال النفطي».
ورغم اتفاقه مع الطرح السابق حول عدم امتلاك المجلس الرئاسي أدوات يستطيع توظيفها لضبط الوضع الأمني. إلا أن عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أكد أن الوضع يشمل ويمتد إلى عموم التراب الليبي نظرا لانتشار ظاهرة الميلشيات بعموم البلاد. وأوضح معزب لـ«الشرق الأوسط» أن «الاشتباكات بين الميلشيات بعموم ليبيا ليست جديدة، وأغلبها ناجم عن الصراع على المال، والنفوذ ولا علاقة له بالسياسة».
واستبعد عضو المجلس الأعلى أن تتم السيطرة على أوضاع الميلشيات في المستقبل القريب، موضحا أن «الأمر يتعلق بترتيبات سياسية تأتي بقيادات قوية ومقبولة، وببرنامج إداري واقتصادي وأمني، مع إتاحة الفرص الاستثمارية والعمل للشباب ليبتعد عن الانضمام للميلشيات كوسيلة للرزق».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.