كوخافي يلتقي جنرالات أميركيين سابقين عشية سفره إلى واشنطن

فلسطيني يعيد قنبلة مسيلة للدموع أطلقتها قوات إسرائيلية على متظاهرين قرب رام الله الثلاثاء (أ.ف.ب)
فلسطيني يعيد قنبلة مسيلة للدموع أطلقتها قوات إسرائيلية على متظاهرين قرب رام الله الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

كوخافي يلتقي جنرالات أميركيين سابقين عشية سفره إلى واشنطن

فلسطيني يعيد قنبلة مسيلة للدموع أطلقتها قوات إسرائيلية على متظاهرين قرب رام الله الثلاثاء (أ.ف.ب)
فلسطيني يعيد قنبلة مسيلة للدموع أطلقتها قوات إسرائيلية على متظاهرين قرب رام الله الثلاثاء (أ.ف.ب)

بعد أن قصفت القوات الإسرائيلية مواقع في قطاع غزة، فجر أمس (الأربعاء)، هدد رئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، قيادة «حماس»، بالرد على إطلاق بالونات حارقة بغارات شديدة، وقال إن جيشه يستعد إلى جولة أخرى من الحرب مع قطاع غزة في القريب، إذا استمرت الأعمال العدائية.
وكان كوخافي يتحدث أمام مجموعة من الجنرالات الأميركيين المتقاعدين، وصلوا إلى تل أبيب في إطار جولة نظمتها حركة JINSA، وهي منظمة غير حزبية تتعامل مع قضايا السياسة العامة في الولايات المتحدة. والتقى الوفد عدداً من المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين، وجاء لقاؤهم مع كوخافي عشية سفره إلى واشنطن. وحسب مصادر أمنية في تل أبيب، فإن كوخافي أطلع الوفد الأميركي، بقيادة رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية السابق، جوزيف فرنسيس دانفورد، وعشرة جنرالات متقاعدين آخرين، على العبر والدروس المستفادة من الحرب الأخيرة على غزة، وعلى الموقف الإسرائيلي المعارض للاتفاق النووي، قائلاً إن اتفاقاً كهذا سيترك أثره السلبي على كل دول المنطقة، من الساحة المحلية في لبنان، إلى الأوضاع في سوريا وحتى التدهور المحتمل في قطاع غزة.
وقالت المصادر، إن كوخافي يعلم مدى تأثير هذا الطاقم من الجنرالات على السياسة والإدارة الأميركية. وأكدت، أن كوخافي أجرى اجتماعاً مع ضباط برتبة قادة كتائب وألوية الجيش الإسرائيلي، تمت فيه دراسة تجربة الحرب الأخيرة، المعروفة في إسرائيل باسم «عملية حارس الأسوار» والإفادة من دروسها. وقال لجنرالاته «نحن نجهّز أنفسنا لعملية (حارس الأسوار 2) إن تطلب الأمر ذلك»، مضيفاً «ما كان في الأمس ليس ما سيكون غداً. فالجيش الإسرائيلي لن يسكت على إطلاق بالونات متفجرة من قطاع غزة إلى البلدات والحقول الإسرائيلية، وما جرى الليلة من قصف في غزة رداً على البالونات، ما هو إلا وجبة أولى».
وذكرت صحيفة «معريب»، في موقعها الإلكتروني، أمس، أن كوخافي لم يستبعد اللجوء إلى عملية برية لاجتياح قطاع غزة، «سوف نستخدم القوة في المكان المناسب وعند الحاجة. خلال العملية الأخيرة، لم تكن هناك حاجة لذلك، وسنستخدم القوة حين يكون لذلك جدوى.. هكذا كان القرار وهو قرار صحيح».
وكانت المنطقة قد شهدت حالة توتر شديد، أول من أمس، كادت تتصاعد إلى حرب جديدة، بعد أن قررت الحكومة الجديدة في إسرائيل، الموافقة على مسيرة المستوطنين الاستفزازية إلى القدس، وهددت «حماس» بقصف القدس لإجبار المتظاهرين على عدم تنفيذ مسيرتهم. وأقدمت قوات الشرطة والمخابرات الإسرائيلية والجيش على حشد قوات هائلة في المدينة، بلغ تعدادها 5000 عنصر، أي ضعف عدد المتظاهرين، بغرض حمايتهم من الفلسطينيين. ولكن «حماس» لم تقصف القدس ووعدت الوسطاء المصريين بالاستمرار في التهدئة، وأرسلت بالونات متفجرة تسببت في إشعال 27 حريقاً في حقول زراعية تابعة للقرى الإسرائيلية المحيطة بالقطاع.
وتدخلت أوساط عدة كي تستمر التهدئة، وبدا أن «حماس» ستمتنع عن القصف وتبتلع مسيرة المستوطنين الاستفزازية، وأن إسرائيل ستبتلع البالونات. إلا أن الجيش الإسرائيلي أوصى الحكومة الجديدة بالرد على البالونات بقصف مواقع غير مأهولة في قطاع غزة. وحصل على الضوء الأخضر ونفذ القصف. وفي تعليق على هذا التطور، كتب المحلل العسكري في صحيفة «معريب»، طال ليف رام، أمس، إن «مسيرة الأعلام في القدس قد تكون العامل المسرع والمفجر الذي قد يقود إلى تصعيد سريع مقابل غزة، لكنها بكل تأكيد ليست السبب الوحيد. وحتى إذا استمروا في تل أبيب بتسويق عملية «حارس الأسوار» على أنها كانت ناجحة وحققت إنجازات غير مألوفة في المستوى التكتيكي، فإنه لا يمكن اعتبارها بهذا الشكل في المستوى الاستراتيجي، إلا إذا انتهت بإنجاز سياسي واضح لإسرائيل». وأضاف ليف رام، أنه «من الناحية الفعلية ومن دون مسيرة الأعلام حتى، الاتجاه هو نحو تصعيد آخر أكثر من احتمالات التهدئة، فقد مرّ شهر تقريباً منذ العملية العسكرية وإنجاز كهذا لا يشاهد في الأفق».
وخلص المعلق، أنه إذا كنا انشغلنا بالأمس باستئناف إرهاب البالونات والحرائق في غلاف غزة، وفيما إذا كانت ستطلق «حماس» أو لن تطلق قذائف صاروخية، وجرى نصب القبة الحديدية بشكل واسع، وتم تغيير مسارات هبوط الطائرات في مطار بن غوريون لأسباب عسكرية. فإن هذه الأمور مجتمعة، من شأنها أن تدل على وجود مشكلة، أن العملية العسكرية انتهت، من دون أن تثمر عن إنجاز سياسي واضح».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم