سياسيون يستنجدون بـ«تأييد دولي» لحسم معركة رئيس ليبيا المقبل

وسط مخاوف من تأجيل موعد الانتخابات واحتمال ظهور منافسين جدد

TT

سياسيون يستنجدون بـ«تأييد دولي» لحسم معركة رئيس ليبيا المقبل

مع بدء العد التنازلي لـ«ملتقى الحوار السياسي» الليبي، المرتقب في شهر يوليو (تموز) المقبل، والمخصص لحسم القوانين التي ستجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تتسابق شخصيات سياسية على مسارات محلية ودولية لكسب غمار معركة رئيس ليبيا المقبل، وتتمسك بإجراء هذا الاستحقاق في موعده، على الرغم من صعوبات كثيرة قد تعترض هذا المسار.
بعض الراغبين في الترشح لهذا المنصب كانوا حتى وقت قريب ضمن منظومة السلطة، التي كانت تدير شؤون البلاد وفق سياسة التمديد، مثل خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، وفتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة «الوفاق» السابقة، أو كانوا في قلب السلطة لأربعة عقود مثل سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي. لكن يظل الرابط الذي يجمع بينهم جميعاً هو أنهم يبحثون عن تأييد دولي، كل حسب آيديولوجيته وجبهته.
وأمام تمسك بعضهم بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، علماً بأنهم جاءوا من سلطة وصفت بـ«سلطة الأمر الواقع»، قال عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الرغبة «مردها إلى تخوف بعض الذين يجهزون أنفسهم للترشح، خصوصاً من كانوا جزءاً من السلطة السابقة، من انعكاسات تأجيل موعد الانتخابات على ما أعدوه مبكراً من خطط للمعركة الرئاسية، تعتمد في الغالب على المال والثقل الجهوي، أكثر من اعتمادها على الشعبية بالشارع، واحتمال ظهور منافسين جدد باستعدادات مماثلة خلال فترة التأجيل».
في هذا السياق، أبرز رئيس مؤسسة «سلفيوم» للأبحاث والدراسات، جمال شلوف، أن الليبيين تعلموا من التجارب السابقة أن التأجيل لأي استحقاق عن موعده «قد يفتح باب المماطلة لتأجيلها إلى أمد غير معلوم»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن حديث الراغبين في الترشح عن الالتزام بموعد الانتخابات «لا يعدو أن يكون محاولة لكسب رضا الشارع، الذي أصبح قطاع كبير منه يرى أن الانتخابات قد تكون بوابته للتخلص من مرحلة الانقسام والفوضى، التي عاشتها ليبيا، فضلاً عن كونها تجسيداً للديمقراطية والتداول السلمي للسلطة».
وأضاف شلوف موضحاً: «الحقيقة أن بعض المرشحين المحتملين لمنصب رئيس ليبيا القادم لا يؤمنون بالديمقراطية.
في سياق ذلك، تحدثت جريدة «ذا تايمز» البريطانية، مطلع الأسبوع الجاري، عن نية سيف الإسلام القذافي الترشح للانتخابات الرئاسية، وسط سعي روسي دائم للبحث عن دور لنجل القذافي، وعودته ثانية لممارسة الحياة السياسية، وهو ما تزامن من إعلان مقربين منه بأنهم نقلوا رسالة منه إلى الجانب الروسي بهذا الشأن.
بدوره، اعتبر رئيس الهيئة العليا لـ«تحالف القوى الوطنية»، توفيق الشهيبي، أن «تخوف بعض المرشحين جميعاً من التأجيل يعد أمراً مفهوماً ومقبولاً، في ظل ما يرصد من محاولات للمماطلة من قبل القابضين على السلطة التشريعية والتنفيذية حالياً، ورفض تسليم مواقعهم نهاية العام الجاري، كما نصت على ذلك خريطة الطريق الأممية، التي توافق الجميع عليها في ليبيا قبل أشهر قليلة».
ورأى الشهيبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تأجيل الانتخابات «قد يكون كفيلاً بفقدان هؤلاء المرشحين لثقلهم لدى مناصريهم، في ظل تغيير التحالفات بالمشهد السياسي... وهذا الأمر قد يؤدي في نهاية المطاف إلى استبدال صندوق الذخيرة بصندوق الاقتراع، في ظل استمرار انقسام المؤسسة العسكرية والتدخلات الخارجية»، معرباً عن أمله في أن يكلل مؤتمر «برلين 2» بإصدار تحذيرات جدية تبطل مساعي التيار المعرقل للانتخابات، الذي تتصدره قوى الإسلام السياسي، لافتاً إلى المناورات التي اعتمدها هذا التنظيم، تارة بالمطالبة بضرورة بالاستفتاء على مشروع الدستور لعام 2017، وأخيراً دعوة عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة لاعتماد هذا المشروع كدستور مؤقت لدورة رئاسية وبرلمانية واحدة، في محاولة لخلط الأوراق عبر تعدد المشاريع الأطر الدستورية.
لكن عضو المجلس الأعلى للدولة، عادل كرموس، قال إنه «لا يشارك البعض تخوفه من تأجيل الانتخابات، بقدر الحرص على إجرائها في إطار دستوري صحيح ومتين، يرسم للبلاد الاستقرار وسلمية التداول».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).