حمدوك يحذر من انقسام السودان بفعل مؤامرات «أعوان النظام المباد»

هدد بالحسم مع المخربين و«الأيدي الخبيثة»... وتعهد إصلاح «القطاع الأمني»

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
TT

حمدوك يحذر من انقسام السودان بفعل مؤامرات «أعوان النظام المباد»

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)

حذّر رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك من مخاطر تواجه السودان، وتهدد بإدخاله في حالة من الانقسام والتشظي، بفعل مؤامرات «أعوان النظام المباد». وأشار إلى وجود محاولات لاستغلال حرية حق التعبير، وتحويله إلى حالات «سلب ونهب وترويع للمواطنين»، واعتداءات غير مسبوقة على النساء والمواطنين، وتعهد بحسم ما أطلق عليه «الأيادي الخبيثة» من أعوان النظام المباد الذين يعملون على تعطيل الإنتاج والعمل، للنيل من الثورة.
وقال حمدوك، في خطاب جماهيري بثّه التلفزيون الرسمي أمس، إن الأوضاع الأمنية في البلاد شهدت حالة من التدهور الأمني، نتجت عنها أجواء تنذر بالفوضى، ومحاولات لإدخال البلاد في حالة من الهشاشة الأمنية، استغلت فيها محاولات التعبير عن الرأي، وتحويلها إلى «أحداث سلب ونهب للممتلكات، وترويع المواطنين في عدد من المناطق، واعتداءات مباشرة، سبقتها حوادث قتل وتعدّ على عدد من الثوار، وهناك حالات عنف واعتداء على النساء بصورة غير معهودة». واتهم أعوان «النظام البائد» ومن أطلق عليهم المخربين، باستغلال الفرصة لنشر الفوضى، واصفاً اغتيال رجل شرطة في تلك الأحداث بأنه تربص بـ«الثورة والتغيير»، دون تفريق بين مدني وعسكري، وإطلاق الرصاص والكلمات المحرضة لبث الفتنة وإشاعة روح الغدر وانعدام الضمير.
ودعا رئيس الوزراء «شباب الثورة» لحماية الثورة، والابتعاد عما يجرهم نحو العنف، بذات أسلوب مواجهتهم للنظام البائد عبر الوسائل السلمية بمواجهة آلته القمعية، وقال: «ما يحدث الآن لا يشبه الثورة ولا الثوار، ومن الجيد أن الثوار الحقيقيين انتبهوا لما يحدث، وقد تصدَّت لجان المقاومة الحقيقية لمحاولات تشويه صورتهم وعملوا على تصحيح الأوضاع والمشاركة في استتباب الأوضاع الأمنية».
وأرجع حمدوك التدهور الأمني، الذي قال إن البلاد تشهده، إلى تشطي مكونات الثورة، ما ترك فراغاً تسللت منه جهات معادية، من أنصار النظام البائد، ودعاها إلى التماسك وتنظيم صفوفها، قائلاً: «بوحدتها فقط قادرة على حماية الثورة وقيمها وأهدافها... وإن التشتُّت هو الذي يدفع أعداء الثورة للتحرك والتآمر».
وتعهد العمل على إصلاح «القطاع الأمني» في البلاد، باعتباره مهمة جوهرية، ووضعه نصب أعين الحكومة والعمل ليلاً ونهاراً لإصلاحه، وقال: «بدون إجراء هذه الإصلاحات الضرورية، ستظل بلادنا نهباً للمخاطر الداخلية والخارجية».
واعترف حمدوك بقسوة الأوضاع التي تشهدها البلاد، بيد أنه حذر من انتشار خطاب الكراهية وروح التفرقة، وحالة التشظي التي يمكن أن تقود للفوضى، وسيطرة العصابات والمجموعات الإجرامية، وتفشي النزاعات بين المجموعات السكانية كافة، بما يهد بحرب أهلية تقضي على «الأخضر واليابس»، وتهدد بجرّ الإقليم كله إلى حالة من عدم الاستقرار.
ورهن إكمال أهداف الانتقال بوحدة القوى التي صنعت الثورة والتغيير من أحزاب وتجمعات ومنظمات مجتمع مدني، ونقابات وتجمع المهنيين ولجان المقاومة، وأطراف العملية السلمية، عبر «الحوار الحر والمفتوح بينها بلا استثناء».
وتوعد حمدوك بحسم من أطلق عليهم الأيدي الخفية التي تسهم في تعطيل عجلة الإنتاج وشلّ الدولاب الحكومي والخاص، والتحريض على الانفلات الأمني، وقال في لهجة غير معهودة عنه: «حكومة الثورة لن تتهاون في حسم تلك الجهات، بما يقتضيه القانون والسلطة الممنوحة من قبل الوثيقة الدستورية». واعتبر «حرية الفكر والرأي والتعبير والإعلام والضمير والحركة والاختيار»، من أهم إنجازات حكومته، بيد أنه قال: «البعض يحاول إنكار أي إنجازات لهذه الثورة».
وشن حملة قوية ضد من يصفونه بالضعف، وأوضح أنه يعمل وفقاً لتوازن صعب يحاول قدر الإمكان حفظه، وقال: «قد تحملت اتهامات بالضعف وعدم القدرة على المواجهة، بينما كان مصير البلاد والشعب، هو همِّي وبوصلتي في كل المواقف التي اتخذتها»، وتابع: «الانتقال السلمي والتأسيس لسيادة نظام الدولة، لن يتم دون إيجاد قدر كبير من التفاهمات والأراضي المشتركة مع كل القوي الفاعلة لتتمكن من المشاركة في الانتقال». وشدد على أهمية التمتع بأكبر قدر من المرونة والتفاهم والتوازن بين الأطراف كافة، وعدم الدخول في معارك جانبية «لن يتضرر منها سوى أمن السودان واستقراره»، واستنكر محاولات وصفه بالانعزال عن الشعب بالقول: «إنني أعي تماماً حقيقة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تمر بها بلادنا؛ أعرف أن هنالك من يحاول الإيحاء بأننا نعيش في برج عاجي، وربما مردّ ذلك أنني لم اعتد على التحدث كثيراً أو الظهور في كل وقت، فمنهجي أن أترك للسياسات والقرارات أن تتحدث».
وأرجع حمدوك سوء أوضاع البلاد الاقتصادية إلى أنه تسلم «خزينة فارغة، وديوناً مهلكة، وحالة حصار سياسي واقتصادي»، واقتصاداً يعاني خللاً هيكلياً، إضافة إلى تأثيرات حائجة كورونا والكساد الذي نتج عنها، وأدى لخفض إيرادات الحكومة بنسبة 40 في المائة.
وقطع أن الخيار المتاح أمام حكومة هو انتهاج «الإصلاح الاقتصادي»، باعتباره خياراً واعياً وكفيلاً بإصلاح الوضع الاقتصادي، برغم قسوته وصعوبته، «لكنه كان الدواء الوحيد لمثل ظروفنا وواقعنا»، وتابع: «رغم كل هذا دعوني أقول إن هنالك ضوءاً في آخر النفق».
وأعاد حمدوك التأكيد على أولويات حكومته، الممثلة في وقف الحرب وتحقيق السلام، وفك العزلة الدولية عن السودان، وإنهاء العقوبات والحصار، وهيكلة الاقتصاد المثقل بالتشوهات والديون، وتقليل العجز الكبير في ميزان المدفوعات، عبر التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية، بما يؤهل البلاد لبرامج إعفاء الديون نهاية الشهر الحالي.
وتوقع التخلص من أعباء معظم الديون وفقاً لمبادرة إعفاء الدول الفقيرة المثقلة بالديون «هيبك»، وبدء تطبيق الاتفاقات الاستثمارية التي تم توقيعها إبان اجتماع شركاء السودان الذي عقد في باريس الشهر الماضي، وأثمرت الالتزام بإعفاء 15.5 مليار دولار، والتزام مجموعة «نادي باريس» بإعفاء ديونهم (23 مليار دولار)، من أصل 60 مليار من الدين.
ورهن حمدوك معالجة مشكلات اقتصاد البلاد بالإنتاج، بيد أنه ربط ذلك بالحاجة لتمويل كبير، وقال: «كما تعلمون أنه ليست لدينا موارد مالية كافية، لذلك سعينا للحصول على التمويل عبر فتح المجال لمؤسسات التمويل الدولية والشراكات وجذب الاستثمارات».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.