قيادي في «الوطني الحر» يشن حملة على «حزب الله» بسبب تبنيه مبادرة بري

TT

قيادي في «الوطني الحر» يشن حملة على «حزب الله» بسبب تبنيه مبادرة بري

حَمَلَ البيان الذي أصدره القيادي في «التيار الوطني الحر» وأحد نوابه السابقين في البرلمان اللبناني نبيل نقولا، لهجة انتقاد حادة من التيار تجاه «حزب الله» على خلفية علاقة الحزب برئيس البرلمان نبيه بري، وتأييده لمسعاه لحل الأزمة الحكومية، في أول تصعيد من نوعه يتهم الحزب باختيار بري على حساب «التيار».
ولم يعلق «حزب الله» على البيان الذي جاء غداة تصريح حاسم من قبل رئيس الهيئة التنفيذية في الحزب هاشم صفي الدين، ذهب فيه أبعد من دعم مبادرة بري، حيث تبنى المبادرة واعتبر نفسه معنياً أساسياً بها، حين وصف «المبادرة التي يصر عليها بري و(حزب الله) ومعهم كل الحريصين على إخراج البلد من مأزقه» بأنها دفع نحو الأمل في مقابل «خطاب التيئيس»، كما انتقد «بعض السياسيين الذين يريدون تحقيق مآرب شخصية لم يتمكنوا من تحقيقها في الأيام العادية ويتوسلون عذاب الناس وألمهم لتحقيقها».
وعكس التأزم في الملف الحكومي أخيراً اصطفافات سياسية جديدة، حيث انقسمت القوى السياسية بين مؤيد لمبادرة بري التي تحظى بدعم الحريري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط و«حزب الله» وتيار «المردة» بشكل أساسي، إلى جانب الدعم الدولي للمبادرة الذي تحدث عنه بري أول من أمس، في مقابل انتقادات من «التيار الوطني الحر» للمبادرة، جرى التعبير عنها في الأسبوعين الأخيرين، وكان رد بري الإصرار عليها، كذلك تمسك حلفاؤه بها، حسب ما تقول مصادر قريبة من بري. وبعد انتقادات من قبل قياديين في التيار ومقربين منه لـ«حزب الله»، لجهة فتح ملفات عديدة تطال تموضعه السياسي الداخلي، وجه النائب السابق عن التيار نبيل نقولا إلى أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله رسالة قال فيها: «بعد تفاقم الوضع المعيشي، وحياة الذل التي يعيشها المواطن، وبعد أن أصبح من غير الممكن تحمل هذا الوضع بسبب عمليات التهريب للمواد الأساسية إلى خارج الحدود، التي بدأت أصابع الاتهام توجه إلى جماعات مدعومة منكم. أتوجه إليكم بكل صدق بهذه الرسالة علها تصل إليكم، وتعطى كل تفهم من قبلكم...».
وأضاف متوجهاً إلى نصر الله: «لقد تكلمتم على الفاسدين، واعتبرتموهم كالعملاء، وأنتم على حق لأن العميل هو من يتآمر على وطنه أمنياً، واقتصادياً». ورأى نقولا «ما يحدث اليوم أنتم متهمون، وكأنكم اخترتم حليفاً طائفياً خوفاً غير مبرر على طائفتكم الشيعية»، وفضلتموه على شريك لبناني يجمع من حوله أبناء من كل المذاهب، والمناطق، في إشارة إلى التيار.
ولا تتسم العلاقة بين «التيار» و«حركة أمل» التي يرأسها بري بالقطيعة، فقد اجتمع معاونه السياسي إلى جانب المعاون السياسي لنصر الله، مع رئيس «التيار» النائب جبران باسيل في الأسبوع الماضي في محاولة لتذليل العقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة اللبنانية. ولم ينجح الاجتماع في تحقيق خرق على مستوى تذليل العقد الباقية، وأهمها تسمية وزيرين مسيحيين وضمانة منح كتلة التيار في البرلمان الثقة للحكومة العتيدة في البرلمان بعد إعلان تأليفها.
ويلتقي الحزب مع «أمل» على ضرورة تشكيل حكومة لبنانية لا ثلث معطلاً فيها لأي طرف، وعلى تأليف الحكومة بأسرع وقت. أما التيار الذي تتسم علاقته بـ«أمل» بالتوتر، فلطالما صوب على بري وعلى الحزب، ويقول إن الحزب يقف حائلاً دون معالجة ملفات من ضمنها مكافحة الفساد.
وقال نقولا في بيانه أمس متوجهاً إلى نصر الله، «كأنكم اليوم تقفون متفرجين على نهب الدولة، طبعاً دون مشاركتكم، وسرقة المالية العامة، وتوظيف آلاف اللصوص في وزارات يجهلون مقرها». وأضاف: «كنتم تراقبون تهريب مئات الملايين من الدولارات إلى الخارج من قبل حلفاء وخصوم، ولم تحركوا ساكناً، وكنتم قادرين على دعم معركة أكثرية الشعب اللبناني ضد الفساد، ولم تفعلوا... بل كان نائب من كتلة حزبكم يخرج من فترة إلى أخرى يلوح بملفات فساد، وكنا نعرف أنها لا تسمن ولا تغني عن جوع، وكأنها من ضمن مسلسل تضييع المعركة ضد الفساد، وتمييعها».
وأضاف: «لم نسمع منكم أي كلام جدي حول التدقيق الجنائي الذي يطالب معاقبة كل من امتدت يده إلى المال العام حتى لو كان أقرب الأقربين، أو من العائلة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.