لبنان: تحرك أمني وقضائي ووزاري لضمان توافر المحروقات والمستلزمات الطبية

دورية لحماية المستهلك بمؤازرة أمنية في إحدى محطات المحروقات في شمال لبنان (الوكالة الوطنية)
دورية لحماية المستهلك بمؤازرة أمنية في إحدى محطات المحروقات في شمال لبنان (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان: تحرك أمني وقضائي ووزاري لضمان توافر المحروقات والمستلزمات الطبية

دورية لحماية المستهلك بمؤازرة أمنية في إحدى محطات المحروقات في شمال لبنان (الوكالة الوطنية)
دورية لحماية المستهلك بمؤازرة أمنية في إحدى محطات المحروقات في شمال لبنان (الوكالة الوطنية)

شددت السلطات اللبنانية إجراءاتها الأمنية والقضائية لملاحقة محتكري السلع الأساسية، حيث دهم وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، مستودعاً للمواد الطبية، فيما أصدر المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، تعميماً إلى النيابات العامة حول التشدد بملاحقة احتكار المواد الغذائية والمشتقات النفطية.
يأتي ذلك في ظل تراجع القدرة الشرائية لدى المواطن، حيث أعلنت الأمم المتحدة أن نصف اللبنانيين يعيشون اليوم في حالة من الفقر، ومستوى الفقر الحاد ارتفع من 8 في المائة عام 2019 إلى 23 في المائة عام 2020.
ونقلت وكالة الأنباء «المركزية» عن تقرير للأمم المتحدة إشارته إلى أن مؤشر الاستهلاك ارتفع بين عامي 2019 و2021 بنسبة 280 في المائة، وأسعار المواد الغذائية ارتفعت 670 في المائة. وذكر التقرير أن «مليوناً و88 ألف لبناني بحاجة لدعم مستمر لتأمين احتياجاتهم الأساسية بما فيها الغذاء».
وواصل الوزير حسن عملية التقصي والمتابعة المستمرة منذ الأسبوع الماضي، وقام بعد ظهر أمس (الاثنين) بعملية دهم لأحد مستودعات المواد الطبية وكواشف المختبرات في بيروت، وذلك في ظل فقدان بعض المستلزمات الطبية من الأسواق، ومناشدة المستشفيات للسلطات بالتدخل بسبب حاجتها للأدوية.
ورأى رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي، في حديث إذاعي، أن «الأوضاع الطبية أصبحت لا تحتمل، واليوم هو الفرصة الأخيرة للإفراج عن الأدوية الموجودة في المستودعات لدى المستوردين، التي تكفي حاجة السوق بما يقارب السبعين في المائة».
ولفت إلى «أننا في حال تعبئة عامة، وعلى وزارة الصحة أن تجري كشفاً وإحصاءً على كل هذه المستودعات، وتتخذ اللجنة الوزارية قرارها وتفرج عن هذه الأدوية، على أن تحفظ الدولة حق المستوردين بهذه الموجودات، وتجد بعد ذلك حلاً لها مع حاكم مصرف لبنان»، مشدداً على «ضرورة إيجاد حل للدواء والمستلزمات الطبية، لأنها تهدد حياة الآلاف وتضعهم أمام خطر تدهور حالتهم الصحية أو الموت».
وتدخل القضاء اللبناني على خط مؤازرة السلطات، إذ أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بأن النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، أصدر تعميماً إلى النيابات العامة حول التشدد بملاحقة احتكار المواد الغذائية والمشتقات النفطية.
وقال عويدات في التعميم، إنه «كثرت في الآونة الأخيرة عمليات الامتناع عن بيع المواد الغذائية والمشتقات النفطية، وأسعار الأخيرة خاضعة كلياً لدعم من مصرف لبنان، أو بيعها بأسعار تفوق تلك المحددة من قبل المراجع الإدارية المختصة، وهذه الأعمال تشكل الجرائم المنصوص عنها في مواد قانونية في قانون العقوبات». لذلك طلب التشدد بملاحقة هذه الجرائم وإقفال المحال والمستودعات والمحطات العائدة للمشتبه بهم بالشمع الأحمر، وضبط المواد الغذائية أو المشتقات النفطية الموجودة فيها واعتبارها من المواد القابلة للتلف.
وفي سياق المتابعة الأمنية، كثفت عناصر أمنية على محطات توزيع المحروقات لضمانة وصولها إلى المستهلكين، فيما أعلن الجيش اللبناني أن وحداته المنتشرة في البقاع والشمال أوقفت خلال يومين عشرة مواطنين وثلاثة سوريين، وأحبطت تهريب كمية من المحروقات إلى الأراضي السورية قُدرت بـ40000 ليتر من مادة المازوت و3000 ليتر من مادة البنزين، بالإضافة إلى كمية من الطحين والدخان والتنباك المعسل جميعها محملة في صهريج و3 سيارات و5 آليات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».