أعلن مكتب تونس لـ«المفوضية السامية لحقوق الإنسان»، التابعة للأمم المتحدة، أمس، عن قلقه البالغ من «الادعاءات المتكررة» عن تورط الشرطة في «انتهاكات خطيرة متكررة» ضد حقوق الإنسان.
وقال المكتب في بيان نشره أمس، وتلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه، إنه تلقى معلومات مفصلة خلال النصف الأول من العام الحالي، ترتبط بعدة حوادث خطيرة، تورطت فيها عناصر من قوات الأمن الداخلي، وأفضت إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
ويأتي بيان «المنظمة» في أعقاب احتجاجات حي «سيدي حسين» الشعبي، القريب من العاصمة منذ أيام، امتدت لاحقاً إلى أحياء أخرى، احتجاجاً على وفاة شاب في مركز للإيقاف، بعد انتشار مقطع فيديو يتضمن تعنيف قوات الشرطة لشاب عارٍ، وسحله بعد نزعهم سرواله في الشارع في وضح النهار.
وتسبب انتشار هذا الفيديو على نطاق واسع في اندلاع توتر أمني واجتماعي، ترجمته مواجهات عنيفة في منطقة سيدي حسين (غرب العاصمة) بين قوات الأمن وأعداد كبيرة من الشبان، الذين عمدوا إلى غلق بعض الطرقات بحرق عجلات مطاطية وحاويات فضلات، ومحاولة استهداف بعض مقرات الأمن بالجهة.
وعلى أثر هذه الأحداث، أعلنت الكتلة الديمقراطية (تضم 38 نائباً برلمانياً)، المكونة من حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب، عن صياغة عريضة لسحب الثقة من رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالإنابة هشام المشيشي، على خلفية ما وصفته بـ«انتهاكات متكررة في حق الشعب التونسي منذ توليه هذه الوزارة».
وأكدت معطيات من داخل البرلمان أن العريضة، التي تقودها المعارضة، لم تتبلور بعد بالكامل، بسبب وجود خلافات في وجهات النظر بين مجموعة تريد سحب الثقة من المشيشي باعتباره وزيراً للداخلية بالإنابة منذ الخامس من يناير (كانون الثاني) الماضي، ومجموعة ثانية تريد سحب الثقة من المشيشي باعتباره رئيساً للحكومة، أو سحب الثقة من الحكومة بأكملها.
وتسعى «الكتلة الديمقراطية» إلى جمع توقيع ثلث النواب (73 نائباً) لتمرير العريضة للجلسة العامة، التي تتطلب تصويت 109 نواب للمصادقة عليها لسحب الثقة من الحكومة.
وتعد أحداث حي «سيدي حسين» الشعبي العنيفة، أحدث أعمال عنف تكون الشرطة طرفاً فيها، وهو ما أثار احتجاجات وانتقادات لاذعة ضد وزارة الداخلية، بعد سلسلة من الانتهاكات المشابهة.
فخلال النصف الأول من العالم الحالي وثقت منظمات حقوقية، من بينها رابطة حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، انتهاكات واسعة النطاق في مراكز الإيقاف بتونس، على الرغم من مرور نحو عقد على الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وفي مارس (آذار) الماضي، توفي الشاب عبد السلام الزيان، المصاب بداء السكري، في مركز للإيقاف بصفاقس، بعد تأخره في تناول جرعات الإنسولين، واتهمت الشرطة بالإهمال والتقصير فيما حصل.
وقبلها فقد الشاب أحمد قم بعض أطراف جسده بسبب العنف المبرح على أيدي الشرطة في مركز الإيقاف في المنستير، أثناء الاحتجاجات الاجتماعية التي اجتاحت عدة مدن تونسية في يناير (كانون الثاني) الماضي، وأدت إلى توقيف نحو 1500 شخص، من بينهم عدد كبير من الأطفال القصر.
وأوضح مكتب المفوضية في بيانه، أن الانتهاكات المتكررة منذ بداية العام «تكشف عن خلل مستمر في أجهزة الأمن الداخلي، وهو ما يتطلب إرادة ثابتة من السلطات القضائية والتنفيذية بهدف المحاسبة، طبقاً للقانون الذي يتطلع إليه التونسيون». وحثت المفوضية السلطات على الشروع في، أو إنهاء تحقيقات إدارية وقضائية شفافة ومستقلة وسريعة في كل هذه الادعاءات. كما طالبت الحكومة «بمضاعفة جهودها من أجل ترجمة التزامها المتكرر باحترام المعايير الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان، إلى أفعال ملموسة من الضمان الفعلي للحقوق والحريات الأساسية والأمن للأفراد».
قلق أممي من «انتهاكات متكررة» لحقوق الإنسان في تونس
قلق أممي من «انتهاكات متكررة» لحقوق الإنسان في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة