شركات روسية تتطلع للاستثمار في قطاعي النفط والطاقة اللبنانيين

تنامي انخراط موسكو... من السياسة إلى الاقتصاد

TT

شركات روسية تتطلع للاستثمار في قطاعي النفط والطاقة اللبنانيين

قالت مصادر لبنانية مطلعة على المحادثات اللبنانية - الروسية إن الشركات الروسية مهتمة بالاستثمار في قطاعي الطاقة والنفط اللبنانيين، بعد تشكيل حكومة لبنانية.
وتعزز الانخراط الروسي في الملفين السياسي والاقتصادي اللبنانيين في الفترة الأخيرة، حيث زارت 3 وفود سياسية لبنانية موسكو في الأشهر الأخيرة، هي وفد من «حزب الله»، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل. وكان يفترض أن يزور موسكو رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في الأسبوع الماضي قبل أن يتأجل اللقاء بسبب انشغال الجانب الروسي بالقمة التي تجمع الرئيس الأميركي جو بايدن بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقالت مصادر «الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة جنبلاط تأجلت إلى ما بعد القمة، لافتة إلى أن «لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على جدول الأعمال، وبطبيعة الحال سيكون هناك لقاء مع نائبه ميخائيل بوغدانوف، ولقاءات أخرى سيتم ترتيبها عند تحديد موعد الزيارة».
ولا تقتصر المحادثات بين المسؤولين اللبنانيين والروس على الجانب السياسي، بل تتعداه إلى الجانب الاقتصادي، حيث أعرب المسؤولون الروس للمسؤولين اللبنانيين عن الرغبة بالاستثمار في لبنان، بحسب ما تقول المصادر المطلعة على المحادثات. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الجانب الروسي «لم يخفِ التطلع للاستثمار في قطاعي النفط والطاقة في لبنان»، موضحة أن الشركات الروسية مهتمة بالاستثمار في تكرير النفط في لبنان، وتوليد الكهرباء، فضلاً عن الاهتمام بالاستثمار بمرفأ بيروت... وغيرها من القطاعات.
ويمتلك لبنان منشأتين لتكرير النفط على ساحله في الشمال (البداوي) والجنوب (الزهراني)، وكانتا مرتبطتين بخطي نفط من العراق والسعودية، لكنهما توقفتا عن العمل بسبب الحروب، وتستخدم خزاناتهما الآن لتخزين المشتقات النفطية.
وقد دعا الرئيس الحريري، خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، الجانب الروسي للاستثمار في لبنان. وتفاهم خلال محادثاته مع الرئيس بوتين على «تسهيل الأرضية أمام الشركات الروسية للاستثمار في لبنان والشركات اللبنانية للاستثمار في روسيا».
لكن هذا التطلع الروسي يعوقه عدم تشكيل حكومة لبنانية. وتشدد المصادر على أن هذا الواقع السياسي المأزوم «يقف حائلاً أمام أي فرصة استثمارية أجنبية؛ روسية أو غير روسية في لبنان»، موضحة أن التأزم السياسي والتدهور المالي «يشكلان عائقاً أمام جذب الاستثمارات بالنظر إلى أن المستثمر يحتاج إلى بيئة مستقرة، وعملة مستقرة، وإصلاحات، وهي غير موجودة في الوقت الراهن».
وإذ تشير المصادر إلى أن بعض الشركات الروسية التي تمتلك إمكانات كبيرة على صعيد التمويل، مقيدة بعقوبات دولية، وهو ما يعوق استثمارها في الخارج، تقول إن هناك شركات أخرى مهتمة، لكنها تحتاج إلى وجود دولة فاعلة وبيئة سياسية ومالية مناسبة للاستثمار في بيروت. وبدأ الانخراط الاقتصادي الروسي في لبنان عام 2018 مع تشكيل «كونسورتيوم» يتألف من شركة «توال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«نوفاتك» الروسية فاز بعقد التنقيب عن الطاقة في المياه الاقتصادية اللبنانية واستخراجها، وبلغت حصة الشركة الروسية 20 في المائة من التحالف.
وبعدها، وقعت شركة «روسنفت» الروسية مع وزارة الطاقة اللبنانية في عام 2019 على عقد استثمار خزانات تخزين النفط في شمال لبنان بغية الاستثمار به.
وتستأنف شركة الطيران المدني الروسية «إيرفلوت» رحلاتها إلى بيروت بدءاً من 27 يونيو (حزيران) الحالي، بعد توقف قسري بسبب أزمة انتشار «كورونا». وتقول المصادر إن الشركة الروسية ستنظم رحلة واحدة أسبوعياً كما هو مخطط، من غير الجزم بما إذا كانت هناك زيارة لمستثمرين واقتصاديين روس على متن الرحلة.
ويأتي الانخراط الروسي في الملف اللبناني عقب تدخلها في سوريا عام 2015. ويعول لبنان على دور لروسيا في عودة النازحين السوريين وحل مشكلات ترسيم الحدود البحرية مع سوريا شمالاً، حيث تستثمر شركة روسية في قطاع التنقيب عن الطاقة بالمنطقة الاقتصادية البحرية السورية المحاذية للحدود اللبنانية.
وتحدث باسيل خلال زيارته إلى موسكو عن «أدوار عديدة لروسيا في سوريا ولبنان»؛ ومن ضمنها إقامة مشاريع تنموية واستثمارية ضخمة في المنطقة، وذكر بناء مصافي النفط في جنوب وشمال لبنان، والمشاركة بمشاريع إنتاج الغاز في البحر اللبناني (وهو حاصل جزئياً الآن)، وإمكانية المساهمة بمشاريع الكهرباء والمرفأ والسكك الحديدية.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».