الشرعية تنتظر «مساعي مسقط»... وغريفيث يواصل جهود ما قبل «الإحاطة»

TT
20

الشرعية تنتظر «مساعي مسقط»... وغريفيث يواصل جهود ما قبل «الإحاطة»

يدفع المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ نحو دعم إنساني من أجل محافظة مأرب اليمنية. وريثما يستطيع المبعوث الاقتراب من تحقيق ذلك تنتظر الحكومة الشرعية نتائج المساعي العمانية لدى الحوثيين لإقناعهم بالخطة الأممية التي وضعها مارتن غريفيث لوقف النار وتخفيف المعاناة الإنسانية قبل الشروع في العودة إلى مفاوضات الحل السياسي الشامل.
ومع أن مستوى التفاؤل في أوساط الحكومة اليمنية بلغ أدنى مستوياته لجهة اليقين بأن الجماعة المدعومة من إيران ليست في وارد اتخاذ أي خطوات بناءة لوقف الحرب، يواصل المبعوث الأممي من جهته جهوده على المستوى الإقليمي أملاً في الحشد لخطته المقترحة، وذلك قبل الإحاطة الدورية المنتظرة منه أمام مجلس الأمن الدولي في الأيام المقبلة.
تحركات غريفيث وصلت أمس (الأحد) إلى محطة الكويت بعد جولة شملت مسقط وصنعاء والرياض، وأخيراً طهران التي ينظر إليها المراقبون للشأن اليمني بأنها صاحبة الكلمة العليا في ما يخص قرار الميليشيات الحوثية.
وأفاد مكتب المبعوث على «تويتر» بأن غريفيث زار الكويت والتقى رئيس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ووزير الخارجية أحمد ناصر المحمد الصباح، وناقش الوضع في اليمن وضرورة استئناف العملية السياسية. وأنه «أثنى على الدعم المستمر الذي تقدمه الكويت لجهود السلام في اليمن».
في السياق نفسه، أوردت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن وزير الخارجية الكويتي جدد التزام بلاده بالوقوف مع وحدة واستقرار اليمن وإعادة الأمن والأمان إلى ربوعه ومساندتها لكل الجهود الرامية للوصول إلى حل يفضي إلى سلام دائم للأزمة في اليمن.
وشدد الوزير الكويتي على أهمية تنفيذ المبادرة السعودية للسلام في اليمن والمرجعيات الثلاث المتفق عليها، مؤكداً دعم دولة الكويت للإجراءات والجهود التي يقوم بها المبعوث الخاص في هذا الإطار.
كما جدد وزير الخارجية - بحسب الوكالة - «إدانة واستنكار دولة الكويت للهجمات والاعتداءات المستمرة والمتكررة التي تقوم بها الميليشيات الحوثية على المملكة العربية السعودية والتي تعد تهديداً مباشراً للأمن القومي الخليجي والعربي، مؤكداً موقف دولة الكويت الثابت والداعم لكل الإجراءات التي تتخذها المملكة للحفاظ على أمنها واستقرارها».
وبينما يطمح المبعوث الأممي في تحقيق اختراق بملف الأزمة اليمنية قبل أن يغادره إلى منصبه الرفيع وكيلاً للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يرجح مراقبون أن الوقت لم يعد يسعفه في ظل مراوغات الحوثيين وسعي زعيمها إلى التمسك بتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية من بوابة الملفات الإنسانية بعيداً عن الموافقة على وقف الحرب، وبخاصة الهجمات التي تقودها الميليشيات نحو مأرب حيث المحافظة النفطية وأهم معقل للحكومة الشرعية في شمال البلاد.
وفي أحدث تصريحات للحكومة اليمنية، نفى وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور أحمد بن مبارك تلقي الشرعية أي ردود من الجانب العماني بشأن المساعي التي تبذلها مسقط، وتحديداً بعد عودة وفدها الجمعة الماضي من صنعاء إثر زيارة استمرت أسبوعاً لإقناع الميليشيات بخطة السلام الأممية.
وباستثناء التصريحات التي وصفها ناشطون بالمطاطية، التي أطلقها قادة الجماعة الحوثية أثناء زيارة الوفد العماني، وبعد مغادرته، لم يعرف بعد ما إن كانت الجماعة قد منحت مسقط بادرة أمل لإنجاح مساعيها، أم أنها اكتفت من الزيارة بتسليط الأضواء على الهدايا الرمزية التي حملها أعضاء الوفد أثناء مغادرتهم مطار صنعاء.
وكان المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام فليتة، الذي رافق الوفد العماني إلى مسقط حيث يقيم، زعم أن الوفد أجرى سلسلة لقاءات شملت رئاسة الأركان العامة ولجنة التنسيق وإعادة الانتشار في الحديدة وشخصيات اجتماعية وسياسية من مأرب، تم خلالها مناقشة الأوضاع المختلفة في اليمن، وسادها الجدية والمسؤولية.
وبحسب ما نقلته المصادر الحوثية عن فليتة، فإن جماعته ركزت في النقاشات على رفع الرقابة المفروضة على موانئ الحديدة من قبل الشرعية والتحالف الداعم لها وعلى فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية.
ويقدر سياسيون أن جهود مسقط جاءت بتشجيع من واشنطن التي تضع الأزمة اليمنية في صدارة اهتمامات سياستها الخارجية، بخاصة بعد أن عينت مبعوثاً خاصاً بهذا الملف.
ويوم أمس، ذكرت وزارة الخارجية الأميركية على حسابها في «تويتر» أن المبعوث إلى اليمن تيم ليندركينغ عقد اجتماعاً وصفته بـ«المثمر» مع مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، في سياق التزام واشنطن بدعم الشعب اليمني وتعزيز الجهود الحاسمة لتقديم الإغاثة. وأضافت الخارجية الأميركية أن ليندركينغ «التقى مديرة الوكالة سامانثا باور لمناقشة الحاجة إلى مزيد من المانحين لتقديم تمويل إنساني إضافي لمعالجة الأزمة المتنامية في محافظة مأرب».
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن صرح أن بلاده «ستواصل الضغط على الحوثيين لقبول وقف إطلاق النار والمشاركة في مفاوضات حقيقية لحل الصراع». مشيراً إلى قيام بلاده بفرض عقوبات على شبكة من الشركات الوهمية والوسطاء الذين يدعمون الحوثيين بالتنسيق مع «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني.
وفي تقدير كثير من المراقبين للشأن اليمني، فإن إرغام الحوثيين على القبول بأي خطة سلام لا بد أن يأتي من طهران، في حين يرجحون أن الدور العماني لن يكون له أثر على صعيد إنجاح الخطة الأممية، ما لم تحصل الجماعة على مكاسب سياسية، مثل إطلاق يدها في عائدات موارد ميناء الحديدة والتحكم في وجهات السفر من مطار صنعاء دون قيود.
أمام ذلك، تؤكد الحكومة اليمنية تمسكها بالمبادرة السعودية، والترحيب بجهود السلام الأممية والدولية، وتدعو إلى وقف شامل للقتال، باعتباره مدخلاً لحل كل القضايا الإنسانية.
كما يشير مراقبون إلى تعنت زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي، الذي أظهر في أحدث خطبه جانباً مما يسميه مراقبون غربيون «عدم النضج السياسي»، إذ لم يتناول المقترح الأممي والمساعي الدولية، ولا سيما الأميركية، بشكل إيجابي، داعياً أتباعه إلى حشد مزيد من المقاتلين وجمع مزيد من الأموال للاستمرار في الحرب.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.