تسارع وتيرة عمليات التسلل من سوريا إلى العراق

رغم توجيهات رئيس الوزراء بضبط الحدود

TT

تسارع وتيرة عمليات التسلل من سوريا إلى العراق

رغم التوجيهات التي أصدرها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على صعيد تحصين الحدود العراقية مع سوريا التي يبلغ طولها أكثر من 600 كيلومتر، فإن عمليات التسلل من الجانب السوري إلى العراقي ازدادت وتيرتها مؤخراً. وفي هذا السياق؛ أعلنت مديرية الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع العراقية، أمس الأحد، أنها ألقت القبض على 8 متسللين من سوريا باتجاه الأراضي العراقية غرب نينوى.
المديرية، وفي بيان لها، قالت إنه «بناءً على معلومات استخبارية دقيقة أكدت وجود عدد من المتسللين من الأراضي السورية باتجاه أراضينا عن طريق التهريب، وبمساعدة الكاميرات الحرارية، تمكنت مفارز شعبة الاستخبارات العسكرية في (الفرقة15) وبالتعاون مع (الفوج الأول لواء المشاة 71)، من نصب كمين محكم للمتسللين الثمانية والقبض عليهم في منطقة جلبارات التابعة لناحية ربيعة غرب نينوى». وأوضحت أنهم «يحملون الجنسية السورية وقدموا بمساعدة أحد المهربين»، مبينة أنه «تمت إحالتهم للجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم».
يذكر أن الجانب العراقي باشر بناء سدود ترابية على الحدود مع سوريا، بالإضافة إلى نصب كاميرات مراقبة لرصد عمليات التسلل عبر الحدود، لكن ذلك لم يمنع عمليات التسلل؛ لأن غالبية المنتمين إلى تنظيم «داعش» يعرفون طرقاً نيسمية يصعب الكشف عنها من قبل الأجهزة فضلاً عن معرفتهم طوبغرافية الأرض.
وحول أسباب ازدياد عمليات التسلل من الجانب السوري إلى العراقي، يقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» إن «عمليات التسلل عبر الحدود العراقية ـ السورية من القضايا المزمنة رغم كل الإجراءات التي يجري اتخاذها»، مبيناً أن «(العمليات المشتركة) في وزارة الدفاع استعانت بالجهد الهندسي فضلاً عن وزارة الموارد المائية وقامت بشق خندق طويل وإقامة سد ترابي وأسلاك شائكة ونصب كاميرات حرارية وليزرية وتسيير طائرات مسيّرة بين الفينة والأخرى... لكن كل هذا لم يوقف عمليات التسلل؛ لأنه لا يكفي». وأضاف أن «الذين يسهلون عمليات التسلل من مهربين وسواهم يعرفون حتى أماكن الكاميرات، وبالتالي هم يستعينون بهؤلاء المهربين حيث غالباً ما تكون عمليات التسلل في الليل».
وحول دوافع التسلل عبر سوريا إلى العراق، يقول أبو رغيف إن «البعض منهم يتسلل بدافع إرهابي، والبعض الآخر يتسلل بدافع آخر كأن يكون مطلوباً جنائياً من قبل الحكومة السورية، أو يريد الاستقرار داخل العراق بحيث يدخل بطريقة غير رسمية؛ لأنه في حال دخوله بالطرق الرسمية فسيكلفه ذلك مالياً، فضلاً عن أنه يمكن أن يكون مطلوباً في الحاسبات السورية».
وتوقع أبو رغيف «استمرار عمليات التسلل ما لم يجر ردم الثغرات والأماكن الرخوة عند الحدود العراقية – السورية، علماً بأن الحدود من الصعب ضبطها، وهو ما تعانيه دول أخرى، وبالتالي العملية تحتاج إلى وقت وجهد وإنفاق وإمكانات».
إلى ذلك؛ وفي سياق ما تقوم به الأجهزة الأمنية العراقية من جهود لمطاردة تنظيم «داعش»؛ فقد تمكنت تلك الأجهزة من إلقاء القبض على قيادي كبير في التنظيم بمحافظة صلاح الدين شمال بغداد. وقالت خلية الإعلام الأمني في بيان لها إنه «وفقاً لمعلومات استخباراتية دقيقة، تمكنت مفارز وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية من إلقاء القبض على أحد الإرهابيين في محافظة صلاح الدين مطلوب وفق أحكام (المادة 4 – إرهاب)؛ لانتمائه لعصابات (داعش) الإرهابي».
في السياق نفسه، أعلن الناطق العسكري باسم رئيس الوزراء، اللواء قوات خاصة يحيى رسول، في مؤتمر صحافي ببغداد أمس، إن «حصيلة العمليات العسكرية المنفذة للفترة من 5 ولغاية 11 يونيو (حزيران) الحالي، كانت إلقاء القبض على عدد من المطلوبين بتهم مختلفة بضمنها الإرهاب، كما تم العثور على 169 عبوة ناسفة مختلفة الأنواع، و42 وكراً ومخبأً، و36 كدساً للعتاد، وقتلت 3 إرهابيين، وعثرت على 52 من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فيما عثرت على 134 مقذوفاً مختلف العيارات»، مبيناً أنه «تم إحباط 17 عملية تهريب، فضلاً عن إلقاء القبض على أعداد من المتسللين عبر الحدود العراقية – السورية، والعثور على 5 منصات لإطلاق الصواريخ».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.