فصائل مسلحة تصعّد وتطالب بإطاحة ضابط بارز في مكتب الكاظمي

مصدر عراقي قال إن «كتائب حزب الله» و«النجباء» و«العصائب» تريد استثمار أزمة مصلح

فصائل مسلحة تصعّد وتطالب بإطاحة ضابط بارز في مكتب الكاظمي
TT
20

فصائل مسلحة تصعّد وتطالب بإطاحة ضابط بارز في مكتب الكاظمي

فصائل مسلحة تصعّد وتطالب بإطاحة ضابط بارز في مكتب الكاظمي

أطلقت «كتائب حزب الله» تهديدات للحكومة العراقية بوضع مَن وصفتهم بـ«المعتدين»، خلف القضبان، في حال حدوث اعتقال مماثل لـ«عنصر الحشد»، قاسم مصلح، فيما تضمنت تصريحات المتحدث باسمها إشارات للتمرُّد على تسوية قائد «فيلق القدس»، إسماعيل قاآني. وتصر الفصائل المسلحة على الإطاحة بأحد أهم الضباط في مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وقال المتحدث المعروف باسم «أبو علي العسكري»، في تغريدة على موقع «تويتر»، إن «الكتائب» تؤكد على «إتمام المطالب الثلاثة لقادة الحشد التي تحقق منها اثنان؛ أولهما خروج مصلح، وأن اتهامه كان كيدياً».
وأضاف العسكري: «إذا ما كررها الغادر (في إشارة إلى الكاظمي)، فإننا لن نعود بعدها إلى مواقعنا إلا بعد وضع المعتدين خلف القضبان». وأفرج عن «عنصر الحشد» بناء على تسوية بين الفصائل والحكومة مقابل «وقف التصعيد»، لكن مصادر سياسية أفادت بأن قرار إطلاق سراحه جاء نتيجة لضغوط سياسية كبيرة.
اللافت في تصريحات العسكري إشارته إلى إيران، بالقول: «حينها لن تنفعهم شفاعة الشافعين ولا تغريد الأقربين لا شرقاً ولا غرباً».
وتقول مصادر عليمة إن «(حزب الله) وفصائل مسلحة تطلب برأس ضابط كبير في مكتب رئيس الحكومة، أشرف على اعتقال مصلح، وقبله شخصيات سياسية وحكومية بتهم مختلفة».
وازداد غضب الفصائل المسلحة من الجنرال أحمد أبو رغيف منذ أن كلفه الكاظمي، في أغسطس (آب) من العام الماضي، بإدارة لجنة «الجرائم الاستثنائية» للتحقيق في قضايا فساد.
وعمل أبو رغيف نائباً لوزير الداخلية عام 2008، قبل أن يعفيه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بناء على شكوك بتورطه بمحاولة انقلاب عسكري على الحكومة، لكنه عاد إلى منصبه مديراً لشؤون الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في ولاية رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، ورفعه الكاظمي إلى أحد أهم ضباطه مديراً للجنة الجرائم الاستثنائية.
ونفّذ أبو رغيف منذ شهور حملة اعتقالات طالت مسؤولين حكوميين وشخصيات سياسية، بعضهم من الخط الأول، لكن فعاليات سياسية نافذة قالت إن الكاظمي يستخدم ضابطه الرفيع لتصفيات سياسية، واتهمت الأخير بـ«انتهاكات ضد المعتقلين شملت التعذيب، وانتزاع الاعترافات بالإكراه».
وفي فبراير (شباط) الماضي، رد الكاظمي على خصومه السياسيين بالقول إن «لجنة أبو رغيف بشأن الفساد ستستمر بعملها رغم كل ما يثار حولها من أكاذيب لحين تحقيق خطوات إيجابية للحد من الفساد».
وسبق أن تحدث مسؤولون عراقيون مطلعون على حصيلة التحقيقات التي جمعتها لجنة أبو رغيف، قادت للكشف «عن شبكة واسعة من التحالفات المشبوهة بين زعماء عراقيين وفصائل مسلحة وعصابات الجريمة المنظمة، فضلاً عن موظفين نافذين».
لكن اعتقال «عنصر الحشد» أوصل غضب الفصائل الموالية لإيران إلى الذروة، لدرجة أن التسوية الأخيرة بينها وبين الحكومة اشترطت «إقالته» من منصبه، لكن فصيلاً متشدداً، مثل «كتائب حزب الله» يريد محاكمته.
وتحاول بعض الفصائل التخلص نهائياً من أبو رغيف، نظراً للقناعة المتزايدة لديها بأنه «لن يتوقف عن تنفيذه لأوامر قبض تطال مراكز نفوذ شيعية»، وتعتمد في ذلك أيضاً على ما يقوله مصدر «مهم» داخل الحشد، من أن أوامر اعتقالات جديدة ستصدر قريباً.
لكن المصدر يقول إن «الكاظمي يكافح للصمود أمام هذه الضغوط للحفاظ على ورقة أبو رغيف، لا سيما أن التسوية الأخيرة لم تشمل إجراءات بهذا المستوى ضد أبو رغيف».
وقال قيادي في «الحشد الشعبي»، تحدث لـ«الشرق الأوسط» من مدينة النجف، إن «فصائل مثل (حزب الله) و(النجباء) و(العصائب) تريد استثمار أزمة مصلح بمزيد من التصعيد لمعاقبة أبو رغيف».
وأضاف القيادي أن «تلك الفصائل غير راضية تماماً على المناورات والتسويات الإيرانية في الملف العراقي، وتريد المضي في خطوات عملية ضد الكاظمي»، مشيراً إلى أن «هذا الرأي لا يحظى بإجماع شيعي».
وبحسب مصادر خاصة، فإن «حوارات داخل (الحشد الشعبي) تريد إعادة صياغة الرغبة بالانتقام بعد اعتقال مصلح من إذلال الحكومة بضرب أبو رغيف إلى استجوابه في البرلمان، وفق آليات دستورية».
وكان عضو تحالف «الفتح»، عبد الأمير المياحي، قال إن لجنة النزاهة «تنتظر موافقة رئاسة البرلمان لاستضافة أبو رغيف، بإحدى الجلسات لمناقشة عمل لجنته»، فيما هدّد باتخاذ «إجراءات قانونية في حال رفض أبو رغيف الحضور»، غير قوى شيعية نافذة تريد تحويل الاستضافة إلى استجواب ينتهي بإقالته وحرمانه من العمل في الجهاز العسكري الحكومي.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.