موسم المقايضات يهب على «معابر» سوريا... وممراتها

بايدن يبحث مع بوتين وإردوغان المساعدات الإنسانية «عبر الحدود»... وروسيا تركز على الخطوط بين «مناطق النفوذ»

صورة أرشيفية لقافلة أممية تحمل مساعدات بريف دمشق في يونيو 2016 (رويترز)
صورة أرشيفية لقافلة أممية تحمل مساعدات بريف دمشق في يونيو 2016 (رويترز)
TT

موسم المقايضات يهب على «معابر» سوريا... وممراتها

صورة أرشيفية لقافلة أممية تحمل مساعدات بريف دمشق في يونيو 2016 (رويترز)
صورة أرشيفية لقافلة أممية تحمل مساعدات بريف دمشق في يونيو 2016 (رويترز)

ستكون سوريا، بمعابرها الحدودية وممراتها الداخلية، ممدودة على مائدتي قمتي الرئيس الأميركي جو بايدن مع نظيريه التركي رجب طيب اروغان (غداً في بروكسل)، والروسي فلاديمير بوتين (في جنيف الأربعاء).
صحيح أن التركيز سيكون على إغاثة السوريين، مع اقتراب انتهاء صلاحية قرار إيصال المساعدات «عبر الحدود» في 11 يوليو (تموز) المقبل، لكن ملف المساعدات يخفي وراءه صراعاً جيوسياسياً بين واشنطن وموسكو وأنقرة سيشكل اتجاه حسمه مؤشراً للسنوات المقبلة.
وتربط موسكو بين ملفي «المعابر» الخارجية و«الممرات» الداخلية للضغط على الخصوم لفتح «شرايين» سوريا الاقتصادية، ومقابلة الضغوط الخارجية التي تربط فك العزلة ودعم الإعمار بتقدم العملية السياسية.
- روسيا... وتمرير القرار
بعد معركة دبلوماسية، وافقت موسكو في 2014 على تمرير القرار الدولي (2165) لإيصال المساعدات «عبر الحدود» إلى سوريا من خلال معابر «نصيب» مع الأردن، و«اليعربية» مع كردستان العراق، و«باب السلامة» و«باب الهوى» مع تركيا.
روسيا التي كانت قد أعربت عن خشيتها من تكرار سيناريو ليبيا «عبر تدخل الغرب عسكرياً من بوابة المساعدات الإنسانية»، وافقت على عدم استخدام حق النقض (الفيتو) استناداً إلى تطمينات غربية وقراءة للواقع، حيث كانت مناطق سيطرة قوات المعارضة في اتساع على حساب الحكومة. ومع تغير التوازن بعد التدخل العسكري الروسي نهاية 2015، غيرت موسكو من أولوياتها.
وقبل سنة، وفي يوليو (تموز) تحديداً، مع قرب انتهاء صلاحية القرار الدولي، اندلعت «حرب مسودات» في نيويورك، بين واشنطن وحلفائها من جهة، وموسكو وشركائها من جهة أخرى، استقرت على إصدار القرار (2533) لمدة سنة، مع شرط خفض البوابات الصالحة من ثلاث إلى واحدة، هي «باب الهوى» بين إدلب وتركيا (معبر نصيب ألغي بعد عودة قوات دمشق إلى الجنوب في 2018).
ومع بدء العد التنازلي لصلاحية هذا القرار، أشاعت روسيا أنها ستصوت ضد تمديد القرار (2533) كي ترسل الأمم المتحدة مساعداتها عبر دمشق، ضمن تصور روسي واسع يدفع باتجاه «شرعنة التعامل مع الحكومة السورية»، خصوصاً بعد الانتخابات الرئاسية، وفوز الرئيس بشار الأسد بولاية جديدة.
وعلى الرغم من سيطرة دمشق على نحو 65 في المائة من مساحة سوريا، مقابل نحو 25 في المائة لقوات تدعمها أميركا شرق الفرات، ونحو 10 في المائة لفصائل تدعمها أنقرة، لا تزال قوات الحكومة تسيطر فقط على 15 في المائة من الحدود، فيما الـ85 في المائة الباقية خاضعة لسيطرة حلفاء دمشق وخصومها، بما في ذلك سلطات الأمر الواقع في مناطق النفوذ الأخرى التي تسيطر أيضاً على معظم البوابات الحدودية الـ19 بين سوريا والدول المجاورة.

- ماذا عن أميركا؟
مع تسلم إدارة بايدن السلطة، كان واضحاً أن ملف المساعدات أساسي في أولوياتها، مقابل تراجع الملف السياسي والعسكري، إذ إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن اختار ترؤس اجتماع في مجلس الأمن في مارس (آذار) الماضي لإطلاق حملة الدعم لتمديد القرار الدولي، بدل المشاركة في مؤتمر بروكسل للمانحين. وقال بلينكن في نيويورك: «أصبح الوصول إلى السوريين دونه عوائق أكثر أهمية من أي وقت مضى، ليس فقط بسبب الأزمة الإنسانية المتزايدة، ولكن أيضاً بسبب التهديد الذي يشكله فيروس (كوفيد - 19)»، بل إن بلينكن رفع سقف التوقعات والمطالب قائلاً: «دعونا نعيد الترخيص للمعبرين الحدوديين الذين تم إغلاقهما (اليعربية مع العراق وباب السلامة مع تركيا)، ونعيد ترخيص المعبر الحدودي الوحيد الذي لا يزال مفتوحاً (معبر باب الهوى مع تركيا)». وتابع: «يجب ضمان حصول السوريين على المساعدات التي يحتاجون إليها».
وقامت مندوبة أميركا في مجلس الأمن، ليندا توماس - غرينفيلد، بجولة على الحدود السورية - التركية لهذا الغرض، في وقت بعث فيه القيمون على لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس رسالة إلى بلينكن لحثه على الضغط على موسكو، جاء فيها: «حملة روسيا للقضاء على إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود هي جزء من جهد أكبر للحفاظ على الوصول إلى شرق البحر المتوسط، وتشجيع المجتمع الدولي على إعادة تأهيل نظام الأسد، وفتح الباب أمام تمويل إعادة الإعمار الذي من شأنه ترسيخ نظام الأسد في السلطة، وتأمينه موطئ قدم استراتيجياً لروسيا».
وقبل يومين، أعلن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، عن أن بايدن سيبحث القضايا المتعلقة بسوريا مع بوتين، وقال: «ستكون سوريا على جدول الأعمال؛ موقفنا من قضية وصول المساعدات الإنسانية واضح جداً»، وتابع: «نعتقد أنه يجب أن يكون هناك ممرات إنسانية في سوريا لوصول المساعدات وإنقاذ الأرواح، وهذا بالتأكيد سيناقشه الرئيسان».
- نداء أممي... وقلق
ودعت الأمم المتحدة إلى تمديد العمل بالقرار، إذ أشار أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في مارس (آذار) الماضي، إلى أن «إغلاق المعبر الحدودي الأخير المتبقي في سوريا سيوقف جهود توزيع لقاحات (كوفيد – 19) عبر شمال غربي البلاد، الأمر الذي سيخلف عواقب خطيرة على المنطقة الأوسع». وقال مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق الإغاثة العاجلة: «في الوقت الذي نوفر فيه ألف شاحنة شهرياً من المساعدات عبر الحدود إلى داخل شمال غربي البلاد، لم نر حتى شاحنة واحدة تتجاوز الخط (الفاصل بين مناطق النفوذ)».
وتعد السلامة من الاعتبارات المثيرة للقلق لدى محاولة اجتياز الخط الأمامي. وفي 19 سبتمبر (أيلول) 2016، أفادت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بأن القوات السورية «خططت بدقة ونفذت بقوة» هجوماً ضد قافلة مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الهلال الأحمر السورية، ما أسفر عن مقتل 18 مدنياً، وتدمير إمدادات كانت في طريقها إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة في حلب.
ونقلت الباحثة ناتا هيل، من «مركز الاستراتيجيات والدراسات الدولية»، عن وكالات إنسانية قولها إن الذين «يعيشون في شمال غربي البلاد يخشون من الأجهزة المشاركة في جهود توزيع المساعدات التي تتولى التنسيق مع الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة، الأمر الذي يعرض متلقي المساعدات للخطر. وإنه في عام 2018، بعد انتهاء الحصار الذي استمر 5 سنوات لضواحي دمشق في شرق الغوطة، أعلنت منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الحكومة جردت قوافل مساعدات من 70 في المائة من الإمدادات الطبية».
ولعب مسؤولون أمميون في تركيا دوراً حيوياً خلال مناقشات مكاتب الأمم المتحدة في دمشق وعنتاب وعمّان حول وصف الأوضاع في سوريا. وكانت المنظمات الدولية غير الحكومية في تركيا قد قلصت عملياتها شمال غربي سوريا، ما زاد الاعتماد على الأمم المتحدة. وقد تركت مصالح الحكومة السورية تأثيراً قوياً على مكتب دمشق، في مقابل «حجج» فريق تركيا. ولا شك في أن فقدان العمليات «العابرة للحدود» سيعزز وجهة نظر الحكومة السورية بصورة ممنهجة، في مقابل تقديرات الأمم المتحدة. ويجري تقليص التركيز على احتياجات الأفراد في شمال غربي سوريا، وهو أمر تدفع به روسيا، علماً بأن أميركا عرقلت محاولات لنقل «الثقل الأممي» إلى دمشق.
- «داعش»... و«كوفيد - 19»
وعلى الرغم من أن العمليات العابرة للحدود في شمال شرقي سوريا كانت متواضعة نسبياً، أسهم معبر «اليعربية» في توفير معدات إنسانية وطبية. وقدمت منظمة الصحة العالمية إمدادات منتظمة كل 3 أشهر، تبعاً لاحتياجات سكان المنطقة، بناءً على اتفاق متبادل بين الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تخدم المجتمعات المحلية.
ومنذ انتهاء العمليات عبر الحدود في يناير (كانون الثاني) 2020، تراجعت المهام العابرة للخطوط المتجهة للشمال الشرقي. وأدت الترتيبات إلى منع وكالات الأمم المتحدة العاملة من دمشق من التواصل بحرية مع المنظمات غير الحكومية، وسمحت للحكومة السورية بالتدخل في عمليات توصيل المساعدات، و«تمخض هذا الوضع عن مشكلات أكثر خطورة عما كان متوقعاً» في المدى القصير، حسب هيل. وعلى المدى الطويل، من الممكن أن «تتسبب هذه الأمور في تقويض الاستقرار والأمن في منطقة هيمن عليها من قبل تنظيم داعش».
أما في إدلب، حيث يعيش نحو 3 ملايين شخص، وعلى الرغم من أن أعمال القتال وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق بعد هدنة إدلب بين موسكو وأنقرة في مارس (آذار) من العام الماضي، فقد شهدت الحاجة للمساعدات ارتفاعاً جراء التشريد طويل الأمد الذي تعرض له كثيرون من دون توافر إمكانية للعودة، إلى جانب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة داخل سوريا وجائحة «كوفيد - 19».
وتشير الأرقام إلى أن ما يزيد على ثلثي الـ2.7 مليون شخص في شمال غربي البلاد مشردون داخلياً. ولا يزال أكثر من نصف مليون شخص يعيشون داخل مخيمات، ويعانون من السيول والبرد... والحرارة. وأيضاً، تعد هذه المنطقة معرضة على نحو استثنائي لجائحة «كوفيد - 19» بسبب تداعي المنظومة الصحية فيها، والتكدس الشديد للأفراد، ونقص المياه، وسوء أوضاع الصرف الصحي.
وتضررت الحياة السياسية كذلك، إذ إنه منذ زادت «هيئة تحرير الشام» نطاق سيطرتها على محافظة إدلب في 2019، تحولت الجهات الدولية المانحة من دعم صمود المجتمعات، من خلال مساعدات الاستقرار وبرامج أخرى، إلى توفير دعم إنساني خالص.
وبالنظر إلى تزايد الاعتماد على المساعدات الإنسانية، يقول كثير من عمال المساعدات المحليين إنهم يخشون أن يؤدي أي تقليص في المساعدات إلى مزيد من زعزعة الاستقرار، وأن تعمد الجماعات المتطرفة إلى تأجيج هذا الغضب، الأمر الذي يرفع مستوى التعقيد، حسب «مركز الاستراتيجيات والدراسات الدولية». ثم إن حجم العمليات العابرة للحدود التي تنفذها الأمم المتحدة، ومستوى تعقيد العمل داخل سوريا، يجعلان من الصعب تعويض الدور الأممي. وفي حال انتهاء العمليات العابرة للحدود، فإن الأمم المتحدة ستفقد مكانتها، بصفتها «الملاذ الأخير» في شمال غربي البلاد، ومن المتعذر التنبؤ بمسار المساعدات... وخروج «كوفيد - 19» عن السيطرة. ومن شأن وقوع كارثة إنسانية في خضم وباء عالمي أن يفرض ضغوطاً هائلة على تركيا المجاورة، ومن الممكن بسهولة أن تمتد تبعات ذلك إلى باقي أرجاء الشرق الأوسط وأوروبا.
- ممرات داخلية
في موازاة «معركة المعابر» مع الخارج، هناك صراع خفي بين اللاعبين على «الممرات» بين «الجيوب الثلاثة» في سوريا التي استقرت خطوطها في السنة الأخيرة بعد تغيرات كبيرة، بدءاً من 2011. وإلى جانب المعابر التي نشأت نتيجة الحصار، ظهرت ممرات بين مناطق السيطرة التي انقسمت في البداية بين مناطق النظام والمعارضة، ثم ظهرت بعد ذلك مناطق «داعش»، و«وحدات حماية الشعب» الكردية التي أصبحت مناطق إدارة ذاتية بحماية «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
ولاحظ مركز «جسور» للدراسات وجود ما يزيد على 15 معبراً بين مناطق سيطرة «قسد» ومناطق النظام؛ 5 منها على الأقل تعد معابر رسمية تتدفق منها السلع بين الطرفين، ويعد معبرا «التايهة» (جنوب غربي مدينة منبج) و«الهورة» (شرق مدينة الطبقة) أبرز المعابر بين الطرفين. وهذه المعابر تفتح أبوابها وتغلقها حسب الواقع العسكري أو الأمني، أو حسب المزاج السياسي لطرفي النزاع. وقال المركز: «علاوة على المعابر التي يحكمها الطرفان، فإن الحاجة لتمرير سلع بين المنطقتين لا يمكن ضبطها، ما أدى لإنشاء معابر تهريب يخرج ويدخل منها كل من المدنيين والسلع». وفي التصعيد الأخير بين «الإدارة الذاتية» ودمشق، ظهر الترابط بين ممرات شرق الفرات وشمال حلب.
أما في إدلب، فإن «الممرات التجارية» التي كان قد نص عليها اتفاق «خفض التصعيد» بين روسيا وتركيا قبل 3 سنوات تتضمن كثيراً من الأبعاد السياسية بين «منطقة النفوذ التركية» وباقي المناطق السورية. ومع احتدام النزاع بشكل أكبر بين مناطق الحكومة والمعارضة، فإن حركة المدنيين باتت تقتصر على الموظفين وبعض الطلاب، لكن الحركة التجارية مستمرة في أغلب الأوقات، خصوصاً عبر معبر «قلعة المضيق» الذي سيطرت عليه دمشق في منتصف 2019، وكان يسهم في حركة تجارية واسعة، كما حافظت قوات المعارضة وقوات النظام لسنوات طويلة على وجود وسطاء تجاريين بين الطرفين، حسب مركز «جسور».
وتتدفق التجارة أحياناً عبر معابر تهريب، أو من خلال فتح مؤقتٍ لكل من معبري «ميزناز» و«سراقب». كما يتم استخدام معبر «أبو الزندين» قرب مدينة الباب لاستقبال المهجرين من مناطق الحكومة في أغلب الأوقات، وغالباً ما يتم استخدام المعابر بين مناطق «قسد» ومناطق المعارضة بصفتها معابر وسيطة لتحرك السلع والأفراد من مناطق النظام إلى مناطق المعارضة، أو العكس، مروراً بمناطق «قسد» التي تتمتع بأهمية كبيرة للمعارضة لنقل البضائع من وإلى مناطق النظام، وأحياناً لإقامة علاقات تجارية مع العراق. ولا تتدفق السلع مؤخراً بسهولة بين مناطق «هيئة تحرير الشام» في إدلب ومناطق «الجيش الوطني» في حلب.
- موسم المقايضات
أميركا مهتمة باستمرار فتح المعابر الحدودية وزيادتها، خصوصاً إعادة فتح «اليعربية» بين مناطق سيطرتها شرق الفرات والعراق. وتركيا مهتمة باستمرار فتح «باب الهوى» مع إدلب، وإعادة تشغيل «باب السلامة» شمال سوريا، لكنها ليست متحمسة لفتح «اليعربية» وتعزيز «الإدارة الكردية». أما روسيا، فهي غير مهتمة بفتح معابر حدودية جديدة، لكنها مهتمة بتشغيل «الممرات» الداخلية للضغط على الأمم المتحدة والغرب للعمل مع الحكومة السورية عبر دمشق. وكانت تركيا قد ربطت تشغيل «الممرات» بين إدلب وريف حلب من جهة، ودمشق من جهة ثانية، بإغلاق المعابر القائمة بين دمشق والقامشلي.
ولا شك في أن المفاوضات القائمة بين الأميركيين والروس والأتراك حول تمديد القرار الدولي لإيصال المساعدات الإنسانية «عبر الحدود» تتضمن في العمق البحث عن خيط يربط «المعابر» و«الممرات»، ما يفتح الباب على صفقات ومقايضات خلال قمتي بايدن مع كل من بوتين وإردوغان في الأيام المقبلة.



العليمي يتابع مستوى إعادة تطبيع الأوضاع في حضرموت

موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)
موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)
TT

العليمي يتابع مستوى إعادة تطبيع الأوضاع في حضرموت

موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)
موالون للمجلس الانتقالي الداعي إلى استعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

على خلفية التوترات التي شهدتها المحافظات الشرقية في اليمن، أجرى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الخميس، اتصالاً هاتفياً بمحافظ حضرموت سالم الخنبشي؛ لمتابعة الأوضاع الأمنية والمعيشية في المحافظة، والاطلاع على مستوى التقدم في الجهود الجارية لإعادة تطبيع الأوضاع، وبما يضمن استقرار المحافظة واستمرار عمل مؤسسات الدولة. وفق ما أفاد به الإعلام الرسمي.

وخلال الاتصال، استمع العليمي إلى تقرير من المحافظ الخنبشي حول مستجدات الوضع العام في حضرموت، وسير عمل السلطات المحلية في ظل التطورات الأخيرة، والإجراءات المتخذة للحفاظ على الأمن والسكينة العامة، وضمان استمرار تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

وأكد العليمي دعم الدولة الكامل لقيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت، وتمكينها من أداء مهامها وصلاحياتها القانونية في رعاية المصالح العامة، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، بما يرسخ الأمن والاستقرار، ويحمي النظام والقانون.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وشدد رئيس مجلس القيادة على مكانة حضرموت في المعادلة الوطنية، بصفتها ركناً أساسياً في مسار التعافي والاستقرار الوطني، ونموذجاً للتعايش والسلم الاجتماعي، مؤكداً التزام الدولة بحماية أمنها واستقرارها، وصون مصالح أبنائها، والحفاظ على خصوصيتها ووحدة نسيجها الاجتماعي.

وجدد العليمي موقف الدولة الرافض لأي إجراءات خارج الصلاحيات الحصرية المنصوص عليها في الدستور والقانون ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمها إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض، مؤكداً ضرورة الالتزام بهذه المرجعيات بصفتها الإطار المنظم للعمل السياسي والأمني.

إشادة بجهود التحالف

أشاد العليمي خلال الاتصال بالجهود التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة السعودية والإمارات، لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية إلى سابق عهدها، وحرصهم على حماية التوافق القائم، وتجنب أي تداعيات من شأنها الإضرار بمصالح الشعب اليمني ومفاقمة معاناته الإنسانية.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي جدد توجيهاته بضرورة توثيق جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي رافقت الإجراءات الأحادية في محافظة حضرموت، وفتح تحقيق شامل بشأنها، ومساعدة المواطنين المتضررين، وضمان المحاسبة والمساءلة، وعدم إفلات مرتكبي تلك الانتهاكات من العقاب.

موكب خلال مسيرة في محافظة لحج جنوب اليمن دعماً للمجلس الانتقالي الجنوبي (أ.ف.ب)

وثمّن وعي أبناء حضرموت ومواقفهم في تغليب المصلحة العامة، والالتفاف حول قيادة السلطة المحلية، وتفويت الفرصة على الجماعات والميليشيات المتربصة بأمن المحافظة واستقرارها، مؤكداً أن حضرموت ستظل ركيزة للدولة والتنمية، وسيادة النظام والقانون.

لقاء خليجي في الرياض

كان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني استقبل في الرياض الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي؛ لبحث تطورات الأوضاع في اليمن، والجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى خفض التصعيد، وتعزيز فرص الاستقرار.

وأكد العليمي خلال اللقاء عمق العلاقات بين اليمن ومنظومة مجلس التعاون، معبراً عن تقديره لمواقف المجلس وأمانته العامة الداعمة للشعب اليمني وشرعيته الدستورية، ودوره في مناصرة القضية اليمنية سياسياً ودبلوماسياً، والحفاظ على حضور اليمن في الأجندة الإقليمية والدولية.

وأشار إلى أن اليمن يمثل العمق الاستراتيجي الطبيعي لدول مجلس التعاون، وأن استقراره جزء لا يتجزأ من أمن الخليج واستقراره، معبراً عن ثقته بقدرة الشعب اليمني على تجاوز التحديات، وتعزيز مسارات التكامل والاندماج في المنظومة الخليجية.

العليمي استقبل في الرياض الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي (سبأ)

ووضع رئيس مجلس القيادة الأمين العام لمجلس التعاون في صورة التطورات الأخيرة، والمساعي التي تقودها السعودية والإمارات المتحدة لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع إلى سابق عهدها.

كما أشاد بما ورد في بيان مجلس التعاون الأخير من تأكيد دعم مجلس القيادة والحكومة، والدور المتوازن الذي تضطلع به الأمانة العامة إلى جانب الشعب اليمني وقيادته السياسية، مذكّراً بالدور الخليجي في رعاية جهود السلام، بدءاً بالمبادرة الخليجية، واتفاق الرياض، وصولاً إلى المشاورات اليمنية – اليمنية التي أفضت إلى إعلان نقل السلطة.

وأكد العليمي التزام مجلس القيادة بحل القضية الجنوبية وفق مخرجات مشاورات الرياض والمرجعيات الضامنة كافة، بصفتها قضية وطنية عادلة، تضمن تحقيق التطلعات المشروعة وفق الإرادة الشعبية.

تحذير أممي

على الصعيد الدولي، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الإجراءات أحادية الجانب في المحافظات الشرقية اليمنية لن تمهد الطريق للسلام، بل ستؤدي إلى تعميق الانقسامات، وزيادة خطر التصعيد والتشرذم.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (سبأ)

وقال غوتيريش، في تصريحات للصحافيين عقب مشاركته في اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي، إن التطورات الجديدة في المحافظات الشرقية تزيد من حدة التوتر، داعياً جميع الأطراف إلى الانخراط البنَّاء مع المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، وإعطاء الأولوية للحوار، وتجنب أي إجراءات من شأنها تأجيج الوضع الهش.

وأكد الأمين العام أن اليمن يحتاج إلى تسوية سياسية مستدامة يتم التوصل إليها عبر المشاورات، وتلبي تطلعات جميع اليمنيين، مشدداً على أهمية خفض التصعيد، وضبط النفس، وحل الخلافات عبر الحوار، بما في ذلك دور الجهات الإقليمية المعنية في دعم جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة.


الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
TT

الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)
زيادة متسارعة لجرائم الإعدام الميداني في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اتساع رقعة الفوضى الأمنية (إ.ب.أ)

يتجه الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية إلى مزيد من التصعيد المفتوح، حيث تتداخل سلطة السلاح المفروضة بالأمر الواقع مع الجريمة المنظمة؛ إذ شهدت الأسابيع الأخيرة إعدامات ميدانية بحق مدنيين عُّزَّل خارج القانون، بالتزامن مع اغتيالات وتصفيات داخلية تضرب قيادات أمنية وميدانية وتهدد تماسك الجماعة.

في هذا السياق، أقدَم قيادي حوثي في محافظة صعدة (شمال) على قتل مدني ينتمي إلى محافظة ريمة (213 كيلومتراً جنوب غربي صنعاء) أثناء وجوده في موقع عمله في مديرية منبّه، بإطلاق النار عليه، في واقعة تسببت بإصابة شخصين آخرين. وحسب مصادر محلية، فإن الجماعة اكتفت بإجراء شكلي تمثل في توقيف الجاني قبل الإفراج عنه لاحقاً.

وذكرت المصادر أن هذه الجريمة تأتي في سياق استهداف مناطقي من قِبل عناصر وقيادات في الجماعة ضد المنتمين إلى محافظات أخرى، مبينة أن أكثر من 10 أفراد ينتمون إلى محافظة ريمة قُتلوا في محافظة صعدة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة على يد مسلحين حوثيين، إلى جانب ضحايا آخرين من محافظات أخرى.

ورغم تزايد المطالب الشعبية والحقوقية بسرعة كشف ملابسات هذه الانتهاكات وضبط الجناة، تواصل الجماعة الحوثية التعامل معها بسياسات لا تحقق العدالة والإنصاف للضحايا أو أقاربهم؛ إذ تكتفي في أحسن الأحوال بتبني صلح ودفع تعويضات مالية ضئيلة.

متسوقون في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)

وإلى جانب القتل خارج القانون، يتعرض عشرات الوافدين إلى محافظة صعدة، وهي معقل الجماعة الرئيسي، للاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، في حين يخضع أي وافد لرقابة أمنية مشددة، دون إبداء الأسباب.

وتفيد مصادر حقوقية بأن الانتهاكات بحق المدنيين في مختلف مديريات محافظة صعدة لا يمكن حصرها أو الحصول على معلومات كافية حولها، بسبب وقوع المحافظة تحت سطوة أمنية وحالة طوارئ حوثية غير معلنة، ورقابة مشددة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنع تداول المعلومات، وترهيب السكان بشأن النشر واستخدام هذه المواقع.

إفلات من العقاب

وتشهد محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، موجة غضب واسعة بعد مقتل شاب في الثامنة عشرة من عمره برصاص مسلح حوثي، من خلال وقفات احتجاجية حاشدة طالبت بضبط الجاني ومحاسبته.

تشييع قيادي حوثي توفي بشكل غامض في إب وسط تكهنات باغتياله جراء خلافات مالية (إعلام حوثي)

ورفض القيادي الحوثي المكنى أبو علي الكحلاني، المعيَّن من قِبل الجماعة مديراً لأمن المحافظة، لقاء المشاركين في الوقفات الاحتجاجية أو الاستجابة لمطالبهم بضبط المسلح الحوثي يعقوب العزي المتهم بالواقعة، والذي أقدَم على إطلاق النار على المجني عليه في وسط أحد شوارع مركز المحافظة.

وحذَّر المشاركون في الاحتجاجات من عدم ضبط المتهم وإحالته إلى العدالة، بعد أن شهدت المحافظة سوابق جنائية مشابهة، تم فيها إطلاق الجناة والتلاعب بالقضايا، في ظل تغييب متعمد لسلطة القضاء العادل، وسياسة حماية العناصر المسلحة؛ ما أسهم في تفشي الفوضى الأمنية وارتفاع جرائم القتل.

وتشهد محافظة إب انفلاتاً أمنياً غير مسبوق منذ سيطرة الجماعة الحوثية عليها، مع انتشار واسع للعصابات المسلحة والأفراد المطلوبين للأمن والمفرج عنهم من السجون الرسمية عقب وصول الحوثيين.

التنافس على الجبايات وممتلكات السكان والمزارعين من أسباب الصراع بين القيادات الحوثية (إعلام حوثي)

ولا يقتصر الانفلات على الجرائم التي يروح ضحايا الأبرياء من المدنيين؛ إذ قُتل القيادي الأمني الحوثي جلال دماج، المعين نائباً لمدير أمن فرع مديرية العدين، أمام منزله، برصاص مجهولين لاذوا بالفرار، دون أن تتمكن الجماعة، التي نفذت انتشاراً أمنياً واسعاً من القبض عليهم أو الكشف عن هوياتهم.

خلافات وتصفيات

أثارت وفاة قيادي حوثي آخر في المحافظة، وهو عبد الجليل الشامي، الذي عينته الجماعة مديراً عاماً لمديرية النادرة، تكهنات بشبهة تصفية داخلية مرتبطة بخلافات مالية مع قيادات حوثية أخرى. وعزز من تلك التكهنات عدم الإعلان الصريح عن أسباب الوفاة أو ملابساتها.

ولف الغموض أيضاً وفاة القيادي البارز محمد محسن العياني، والتي لم تعلن الجماعة سبباً لها، مع ترجيحات بمقتله في ضربة جوية سابقة دون إعلان رسمي، خصوصاً وأنه أحد أبرز القيادات المؤسسة، وكان أحد مسؤولي جمع الأموال والسلاح.

وكانت محافظة الجوف (شمال شرق) مسرحاً لمقتل قائدين ميدانيين في الجماعة، حيث قُتل القيادي ضيف الله غيلان، المكنّى أبو حمزة، مع عدد من مرافقيه، برصاص مسلحين قبليين في ظل توتر تشهده المحافظة بسبب سياسة الجماعة بفرض مشرفين من خارجها.

تشييع القيادي الحوثي البارز محمد محسن العياني في صعدة دون الإفصاح عن سبب وفاته (إعلام حوثي)

وينتمي أبو حمزة إلى مديرية سنحان في محافظة صنعاء، وكان يعمل سابقاً في حراسة إحدى المحاكم في العاصمة اليمنية المختطفة.

كما قُتل المشرف الأمني الحوثي أحمد وازع الفرجة، وأُصيب أحد مرافقيه، برصاص مسلحين حوثيين آخرين، بعد رفضه تنفيذ توجيهات قيادات عليا في المحافظة.

وأرسلت القيادات العليا مجموعة مسلحين لإلزامه بتنفيذ التوجيهات أو القبض عليه، إلا أن الخلافات تطورت إلى إطلاق نار أدى إلى مقتله.

وتشير المصادر، إلى أن محافظة الجوف تشهد خلافات حادة بين قادة الجماعة حول النفوذ وتقاسم موارد الجبايات والسطو على ممتلكات السكان.


المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.