صيدليات لبنان مستمرة في إضرابها... ومداهمات لمستودعات تخزين الدواء

إضراب صيدليات لبنان مستمر لليوم الثاني (إ.ب.أ)
إضراب صيدليات لبنان مستمر لليوم الثاني (إ.ب.أ)
TT

صيدليات لبنان مستمرة في إضرابها... ومداهمات لمستودعات تخزين الدواء

إضراب صيدليات لبنان مستمر لليوم الثاني (إ.ب.أ)
إضراب صيدليات لبنان مستمر لليوم الثاني (إ.ب.أ)

استمر إضراب الصيدليات في لبنان لليوم الثاني على التوالي لإطلاق صرخة بأن «الأمن الصحي أصبح مهدداً بشكل جدي»، واحتجاجاً على «ما آلت إليه أوضاع الدواء وحليب الأطفال»، ورفضاً «للاحتكارات من قبل المستوردين والتجار، بحيث باتت رفوف الصيدليات خالية».
تأتي صرخة الصيادلة بعد صرخة مماثلة لأطباء لبنان دعوا فيها منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة للتدخل، في وقت تقوم وزارة الصحة بالكشف عن المستودعات التي يعمد المستوردون إلى تخزين الأدوية في داخلها، بحجة عدم حصولهم على الاعتمادات اللازمة من المصرف «المركزي»، وتحديداً عدم حصولهم على ما يعرف في لبنان بـ«الدولار المدعوم»، حيث تم كشف كميات كبيرة من الدواء والمستلزمات الطبية التي يتم بيعها بأسعار خيالية وبنسب أرباح عالية.
وأعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، في حديث تلفزيوني، أن «80 في المائة من البضاعة المخزنة في المستودعات، التي تم الكشف عليها، وتبلغ 36 مستودعاً، مشمولة بالدعم»، مؤكداً أن عمليات الدهم والمتابعة ستبقى مستمرة، و«الأمر نفسه بالنسبة إلى المستلزمات الطبية التي يحتكرها أيضاً التجار والمستوردون». وأكد أنه سيعمل على إعادة النظر في سياسة تسعير المستلزمات الطبية. وقال: «لا يمكن التسليم بواقع الحال التاريخي الذي كان سائداً في لبنان بسيطرة مافيات المال وكارتيلات الدواء، بل يجب المواجهة بجرأة ومسؤولية، خصوصاً أن الظروف الحالية مختلفة تماماً عما كانت سائدة؛ وإذا كان أصحاب رؤوس الأموال من عرابي الرعاية الصحية يستثمرون للربح فقط، فإن عليهم تعديل أولوياتهم فالمواطن روح وليس سلعة». وأكد حسن أن «الأمن الصحي خط أحمر والمداهمات التي يقوم بها لا تستهدف أحداً بل تواجه الاحتكار والفساد لحماية جميع المواطنين بشتى أطيافهم المذهبية والمناطقية».
وطمأن المواطنين إلى أن «المستلزمات مكدسة في المستودعات، ما يدلل على أن التجار كانوا ينتظرون اللحظة الصفر لإعلان رفع الدعم كي يبيعوا البضاعة المشمولة بالدعم بسعر صرف السوق. لذا، كان يجب مواجهة هذا التحدي والتحرك لأن المواطن هو الحلقة الأضعف».
وتوجه وزير الصحة للشركات بالقول «إن البضاعة ستعفن عندكم ولن نقبل حتى لو رفع الدعم بأن يتم بيع البضاعة المدعومة بغير السعر المدعوم»، كاشفاً عن مخالفات في الأسعار والاستنسابية الكبيرة عبر تضخيم الفواتير، قائلاً «يصح القول إن ما كان يحصل ليس ربحاً، بل هو سرقة موصوفة تتخطى قوانين التجارة في أي دولة». ولفت إلى أن «وزارة الصحة العامة تدقق اليوم بـ26 ملفاً مقدماً من 18 شركة، فإذا أرادت الشركات ألا تتعرض للدهم، عليها أن تعمل بشفافية لأن المتابعة والتقصي سيستمران طالما المشكلة قائمة بهدف إيصال المستلزمات والمغروسات والكواشف الطبية للمواطنين من دون ابتزاز أو منة من أحد».
وكشف أن حاكم مصرف لبنان المركزي «لم يأت على ذكر رفع الدعم» في لقاء أخير عقده معه، في حضور رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي، بل على العكس أكد استمرار الدفع بسقف مائة مليون دولار شهرياً.
وإذ طلب من المصرف إمداد الوزارة بفواتير البضائع المدعومة من بداية عام 2020 للتدقيق في التزام الأسعار، تمنى في حال حصول أي تغيير في استراتيجية المصرف أن يحصل نقاش مع وزارة الصحة العامة «التي تملك خططاً وسيناريوهات بديلة تضمن الأمن الصحي للمواطن».
ولفت حسن في هذا المجال إلى أن البنك الدولي «الذي يقف إلى جانب وزارة الصحة العامة ويدعمها، أوصى من جهته بعدم رفع الدعم عن المستلزمات والدواء قبل عام 2023».
وبانتظار ما ستسفر عنه المداهمات والخطة التي تقوم بها وزارة الصحة للحد من الاحتكارات والتخزين، أثنى النائب في «اللقاء الديمقراطي» بلال عبد الله، على ما يقوم به وزير الصحة، كاتباً على حسابه على «تويتر»: «حملة وزير الصحة على مستودعات المستلزمات الطبية، وكشفه التلاعب بالأسعار واستغلال حاجة المرضى وتكبيدهم مبالغ طائلة وجني أرباح خيالية في ظل الضائقة الاقتصادية، خطوة في الاتجاه الصحيح، يجب أن تتوج بوضع الأطر القانونية الرادعة للتلاعب بصحة الناس وصياغة آلية علمية لضبط هذا الفلتان الوقح».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.