مطالب لبنانية بإطلاق معركة «فجر الحدود» لضبط المعابر

سيارات دفع رباعي في منطقة حدودية بين لبنان وسوريا (الوكالة المركزية)
سيارات دفع رباعي في منطقة حدودية بين لبنان وسوريا (الوكالة المركزية)
TT

مطالب لبنانية بإطلاق معركة «فجر الحدود» لضبط المعابر

سيارات دفع رباعي في منطقة حدودية بين لبنان وسوريا (الوكالة المركزية)
سيارات دفع رباعي في منطقة حدودية بين لبنان وسوريا (الوكالة المركزية)

على طريق بيروت - البقاع نحو شرق لبنان، ارتفعت لافتة يطالب فيها مثبتوها الدولة اللبنانية بإطلاق معركة «فجر الحدود»، لضبط معابر التهريب مع سوريا، أسوة بمعركة «فجر الجرود» التي أطلقها الجيش اللبناني في أغسطس (آب) 2017، وأسفرت عن تطهير المنطقة الحدودية من عناصر تنظيم «داعش» المتطرف.
والدعوة ليست جديدة، وتنضم إلى عشرات الدعوات السياسية لضبط الحدود والمعابر غير الشرعية، بهدف وضع حد لتهريب السلع الأساسية المدعومة من الحكومة اللبنانية، إلى سوريا. وأسفرت إجراءات الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية عن ضبط الجزء الأكبر من الحدود؛ بما تسمح قدراته، رغم أن المهربين لا يزالون ينجحون إلى حد ما في الالتفاف على تلك الإجراءات.
وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الشاحنات الكبيرة التي كانت قادرة على عبور المعابر غير الشرعية بسهولة، توقفت بفعل التشدد الذي أبدته عناصر الجيش، وإثر الدوريات وعمليات المراقبة المشددة التي تقوم بها العناصر المولجة حماية أمن الحدود من خلال الغرف المنتشرة على طول 22 كيلومتراً من مناطق البقاع الشمالي على الحدود اللبنانية - السورية، حيث ينتشر فوج الحدود البري. لكن رغم ذلك، فإن المصادر تقول إن «عمليات التهريب على المعابر غير الشرعية استمرت بوتيرة أقل، باتجاه منطقة القصير المحاذية للأراضي اللبنانية في محافظة حمص». وتشير المصادر إلى أن المهربين «يستخدمون سيارات رباعية الدفع من نوع (بيك أب) يمكنها سلوك الطرقات الجبلية والترابية والوعرة، ويجري تحميلها بكميات من المحروقات ضمن صهاريج مخبأة لا تتعدى الألف لتر من البنزين والمازوت، أو بواسطة غالونات معبأة بالمحروقات وقوارير الغاز»، وهي سلع مدعومة من الحكومة اللبنانية، وبدأت تُفقد من الأسواق اللبنانية، ويجري تهريبها بسبب فارق السعر بين البلدين. كذلك يجري التهريب عبر دراجات نارية تستطيع أن تحمل مائة لتر من المحروقات الموضبة في غالونات.
وفارق السعر هو الدافع لنشاط تهريب بالاتجاه المعاكس من سوريا إلى لبنان. فبعد رفع الدعم عن أعلاف الدواجن والحيوانات والأدوية الزراعية في لبنان، نشطت أخيراً عمليات تهريب تلك السلع من سوريا، بالآلية نفسها عبر سيارات الـ«بيك أب» والدراجات النارية. هذه السلع كانت تُهرّب من لبنان إلى سوريا في الأشهر الماضية، قبل أن تنقلب المعادلة. وتقول مصادر أمنية إن عمليات التهريب تجري عبر القرى المتداخلة، أو المناطق الزراعية الحدودية التي يمتلكها لبنانيون في الداخل السوري في ريف القصير، حيث ترتبط العائلات بمصاهرة تسهل هذه العلاقة على جانبي الحدود. وتشمل عمليات التهريب مواد غذائية بدأت تُفقد من السوق اللبنانية، «ويخضع ذلك لتفاوت الأسعار بين البلدين».
ودفعت الأزمة بالناس إلى تفعيل عمليات التهريب بالاتجاهين، بحسب ما يقول عضو كتلة «المستقبل» بكر الحجيري لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «موضوع المعابر في الهرمل، أو البحر والمطار، طالبنا بضبطها منذ سنوات، وما زالت كما هي حتى هذا الوقت».
وقال الحجيري: «معابر التهريب لم تتوقف بالكامل، وهذا تتحمل مسؤوليته السلطة اللبنانية بشكل مباشر، فالمعابر لا تقفل بعسكري أو جندي؛ بل تُقفل بقرار سياسي، وهذا ما لم ولن يحصل».
من جهته؛ دق رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر ناقوس الخطر لما لحق بالقرية جراء الأزمات المتتالية، معلناً أن بلدة القاع بلدة منكوبة، موضحاً أن «المؤسسات والمدارس متوقفة عن العمل ولا تصل إليها أي مادة من المواد المدعومة». وقال إن أهالي البلدة «يتعيشون من المواسم الزراعية، ولكن هذه المواسم آيلة إلى التلف جراء عدم تأمين مادة المازوت لري المواسم، والكهرباء مقطوعة ولا تصل إلى البلدة سوى ساعة واحدة في اليوم، وإذا وُجد المازوت فإنه يباع في السوق السوداء»، لافتاً إلى أن «أصحاب مولدات الكهرباء يهددون بالتوقف عن العمل لعدم قدرتهم على تأمين مادة المازوت أو شرائها من السوق السوداء، وهو ما بات يهدد أيضاً وصول مياه الشفة إلى المنازل».



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.