«مواجهات وأعمال شغب» تطغى على انتخابات البرلمان الجزائري

الرئيس تبون: نسبة المشاركة لا تهمني

الرئيس تبون يدلي بصوته في انتخابات البرلمان وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
الرئيس تبون يدلي بصوته في انتخابات البرلمان وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
TT

«مواجهات وأعمال شغب» تطغى على انتخابات البرلمان الجزائري

الرئيس تبون يدلي بصوته في انتخابات البرلمان وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
الرئيس تبون يدلي بصوته في انتخابات البرلمان وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)

تميزت انتخابات البرلمان الجزائري، التي انطلقت أمس، بأعمال عنف في منطقة القبائل شرق العاصمة، حيث أغلق معارضو الاستحقاق عشرات مكاتب الانتخاب، وسعى ناشطون إلى حرق صناديق الاقتراع، كما أغلق مركز للاقتراع في إحدى المناطق أبوابه بعد ساعتين فقط من بدء الانتخابات، وتناثرت أوراق التصويت على الطريق في أماكن أخرى من المنطقة. وحدثت مواجهات في بعض مناطق هذه الجهة في البلاد، المتمردة على نظام الحكم.
وقال مسؤول «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» بولاية تيزي وزو (100 كلم شرقاً) لصحافيين، صباح أمس، إن مواطنين رافضين للانتخابات أغلقوا بالقوة 86 مركز انتخاب (كل مركز يجمع عدة مكاتب انتخاب) من مجموع 704 مراكز بالولاية. لكنه أوضح في المقابل أن الظروف، التي جرت فيها العملية الانتخابية «أفضل بكثير» من استفتاء تعديل الدستور العام الماضي، ومن انتخابات الرئاسة نهاية 2019.
وأوضح مراسلو صحف بولاية البويرة، شرق العاصمة، أن مواجهات وقعت في بلديات ناطقة بالأمازيغية داخلة محافظة البويرة (شرق)، عندما حاول متظاهرون منع العملية الانتخابية. كما شهدت ولاية بجاية (250 كلم شرق) إفراغ عشرات مكاتب الانتخاب من أوراق التصويت ورميها في الشوارع. وتداول ناشطون ببلدية أميزور ببجاية صور الآلاف من هذه الوثائق متناثرة بالقرب من مكتب التصويت.
وتعدّ منطقة القبائل رهاناً حقيقياً بالنسبة للسلطة لقياس مدى نجاح أي انتخاب، على اعتبار أن سكانها متمردون منذ عشرات السنين على كل مبادرات ومساعي السلطة، ويغيبون دوماً عن المواعيد الانتخابية ويمنعونها أحياناً. كما أن الأحزاب ذات الانتشار الواسع في هذه المنطقة تقاطع الانتخابات، بذريعة أنها لا «تستجيب لمطلب التغيير الجذري، الذي يرفعه الحراك الشعبي»، منذ انطلاقه في 22 فبراير (شباط) 2019.
وأعلن محمد شرفي، رئيس «سلطة الانتخابات»، أن معدل التصويت بلغ 10 في المائة في الواحدة من ظهر أمس، فيما كان لا يتعدى 3 في المائة في العاشرة صباحاً في كامل الولايات الـ58. وتوقع مراقبون نسبة مشاركة تتراوح ما بين 35 و40 في المائة عند نهاية التصويت في الثامنة ليلاً.

ولمح الرئيس عبد المجيد تبون إلى الوضع في القبائل، أمس، عندما كان يرد على أسئلة صحافيين داخل مكتب انتخاب بالعاصمة، بعد أن أدلى بصوته. وقال في رده على مصير «التشريعية» في حال أفرزت نسبة تصويت ضعيفة: «لا تهمني نسبة المصوتين، ما يهمني شرعية من يفرزهم الصندوق لأنهم سيأخذون بين أيديهم سلطة التشريع. وأنا متفائل (بشأن معدلات التصويت على المستوى المحلي)، بناء على ما أتابعه عبر التلفزيون الوطني، إذ لاحظت إقبالاً للشباب والنساء على الصناديق».
وبحسب تبون فإنه «من حق الذين قاطعوا الانتخابات أن يفعلوا ذلك، لكن ليس من حقهم أن يفرضوا هذا الموقف على غيرهم... والديمقراطية تقتضي أن الأغلبية تحترم الأقلية على أن تكون هي صاحبة القرار». في إشارة ضمناً إلى منطقة القبائل، التي لم تصل نسبة التصويت بها في منتصف النهار 1 في المائة بحسب الأرقام الجزئية لـ«سلطة الانتخابات». فيما وصلت أعلى نسبة في مدن الجنوب بـ17 في المائة.
وأضاف الرئيس «هناك أناس يريدون فرض إملاءات من دون أن نعرف من يمثلون»، وكان يتحدث عن أحزاب ومئات الناشطين السياسيين وأعضاء الحراك، طالبوه بـ«إطلاق إجراءات تهدئة»، قبل تنظيم الانتخابات، وعلى رأسها الإفراج عن 200 معتقل ينتمون للحراك، و«رفع التضييق عن وسائل الإعلام».
وتابع تبون في رده على أسئلة الصحافيين «عن قريب سنضيف اللبنة الأخيرة في مشروع الجزائر الجديدة، وذلك بتنظيم الانتخابات البلدية والولائية»، منتقداً «أناساً لا يرضيهم أن تسير الجزائر نحو الديمقراطية... ولا يرضيهم أن تمكن شعبها من سلطة القرار... نتعرض لهجومات... وهذا دليل على أننا في الطريق الصحيح».
وبسؤاله عن «لون» الحكومة المرتقبة بعد الانتخابات، قال تبون: «هناك احتمال أن تفرز الانتخابات أغلبية معارضة، أو أغلبية موالية لبرنامج الرئيس، وفي كلتا الحالتين سنتخذ القرار الذي يتماشى مع الديمقراطية الحقة».
واستبعد مراقبون حصول «حركة مجتمع السلم» و«جبهة العدالة والتنمية»، الإسلاميتين المعارضتين، على الأغلبية، فيما تعتبر كل الأحزاب الأخرى (عددها 26)، والمترشحين المستقلين، موالين للرئيس.
وسألت «الشرق الأوسط» عبد القادر بن قرينة، رئيس الحزب الإسلامي «حركة البناء الوطني»، المرشح بالدخول بقوة إلى البرلمان، عن رفض السلطة اتخاذ إجراءات تهدئة بغرض توفير حد أدنى من المصداقية للاستحقاق، فقال: «كلمة التهدئة لا تؤدي المدلول الحقيقي للوضع، لأننا نعرف أن الساحة السياسية فيها أغلبية صامتة، وأغلبية نسبية مع الانتخابات، وأقلية حزبية تريد مرحلة انتقالية وتدعو إلى المقاطعة لكل فعل انتخابي، ومن حقها اتخاذ الموقف السياسي الذي يناسبها، لكن فرض أي خيار على الجزائريين بالعنف، أو بالإشاعات وكيل الاتهامات، أمر مرفوض ديمقراطياً وسياسياً وشعبياً».
وأوضح بن قرينة أنه يتوقع «حدوث اختلالات على مستوى الإدارة (الحكومية)، التي لا تزال تحت وطأة موروث السياسات الفاسدة للسلطة السابقة، وبعض السلوكات التي لا تزال تعمل على الإقصاء، وبعضها على إفشال العملية الانتخابية، لكن كل هذا لا يؤثر على المسار العام الذي سيكلل هذه الأيام بإفراز برلمان جديد، يحقق تطلعاتنا في إرساء دولة القانون، وإرساء دعائم الديمقراطية، وبعث مشاريع التنمية، خصوصاً أننا نشهد مشاركة واسعة للكفاءات الجزائرية بمختلف مستوياتها وشرائحها وتياراتها، بعيداً عن صورة البرلمانات السابقة، التي كانت تتحكم فيها السياسات العرجاء والمال الفاسد».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».