تعميم انقلابي يلزم مدارس صنعاء بفصل الجنسين

الجماعة داهمت حفلات زواج وفرضت غرامات على استخدام الموسيقى

TT

تعميم انقلابي يلزم مدارس صنعاء بفصل الجنسين

كشفت مصادر تربوية وحقوقيون في العاصمة اليمنية صنعاء عن عودة الميليشيات الحوثية مجدداً لارتكاب عدد من الانتهاكات والجرائم بحق المواطنين وحرياتهم بعموم مناطق ومدن سيطرتها.
وتواصلاً لمسلسل الانتهاكات الحوثية للحقوق والحريات العامة والشخصية وفي إطار استعدادات الجماعة الحالية للعام الدارسي المقبل، كشفت المصادر التربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن صدور تعميم حوثي جديد يلزم كافة المدارس الخاصة في صنعاء ومدن سيطرة الجماعة بعزل طلبة الثانوية عن الطالبات بذات المرحلة.
واعتبرت المصادر أن تلك الممارسات الحوثية بحق اليمنيين لا تختلف كثيراً عن تلك التي ترتكبها التنظيمات المتطرفة كـ «داعش» و«القاعدة» و«أنصار الشريعة» في عدة بلدان عربية.
وفي حين أشار بعض الناشطين الحقوقيين في صنعاء إلى تفوق الانقلابيين الحوثيين على كافة الجماعات الإرهابية الخارجية فيما يتعلق بالانتهاكات ضد الحريات والحقوق الإنسانية، أفادت المصادر التربوية بأن التعميم الحوثي الصادر قبل أيام عن المدعو عبد الله النعيمي المنتحل لصفة وكيل وزارة التربية لقطاع التعليم الأهلي والخاص تحت مسمى «تحديد جنس المرحلة الثانوية»، تضمن تشكيل لجان رقابية من 3 جهات هي التوجيه والرقابة والتعليم الأهلي.
وأشارت المصادر إلى أن التعميم تضمن أيضاً تهديداً مباشراً لكافة المدارس الأهلية المخالفة بالإغلاق وعقوبات أخرى، وطالب المدارس الخاصة بعمل محاضر والتأكد من عملية الفصل خلال مرحلة الطابور المدرسي وفي الفصول، خلال فترة أسبوعين، تنتهي بحلول يوم 20 من الشهر الجاري.
ويأتي ذلك التعميم الحوثي في سياق جرائم الابتزاز والتعسف التي تمارسها الجماعة ضد من تبقى من المدارس الخاصة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يزيد من كلفة التعليم على أولياء الأمور. وفق ما تقوله المصادر التربوية.
وفي السياق نفسه، شكا ملاك مدارس أهلية بصنعاء ومدن يمنية أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من حملات ابتزاز حوثية تمارس بحقهم تارة بفرض الجبايات وأخرى بإصدار قرارات مجحفة، آخرها وليس أخيرها ذريعة الفصل بين الجنسين.
وأشاروا إلى أن القرار التعسفي الأخير يأتي في سياق سياسة الجماعة الرامية لإغلاق العشرات من المدارس الأهلية على طريق إفساح المجال أمام قيادات حوثية نشطت استثماراتها مؤخراً بمجال التعليم الأهلي.
من جانبهم، عبر عاملون في القطاع التربوي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن استغرابهم الشديد حيال ذلك الإجراء الحوثي الرامي لابتزاز المدارس الخاصة، وكشفوا عن أن من بين المساعي الحوثية وراء قرارها الأخير، هو دفع ملاك المدارس إلى استئجار عقارات يملكها قادة في الجماعة.
وفي حين عبر أولياء أمور في صنعاء عن استيائهم من التعميم الذي قالوا إنه يزيد من أعباء كلفة التعليم لأبنائهم، أشاروا أيضاً إلى أن تنفيذ ذلك القرار إما أن يؤدي إلى تخصيص المدارس مبالغ كبيرة للمزيد من التجهيزات والكوادر التعليمية والإدارية الإضافية، وهو ما سينعكس بالزيادة على الرسوم المفروضة على أولياء الأمور، وإما أن يعود الطلبة إلى المدارس الحكومية التي تفتقر لأبسط الوسائل وللكوادر التدريسية بسبب قطع الميليشيا الرواتب والمستلزمات المدرسية، وفي الغالب التسرب من العملية التعليمية.
وعلى مدى السنوات الماضية، ضربت موجات عدة من الانتهاكات الحوثية حريات السكان بمناطق سيطرتها، إذ شمل بعضها تنفيذ الانقلابيين لحملات استهداف وجباية منظمة طالت صالات أفراح ومقاهي ومتنزهات ومطاعم وحفلات تخرج في صنعاء بحجج منع الموسيقى والاختلاط بين الجنسين.
وقبل نحو أسبوعين، داهم مسلحو الجماعة عرسين منفصلين بمحافظة عمران واختطفوا العشرات من المواطنين بعد مواجهة بالسلاح خلفت جرحى، وفق تأكيدات لـ«الشرق الأوسط»، من مصادر محلية.
وذكرت المصادر أن الميليشيات داهمت حينها عرسين في عمران أحدهما بمديرية ريدة بمنطقة «حمدة» والآخر بمديرية جبل يزيد بمنطقة «بيت ذانب» واختطفت 10 أشخاص من كلا العرسين ونقلتهم إلى سجن مديرية ريدة.
وقالت إن مداهمة العرسين التي تمت من قبل القيادي الحوثي المدعو أبو معين اليوسفي كانت بذريعة أن الأهالي يقومون بتشغيل آلة الأورج والموسيقى أثناء حفلي الزفاف.
وأشارت إلى محاولات الميليشيات حينها اعتقال العروسين لحظة الدهم إلا أن الأهالي والحاضرين منعوا ذلك، ما حدا بالجماعة إلى أخذ رهائن آخرين عوضاً عنهم حتى تسديد الغرامة المالية المفروضة عليهم.
وكشفت المصادر عن مواصلة الجماعة إجبار المواطنين الذين يستخدمون الموسيقى في أعراسهم على دفع مبالغ مالية تحت مسمى «الأدب العام». مشيرة بذات الصدد إلى أن المبالغ المفروضة وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من 300 ألف ريال (الدولار نحو 600 ريال).
وسبق تلك الحادثة بفترة، ارتكاب الانقلابيين جريمة أخرى مماثلة، تمثلت ببناء الجماعة لجدران أسمنتية في قاعات جامعة صنعاء (كبرى الجامعات اليمنية) بغية الفصل بين الطلبة والطالبات.
وعلق حينها وزير الإعلام في الحكومة الشرعية، معمر الإرياني، وقال إن تلك الإجراءات الحوثية تأتي في ظل قمع واسع للحريات بمناطق سيطرة الجماعة وتراجع كبير لدور المرأة في الحياة العامة والمجتمع.
وأشار الإرياني إلى أن ممارسات الجماعة «تعكس همجيتها ومحاولاتها العبثية لاستغلال سيطرتها الطارئة على العاصمة المختطفة ‎صنعاء وعدد من المحافظات لتكريس وفرض عقيدتها وأفكارها المتطرفة على المجتمع بالقوة والإكراه».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.