صالح يدعو إلى بناء دولة تضمن حماية مواطنيها

TT

صالح يدعو إلى بناء دولة تضمن حماية مواطنيها

دعا الرئيس العراقي برهم صالح إلى بناء دولة مقتدرة لضمان حماية أبنائها.
وقال صالح في تغريدة له على موقع «تويتر» بمناسبة الذكرى السابعة لمجزرة «سبايكر» التي نفذها تنظيم «داعش» بحق طلبة إحدى الكليات العسكرية وعددهم 2000 شخص، وأسفرت عن قتل 1700 منهم: «نستذكر فاجعة مجزرة سبايكر، الكارثة الإنسانية والجريمة البشعة التي ارتكبها داعش الإرهابي بحق شبابنا الأعزل من السلاح».
وأضاف صالح أن «قانون حقوق شهداء سبايكر» كان «أقل الواجب»، مضيفاً: «علينا جميعاً إنصاف ذوي الشهداء وإكمال النصر ضد الإرهاب بترسيخ دولة مقتدرة حامية لمواطنيها، تضمن عدم تكرار مثل هذه الكوارث».
من جهتها أعلنت رئاسة الجمهورية أن «رئيس الجمهورية برهم صالح كان تبنى في شهر أبريل (نيسان) 2019 مشروع قانون لإنصاف ضحايا سبايكر، وأرسلته رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب للتصويت عليه، وبعد تصويت المجلس عليه صادق رئيس الجمهورية على القانون ليدخل حيّز التنفيذ». وجاء في القانون أنه «يعد ضحايا جريمة قاعدة سبايكر التي وقعت في حزيران (يونيو) 2014 والمرتكبة من عصابات (داعش)، شهداء، سواءً الذين عُثر على رفاتهم أو المفقودين الذين لم يُعثر على رفاتهم بعد».
وكان العراقيون استذكروا أمس السبت مجزرة سبايكر في أحد القصور الرئاسية في مدينة تكريت، التي كان احتلها تنظيم «داعش» بعد أيام قلائل من احتلاله محافظة نينوى ومدينة الموصل. وعلى الرغم من الإجراءات التي اتخذتها السلطات العراقية للحد من التداعيات الاجتماعية لحادثة سبايكر التي اتهمت فيها عشائر من المنطقة الغربية، ولا سيما محافظة صلاح الدين مسقط رأس الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، فإن المطالبات تصاعدت مع حلول الذكرى السابعة لتنفيذ قرارات الإعدام الصادرة بحق المئات ممن اتهموا بتنفيذ العملية، وبعضهم من أقارب صدام حسين نفسه، فضلاً عن عشائر أخرى.
وفي هذا السياق، دعا عضو البرلمان العراقي آراس حبيب كريم في تصريح لـ «الشرق الأوسط» إلى «إنصاف ذوي ضحايا جريمة سبايكر بما يتلاءم مع حجم تلك الجريمة والتداعيات التي تركتها على جميع العراقيين». وقال حبيب إن مجزرة «سبايكر سوف تبقى وصمة عار بحق كل من تواطأ مع الإرهاب الأسود وسهّل له ما ارتكبه من فعل خسيس وجبان»، مؤكداً أن «الدم لا يسقط بالتقادم، بل كلما مضى الزمن اتسعت أكثر فأكثر تلك المشاهد البشعة التي ارتكبها وحوش العصر بحق أناس أبرياء».
وأوضح حبيب أن «أقل ما يمكن عمله هو تنفيذ حكم القصاص العادل بحق كل من ارتكب ذلك الفعل المنافي لكل الشرائع السماوية والقوانين والأنظمة والأعراف».
من جهته، طالب عضو البرلمان العراقي عن تحالف الفتح، محمد البلداوي، أعضاء البرلمان العراقي بالوقوف بقوة خلال جلسة البرلمان اليوم الأحد لإصدار قرارين، الأول يتعلق بالتنفيذ الفوري لقرارات الإعدام بحق مرتكبي جريمة سبايكر، وثانٍ يُلزم الحكومة بإيقاف قرارها بشأن عودة أسر أعضاء تنظيم «داعش» إلى الموصل. وأضاف البلداوي في تصريح له أمس السبت أن «أفضل ما يشارك به أعضاء مجلس النواب في الذكرى السابعة لجريمة العصر (سبايكر) وقوفهم بقوة لإصدار قرار بإلزام الحكومة والجهات المعنية بتنفيذ أحكام الإعدام القضائية لمرتكبي جريمة سبايكر ممن يقبعون في السجون منذ مدة طويلة».
وتابع أن «البرلمان ونوابه مدعوون أيضاً للضغط على الحكومة لإيقاف قرارها المشؤوم والمدعوم من الاستخبارات الأمريكية وبضغط من بعض الدول الإقليمية، والذي يتعلق بإعادة أسر الدواعش من معسكر الهول السوري إلى معسكر الجدعة جنوب الموصل».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.